مقالات واراء

هلاوس الوحدة

بقلم : عبدالمنعم هلال
عن أحلامك و عن عروس الخيال و الفرص الضائعة التى تأتى مرة واحدة….فقط هى مرة واحدة… قد تبذل كل جهودك فى أن تحافظ عليها و قد تكذب نفسك وتخفى مشارعك و تخاف مواجهتها فتذهب بلا رجعة و تمضى ما تبقى من عمرك تبحث عن ظلالها فى كل ما يحيطك…تلك العيون تشبهها كثيرو لكن نظراتها لا تحتويك…هذا الوجه نحيل مثل وجهها و لكنه بارد الملامح لا تدفئك قسماته..تلك الضحكات لها نفس الصوت و لكنها ليست موسيقاها..و تظل تبحث فى كل زوايا حياتك و كل أركان المواقف التى تمر بها و فى كل الوجوه فلا تجد سوى صدى صوت أفكارك فيزيد فى رأسك شعرة بيضاء جديدة و يزيد فى قلبك تجعيدة أخرى… تمشى وحدك فى الشوارع أنت و سجائرك أصدقائك الأوفياء الذين لم يتخلوا عنك أبدا لأكثر من خمسة و عشرون عاما و عندما لا تجدهم يتملكلك الخوف و تهرول فى الطرقات بحثا عنهم…تتناول الطعام وحدك…تفرح وحدك و تضحك وحدك تحزن وحدك و تبكى أيضا وحدك…تعيش أحلامك داخل عقلك و تحقق نجاحات مشوشة هناك لا يشعر بها أحد إلا أنت وحدك فتصفق لنفسك داخلك و تنحنى لتحيى الجماهير الوهمية التى تعيش فقط فى داخل عقلك و وجوهم كلهم واحدة هى نسخ متكررة من وجهك أنت..!!…تُحب فى سراديب عقلك أنثى ليس لها وجود إلا فى مخيلتك أنت فقط تربت بكفها على وجهك فتطمئن و تبتسم و تمد يدك لتضعها على يدها فتلمس يدك خدك فتجده باردا فتتلاشى إبتسامتك…تعشق تفاصيل جسد وهمى يعيش فى أحضانك داخل أحلامك وحدك ترقد بجانبك و تقبل جبينها قبل أن تنام لتصحو فى الصباح فلا تجد أحدا هناك…ترى طفلا صغيرا يتشبث بيدك و تحاول جاهدا أن تعلمه كيف يعيش الحياة و كيف يكون إنسانا و كيف يمتلىء بالأحاسيس و كيف يعبر عنها و كيف يصبح رحيما و تلتفت لتمنحه الحب و الإبتسامة فهو طفلك الصغير الذى طالما تمنيته و عندما إلتفت لم تجد هناك إلا سرابا فقد كانت يدك تتشبث بالهواء…و عندما تصل إلى منتصف العمر فقط أنت و أنت…تنتظر ملاك الموت ليأتى فيقبض روحك أنت وحدك…لم تقاومه بل كنت مستسلما تماما فقط سألته : لما تأخرت كل هذا الوقت فقد أنتظرتك طويلا ؟؟ و تطلب منه ألا يتركك وحدك..و لكنه يعتذر لك قائلا ليس لى إلا أن أقوم بمهمتى و أتركك وحيدا…لترقد فى بضعة أمتار تخلو من أحد إلا أنت وحدك…كل ما يؤرقنى هو اننى فى تلك الحفره الضيقة المظلمة لن أجد أصدقائى الأوفياء..سوف أكون وحدى تماما دون حتى سجائرى..!!!

زر الذهاب إلى الأعلى