الأدب و الأدباء

“سلوى” قصة قصيرة بقلم/أشرف صلاح هندي

ياأيها الذين لا تعرفون( سلوى ) انى محدثكم بخبرها..

هى الجالسة بجوار سنواتى السبع على التختة الاولى ٠بجوار النافذة المرتفعه فرنسية الطراز.

فى الغرفة التى أكدت لى سلوى انها كانت غرفة الاميرة ابنة الباشا مالك القصر ذى الحديقة الوارفة وقد حولته الحكومة إلى مدرسة ابتدائية منذ هجم الظابط الأنيق وعساكره ليسجنوا الباشا الشرير ذى الشارب المدبب والسوط الذى يلهب به ظهور الجوارى والعبيد _ ويتزوج الظابط الوسيم من الأميرة الجميلة صديقة الفلاحين _ والحكى مازال لسلوى_ ويتخلص الجميع من سوط الباشا وظلمه….

وسلوى ..تلك البنت المدهشة كانت تعرف كل شىء..من موضع سرير الأميرة ذى الشراشف الملونة والستائر الحريرية الى المكان الذى دفنت فيه الأميرة كنزها الغامض في( الفسقية )المرمرية التى تتوسط الحديقة … وحتى مكان غرفة الفئران التى تهددنا بها( الابلة ) عندما نسيء التصرف _ كان العالم وقتها مكانا رائعا للحياة ونحن لا نكف عن الشغف..

_ كنا نراقب العصافير التى تبنى اعشاشها على أغصان شجرة المانجو العتيقة المنتصبة امام النافذة تراقب الناس تتبدل فى غرف القصر ولا تبالى أن كانوا من ارستقراط الزمن الملكى او من أبناء العمال والموظفين بالمرايل تيل نادية كالح اللون…

كثيرا ما عوقبنا _ سلوى وانا_ عندما كان أحدنا ينبه الاخر كى لا يفوته مشهد إطعام العصافير لافراخها التى تصوصو فى نزق فاغرة مناقيرها تطلب المزيد من الطعام… _ كانت سلوى هى التى أخبرتني أن العصافير تأتى من الجنة حيث يذهب الناس الطيبون مثل امها…. ويبقى الاشرار فى الدنيا لإفساد حياتنا _ انا وسلوى كنا نتقاسم الصميتة التى اشتريها من مصروفى والعسلية التى تحتفظ بها فى حقيبتها القماشية. وتحكى لى عن أنواع الحلوى العجيبة التى سيحضرها لها ابوها من البلاد البعيدة التى غاب فيها تاركا سلوي فى عهدة أقارب امها _ سلوى وانا… بكينا قهرا ونحن راكعين على بلاط الفصل الذى اذى ركبنا بالحصى المدبب وايدينا معلقة فى الهواء وقد وقعنا أسري مدرس الرسم ذى الصوت المخيف. لأننا لم نحضر كراس الرسم الجديد كما أمر… لم يقتنع ذوينا بجدوى دفع خمسة قروش كاملة من أجل( الشخبطة ) …. _طمانتنى سلوى من بين دموعها _ وقليلا ما كانت تبكى _ أن هذا الأستاذ الشرير سيدخل النار فرضيت من يومها بعدالة السماء

_ كانت سلوي لا تمانع أن تاتى معى إلى بيتنا القريب من المدرسة يوم الأحد موعد مغامرات السندباد فى التليفزيون الابيض وأسود الذى احضره ابى لنا من ليبيا.. ثم تستمع لمزيد من المغامرات التى انسجها بخيالى مدعيا انى شاهدتها فى حلقة سابقة _ سلوى وانا تبادلنا الاسرار الكبرى … فأخبرتها عن خطتى للذهاب الى البحر وركوب السفينة الكبيرة التى تبحر إلى جزر السندباد عندما اكبر لآحضر بعض الكنوز واعود لاشترى قصرا وحديقة كبيرة والكثير من الحلوى والشيكولاتة مثل التى فى اعلانات التليفزيون… سالتنى سلوى أن كانت تلك السفن تذهب الى حيث يعمل ابوها فأجيبتها بلهجة الخبير أنها سفن المغامرات والبحارة الشجعان وليست سفنا للعمال المساكين

_ سلوى وانا اختارتنا معلمة الموسيقى( الابلة فرنسا )لنتدرب مع مجموعه من الاولاد والبنات على غناء اناشيد الأمهات على مسرح المدرسة فى حفل عيد الام…… لكننا وبعد أن حفظنا أدوارنا لم نستطع تدبير ملابس الحفل: قميص ابيض وسروال وحذاء اسودين لى.. وشراب( كولون) وفستان ابيضين لها… قالت امى انها سترسل لابى ليحضرهم لى عندما يعود .. وقالت زوجة ابيها :كولون ايه؟بلاش قلة حيا…. ووقفنا نشاهد الحفل ومكاننا الخالى منا وسط الأطفال

_ فى يوم عادى.. اقتحمت امرأة جهمة ضخمة الارداف فصلنا وهى ترغي وتزبد وتتحدث بعبارات غير مفهومة. تغير لون وجه سلوى لما رأتها: خالتو نعمه…..وانكمشت بجوارى _ كانت اول مرة ارى سلوى تبكى وتتوسل المراة الضخمة أن تتركها…

_ لم نفهم ما يجرى ولم يسمح لنا احد بالسؤال…. لكن بعض الاولاد قالوا أن سلوى اخذتها قريبتها لتتزوج _ حاولت ( الابلة ) والأستاذ نبيل الناظر وعم جلال فراش المدرسةواخرين أن يقنعوها بترك سلوى حتى عودة ابيها لكنها قالت فى لهجة صارمة. ابوها مسافر وسايبهالى أمانة وانتو عابزينها ترقص باللباس…بلاش كلام فارغ…..جذبت سلوى بقسوة لتترك مكانها بجوارى.. مازلت اذكر دفء المكان ونظرة سلوى التى كانت تبحث فى وجوه الكبار الذين احاطوا بالمرأة المخيفة عن من ينقذها… كنت آخر من نظرت إليه.. . وكنت خائفا مثلها….. كانت تبدو صغيرة جدا… وسط أيديهم عندما جذبتها المرأة المخيفة……..ياللا يا بت……

_ اخذوا منى سلوى…..

_ لكننى كنت على يقين.. ان سلوى حتما ستعرف الطريق وحدها إلى مملكة السندباد.

زر الذهاب إلى الأعلى