الأدب و الأدباء

متطمنش أنها دايمة .. لكل محطة نهاية

كتبت: سماء كمال

تخيل نفسك راكب قطر .. ماشي بيك والسكة طويلة .. قطر مليان قصص وحكايات ماشي في حاله وملوش دعوة بركابه .. وكل واحد مشغول بحكايته
ولكل قطر محطاته .. كل شوية حيقف في محطة …. بنقابل ناس .. وبنفارق ناس .. ناس جميلة وناس غريبة .. ودروس وعبر بتعلم فينا
حتلاقي جنبك ناس حبيتهم ولسه مكملين معاك .. وغيرهم اتعلقت بيهم ونزلوا .. ساعات بنتقابل مرة تانية وساعات بيستحيل اللقاومحطة ورا محطة وقصة ورا قصة وبيتشكل طريقنا .. وهي ده قصة حياتنا

بنتولد ونفتّح عنينا على أول محطة .. بيت صغير بتلمنا حيطانه وسط أنفاس أب وأم بيدفوا أيامنا وأخوات تجمعنا بيهم ذكريات وشقاوة ياما
وبنكبر وبتكبر حكايتنا وبنتعود وبنطمن لوجودهم معانا .. زي الهوا حوالينا .. عمره ماحيخلص .. كل يوم حصحي الصبح حلاقي أنفاسهم حواليه .. وبدون قصد بتاخدنا الدنيا وننشغل عنهم .. يمكن لاني مطمن لوجودهم
لكن فجأة بيوقف القطر في محطة جديدة لبداية جديدة .. ونكتشف أننا مش حنكمل زي ما كنا .. افترقنا ولازم حد حينزل .. واللمة راحت .. وقتها بتحس أنك نفسك تقولهم كلام كتير .. لكن خلص الوقت والمحطة عدّت

ونبدء من تاني نعيش ونكمل .. أسرة زوج وزوجة وأولاد حوالينا .. وتشتاق روحنا من تاني للمة العيلة .. ونتمني ولو يوم من أيامهم
لكن خلاص خلص الوقت وعدت المحطة وبعد ماكنا نايمين صاحيين مع بعض .. يبقى كويس لو يوم في الأسبوع تجمعنا محطة .. وساعات الظروف تأجل اللقا أسابيع وساعات لشهور ..
وساعات ينكتب علينا البعد أكتر وأكتر .. ونوصل لمحطة جديدة .. نتغرب أكتر .. ونفضل نبعد ونقرب .. ونعيش على ذكريات اللمة وأبويا وأمي وأخواتي

ونوصل لمحطة جديدة ونقابل ناس غريبة من غير ميعاد ولا ترتيب .. ضي جميل في غربة غريبة .. صديق بيشاركنا أجمل لحظاتنا .. وبدءت تحلو الغربة .. والأولاد بدءوا حياة طبيعية
ونعيش معاهم أجمل أيامنا .. لحظات ضحك وتهريج كتيرة بتجمعنا .. وساعة الحزن تلاقي اللي بيجرى عليك ويشاركك  بنطمن وبنتعود عليهم وبيتعودا علينا .. زي ماتعودت واطمنت لوجود أمي وأبويا وأختي وأخويا قبل ما تتغير محطاتنا وبعد شهور وأيام بنتبرمج عليهم .. زي الهوا حوالينا مطمنين إنه عمره ماحيخلص .. بنسحب فيه من غير حساب
زي الميه تفتح الحنفية تلاقيها موجودة وانت متأكد انها مش حتنشف مرة .. حتى لو قطعت شوية حترجع من تاني وتجري عايشين معاهم واحنا فاهمين انه أكيد حيجي يوم ونتفارق زي محطات كتيرة عدّت علينا .. بس إحساسنا معاهم مش مخلينا متخيلين غير انهم دلوقتي معانا
لحد ما يقف القطر في محطة جديدة .. ويحصل الفراق .. وبعد ماتعودنا عليهم .. انكتب علينا منشوفهمش .. والله أعلم حنتجمع تاني في محطة ولا ده كانت أخر محطة

الأكيد أنه خلاص اتبدلت الأحوال وانكتب الفراق.. محطة عدت ومحطة جديدة حنمشيها من غيرهم

وتلاقي نفسك وانت رايح تودعهم لسه مصدوم مش فاهم وعمّال تصبر نفسك بإنك يوم حتقابلهم .. وتحاول تجمد في مشاعرك لحد ماتيجي عنيك في عنيهم .. وتحس أن روحك بتخرج منك .. نفسك تقول كلام كتير
لكن فجأة
خلص الوقت .. وسكت الكلام .. مش بتعرف تنطق ولا كلمة .. وبتجري الدموع ف عنيك من غير ما تحس ولا تشعر .. كان نفسك الوقت يطول شوية .. ساعة زيادة ..أو حتى نصاية .. كان نفسي أحكي بزيادة .. ليه لساني وقف منّي

ومن جديد .. نمشي من غيرهم محطة جديدة .. وتمر السنين محطة ورا محطة .. وفي نهاية كل محطة أتمنى لو عشتها بكل تفاصيلها ولا انشغلت أبداً عنهم
أمي .. أبويا .. أخواتي .. زوجي .. زوجتي .. أولادي .. أصحابي .. شبابي .. جنوني .. عقلي ورزانتي .. أهدافي … كل ده محطات في حياتنا .. وكل محطة ليها ذكرياتها .. وحيجيلها يوم وحتعدي ياترى عشتها صح ولا إنشغلت بغيرها وإتفاجئت إنها خلصت؟؟

ولأن لكل محطة نهاية .. عمرك ماتتعود عليها وتطمنلها .. تفكترها زي الهوا عمرها ما حتخلص .. أو زي المية عمرها ماحتنشفوتقصر فيها وتضيعها في شد وجذب وبعد وجفا وتاب وواتس أو تقضيها في شخط ونطر ومشاعر سلبية أو خوف من محطة جاية أو بكا على غيرها فاتت ركز في محطتك واتمتع بكل مافيها .. ومتستناش لبكره .. ومتطمنش أنها دايمةعبر عن مشاعرك .. لو بتحب قول بحبك .. وخد بالك منهم
أحضن أولادك وعيش معاهم طفولتهم .. الحياة مش بس أكل وشرب ومذاكرة .. بكرة حيكبروا ويطيروا على محطة جديدة

عيشها صح وبلاش تستني لآخر ساعة .. لأن ساعتها الكلام بيروح .. والوقت بيخلص .. واللي بيروح ممكن ميرجعش

زر الذهاب إلى الأعلى