الأدب و الأدباءالانتخابات البرلمانيةالثقافة

وديتو الشعب فين ياحازم

كتبت: سماء كمال

بعد ضعف الإقبال في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية ٢٠١٥ يتساءل الجميع “وديتو الشعب فين ياحازم”.
انتخابات بلا ناخبين، ورسالة واضحة من الشعب المصرى يعلن فيها احباطه لكل ما يجرى حوله، الشعب المصرى أحبط لعدم ظهور أيه تغيرات أو آمال نحو مستقبل أفضل، الشعب المصري هرّم من كثرة الوعود الواهية، والآمال الكاذبة، تعب من التطبيل والتهليل وعاد لثكناته غاضباً.
قاطع الإنتخابات، وفضل جلوسه على الكنبة كما كان، ومنهم من أحبط بزيادة وربما نزل تحت الكنبة ليسد آذانه ويغمض عيونه عن كل أخبار من هذا النوع، فلا مزيد من الطاقة لديه.
وكم مرات سمعنا عن حشود للمؤتمر الإقتصادي وتطبيل وتهليل وإعلان عن آمال وأحلام ومشاريع في الطريق، وأموال سوف تغير مجرى التاريخ، وقادة العالم مجتمعين، والناس فرحين، والنتيجة إحباط مع شدة معاناة للفرد والمجتمع.

٦٤ مليار جنيه لقناة السويس الجديدة تجمع من دهاليز مصر في غمضة عين، وحشود من هنا وهناك لبداية السعد وفي الموعد المحدد بالتمام والكمال يعلن عن إنطلاقة جديدة، وهشتاج عريض مصر بتفرح، وتفرح مصر، وتغني وترقص، واللي يقول افرحوا براحة شوية يُهان ويسبّ “اسكتوا خربتوا البلد .. سيبوا البلد تقوم .. سيبوا الرئيس يشوف شغله”.
وخلصت الليلة، ياترى مصر فرحت؟ وإيه النتيجه؟ هبوط سعر الجنيه أمام الدولار، وارتفاع أسعار السلع الضرورية للحياة الآدمية، وبناء عليه ذهبت الصورة الوردية، وزاد المصري إحباطاً.

ستة عشر شهراً مرت من بعد ٣٠ يونيه ٢٠١٤ ومبايعات وتفويضات وحالات من الفرح والرقص في الشوراع والميادين بعد تحرير مصر من قبضة طيور الظلام، ولكن أين ذهبت هذه المشاعر وأين الحشود والمشاركات؟
وبالرغم من كل الدعايا والحشد عن طريق التلفاز والإذاعة والأغاني الوطنية فلا إستجابة تذكر.
حتى بعدما دعاهم سيادة الرئيس السيسي قبل بداية الإنتخابات للنزول للتصويت لم يستجيب لندائه إلا القليل.

أتتساءلون لماذا؟
ربما لأن المواطن المصري قد أصابه وابل من الملل والإحباط أو شعر بلا قيمة وباع القضية ورجع مرة أخرى يختبئ خلف الكواليس، ويتلصص النظر من بعيد.

فخلال ستة عشر شهراً تسرب الأمل وماتت الأحلام ولما لا وكل أجهزة الدولة ووسائل الإعلام يطبلون ويهللون ويتركون الشعب وسط قصور من الرمال.
كذلك الدور الذي لعبته بعض الوسائل والمؤسسات، فتارة يبخس مجلس النواب هيبته وانه سوف يكون إعاقة للرئيس، وتارة أخرى يصفونه بكونه مجلس المصفقين والمؤيدين بكل قوائمه التي تتصارع نحو المبايعة والولاء.

فربما شعر البعض بأنه ما هو سوى مجلس هزلي هيكل فقط، لا قيمة حقيقة فعلية له، لأنه مفرغ سياسياً من دوره الحقيقي، مفرغ من العقول السياسية والمنافسات والصراعات على أفكار وقضايا لتغيير البلد وتقدمها.

وسيظل الحال هكذا كلما تزايدت نسبة التأييد والإصطفاف بدون عقل أو وعي وسنصل لما وصلنا له سابقاً قبل ثورة يناير وبالروح والدم نفديك ياريس .. بدلاً من بالروح والدم نفديكِ يامصر.

فعندما يتنحى الشعب عن دوره السياسي ويفرّغ المجلس من دوره الحقيقي، فقد فُتح المجال لطيور الظلام مرة أخرى للظهور والتخفي.

رجاءاً لا تجهضوا مصر سياسياً، احفظوا هيبة الشعب وحقوقه في إختيار من يمثله وكذلك حقه في الإعتراض متى كان الإعتراض واجب ولا تتهموه بالخيانة.
المصريون أصابتهم حالة من الملل والفتور وسط حالة سياسة متراخية. وبالرغم من وجود عدد من المرشحين الصالحين الذين لا غبار عليهم إلا أنه من الواضح أن غالبية الناخبين باع القضية.

والكارثة الآن لا تكمن فقط في حالة الملل والفتور التي أصيبت الشعب المصري ومنعته عن تواجده في الساحة السياسية، ولكن المأساة فيما سيترتب على هذا من تواجد طيور الظلام المنظمة والتي ستقوم عاجلاً أو آجلاً بشراء الأصوات والمقاعد وسنراهم عما قريب يعودون مرة إخرى في ثوب جديد.

ولنتفق على أن أغلبية طوائف الشعب على إختلاف أرائهم يجتمعون على حب مصر ويتمنون لها كل الخير سواء كانوا مؤيدين طوال الخط وذو أراء عاطفية دون وعي أو معارضين ولكن يتمنون أن يروا بلادهم في أبهى صورة أو صامتين كممت أفواههم وفضّلوا أن يتابعون ما يحدث في صمت.

فكفى تهليل وتطبيل ومغالطات وتبريرات ولتدرس هذه الرسالة المرسلة من كافة تيارات الشعب المصري ويفهم مغزاها أولي الأمر بكل شفافية ومصداقية ولتكن درساً تستفاد منه الأمة قبل فوات الآوان.

زر الذهاب إلى الأعلى