إعداد : طارق بدراوى
بنك مصر هو أول بنك يتم تأسيسه برأسمال مصرى خالص علي يد رجل الإقتصاد الكبير طلعت باشا حرب حيث أخذ ينشر رسالة في كل المحافل داخل مصر تتلخص في ضرورة حث وتشجيع المصريين وتشجيعهم علي إستثمار مدخراتهم من أجل تحقيق النمو الإقتصادي والإجتماعي للبلاد وتمكن فعلا من إقناع عدد 126 فردا من المصريين الوطنيين ببدء الإكتتاب من أجل إنشاء البنك وبلغ مجموع مبلغ الإكتتاب 80 ألف جنيه تمثل 20 ألف سهم حيث كان سعر السهم 4 جنيهات وكان أكبر مساهم هو عبد العزيز المصرى بك من أعيان مركز مغاغة بمحافظة المنيا بصعيد مصر فقد قام بشراء 1000 سهم وفي يوم 13 أبريل عام 1920م نشر في جريدة الوقائع المصرية مرسوم تأسيس شركة مساهمة مصرية بإسم بنك مصر
وقد نص العقد الإبتدائي للشركة علي أن الغرض من تأسيس البنك هو القيام بجميع أعمال البنوك من فتح الحسابات والاعتمادات المالية وقبول الأمانات والودائع وبيع وشراء السندات والأوراق المالية والاشتراك في إصدار السندات والاقراض والتسليف بضمان البضائع والمستندات والأوراق المالية وغير ذلك مما يدخل في أعمال البنوك بلا قيد أو تحديد وأنه يجوز زيادة رأسمال البنك بقرار من الجمعية العمومية للمساهمين وأن يكون للبنك مجلس إدارة يتولي إدارته يتكون من 9 أعضاء علي الأقل و15 عضوا على الأكثر تقوم بانتخابهم الجمعية العمومية للمساهمين ومن يتم انتخابه لابد وأن يكون مالكا لعدد 250 سهما علي الأقل ولا يجوز له التصرف فيها طوال مدة عضويته ولا يجوز لمن يمتلك أقل من 5 أسهم ان يكون عضوا في الجمعية العمومية للبنك وفي مساء يوم الجمعة 7 مايو عام 1920م تم الإحتفال بتأسيس البنك
وقد وضع طلعت باشا حرب عدة محاور تكون هي الهدف الرئيسي من تأسيس البنك وهي أن يكون رأسمال البنك مصريا خالصا وأن تكون إدارته وكوادره وموظفيه من المصريين وأن تكون لغة التعامل مع البنك هي اللغة العربية إلي جانب البدء في عمليات إستثمار صناعي جنبا إلى جنب مع الإستثمار الزراعي وأن تكون المصانع التي سيتم إنشاؤها معتمدة علي الإنتاج الزراعي مما يحقق حركة تنموية للإقتصاد القومي وان تكون المصانع علي مقربة من مراكز إنتاج الخامات الزراعية وعليه قام البنك بإنشاء مصانع الغزل والتسيج بالمحلة الكبرى وسط الدلتا ووسط زراعات القطن وكذلك مصانع الزيوت والصابون وفي خلال الفترة من عام 1920م وحتي عام 1960م أنشأ البنك عدد 26 شركة في مجالات إقتصادية مختلفة شملت الغزل والتسيج والتأمين والنقل والطيران والسياحة وصناعة السينما فكان من تلك الشركات شركة مصر للتأمين وشركة مصر للطيران وشركة مصر للسياحة وشركة ستوديو مصر للتصوير السينمائي
وأدت السياسة الرشيدة الإقتصادية لطلعت باشا حرب إلى تحقيق نتائج عظيمة عادت بالنفع الكبير علي عجلة الإقتصاد المصرى وأصبحت مثلا منتجات شركات الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى خاصة الأقمشة القطنية من أجود أنواع الأقمشة في العالم حيث تصنع منها الملابس القطنية مثل القمصان والجلاليب والمفروشات والتي نالت شهرة عالمية في الخارج وكانت تطلبها كل دول أوروبا وتكريما لهذا الرجل العظيم ورجل الإقتصاد الكبير تم إطلاق إسمه علي شارع من أهم شوارع وسط مدينة القاهرة والذى يمتد من ميدان التحرير حتي الميدان الذى سمي بإسمه أيضا وتلتقى عنده شوارع قصر النيل ومحمد صبرى أبو علم باشا ومحمود باشا بسيوني والذى يتوسطه تمثال بالحجم الطبيعي لهذا الرجل العظيم
ويعد بنك مصر حاليا من أكبر البنوك العاملة في مصر حيث يملك حوالي 480 فرع منتشرة في كافة محافظات ومدن الجمهورية إلي جانب شبكة ضخمة لماكينات الصراف الآلي يبلغ عددها حوالي 850 ماكينة كما تم ربط جميع الفروع إلكترونيا بحيث أصبح العميل يستطيع أن يجرى تعاملاته من أى فرع من فروع البنك وليس شرطا من الفرع الذى يوجد به حسابه كما يمتلك البنك مركزا لبطاقات الإئتمان والصالحة للإستخدام في جميع أنحاء العالم وبالإضافة إلي ماسبق نجد أن البنك حاليا يساهم في حوالي 220 مشروعا مختلفا في أكثر من مجال فمنها مشاريع صناعية وأخرى زراعية وغذائية وأخرى سياحية وأخرى سكنية وأخرى خدمية غير نشاط البنك في مجال صناديق الإستثمار والتي يدير عن طريقها البنك استثمارات عملائه من الأفراد والشركات والمؤسسات علي حد السواء في مجالات عديدة