اسليدرالأدب و الأدباء

من الذي قتل “شهداء” رابعة؟!

كتب / د.صلاح عبادة
يكثر الضجيج الموسمي في ذكرى فض الاعتصام المسلح المنظم الذي أقامه الإخوان المسلمون في ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر بعد نجاح ثورة 30 يونية و3 يوليو وما استتبعه من عزل للرئيس السابق الدكتور محمد مرسي من الحكم، وخروج جماعة الإخوان المسلمين من المعادلة السياسية برمتها ودخولها في صدام وعداء مباشرين مع “الدولة” المصرية بكل مؤسساتها بل ومع الشعب المصري نفسه!!

وفي قلب هذا الضجيج يثور سؤال “شهداء رابعة” الذين يجعل منهم الإخوان المسلمون “قميص عثمان”.. وهو رمز الثأر والقصاص في الظاهر .. ورمز الرغبة الحارقة في الاستئثار بالسلطة في حقيقة الأمر.. فهل يبدو السؤال بديهيا حين نسأل: من الذي قتل “شهداء” رابعة العدوية؟ وبأي ذنب قتلوا؟

وحينما تُطرح قضية “شهداء” رابعة تقفز إلى الذهن قضية قتل الصحابي الجليل “عمار بن ياسر” وهو يقاتل في جيش “علي بن أبي طالب” ضد “معاوية بن أبي سفيان” الذي رفض مبايعة “علي” بالخلافة وأرادها لنفسه ثم لأبنائه من بعده.. لما قتل “عمار” قال “عمرو بن العاص” :” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عمارا الفئة الباغية . فقال معاوية: قبحك الله من شيخ فما تزال تتزلق في قولك أونحن قتلناه ؟!إنما قتله الذين جاءوا به …” وفي رواية أخرى قال “معاوية عن “عمار”: “قتله من أخرجه”. يعني عليا بن أبي طالب، كرّم الله وجهه!

شاهدي هنا هو: ” إنما قتله من أخرجه” ..وقياسا عليه فإن جماعة الإخوان في سعيها المحموم إلى السلطة والسياسة هي التي خدعت تلك الجماهير المحتشدة في ميدان “رابعة العدوية” وأخذت تنفخ فيهم لأكثر من أربعين يوما وتحمسهم للدفاع عن الإسلام وعن عودة الرئيس مرسي وعن الشرعية التي دونها الرقاب ….إلخ وحين جد الجد هرب القادة المغاوير وتركوا البسطاء السذج الذين صدقوهم ليلاقوا مصيرهم في مواجهة آلة الدولة.. الإخوان المسلمون هم الذين قتلوا “شهداء رابعة” لأنهم هم الذين أخرجوهم وأوهموهم بضرورة عودة الرئيس مرسي ولم يكونوا يريدون في الأصل إلا تحسين موقفهم التفاوضي مع الدولة الجديدة بعد 30/6 أي ليفوزوا ولو بجزء ضئيل من كعكة السلطة الضائعة!! ولست أنا من يقول هذا الكلام ولكنه أحد قياديي جماعة الإخوان المسلمسن أنفسهم ..إنه “حمزة زوبع” في برنامجه “مع زوبع” على قناة “مكملين” الذي قال إن اعتصام رابعة لم يكن هدفه ولا في مقدوره إعادة الرئيس محمد مرسي ..وإنما كان ورقة ضغط تستخدم عند الجلوس والتفاوض مع السلطة القائمة بعد 30/6 مع رفض “زوبع” لوقائع 3 يوليو طبعا !!..ما هذه السذاجة يا عم زوبع..يا رجل أنت قيادي في جماعة الإخوان ..فعلا مستوى تفكير لا يصدر إلا عن قيادات..ولا أريد الاسترسال في هذا الأمر فهو متروك لبقية “القيادات العليا” للإخوان التي ستحاسب زوبع بمعرفتها ..وقد بدأت بالفعل..

“رابعة” إذن بكل شهدائها وحرائقها وتهويلاتها وكفرياتها وزخمها صارت رمزا للخداع حتى لأقرب المشاركين فيها..إنها بنت جماعة الإخوان المسلمين بامتياز.. ومن شابه أمه فما ظلم !! الإخوان المسلمون تلك الخدعة الكبرى التي ابتلي بها الإسلام وابتليت بها مصر لأكثر من ثمانين عاما ..مدعية خدمة الدين والإصلاح وما هدفها في الحقيقة إلا السلطة والسياسة والتحكم وحب الظهور والاستعلاء والاستطالة على رقاب العباد موظفة الدين في خدمة ذلك كله ..ولأضرب لكم مثلا واحدا لمن يريد الإصلاح الحقيقي ..إنه أعظم مصلحي مصر في العصر الحديث في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الإمام محمد عبده هل طلب السلطة لتكون أداته في الإصلاح كما يدّعي الإخوان المسلمون؟ على العكس من ذلك كان الإمام محمد عبده رحمه الله ينفر من السياسة ويفر منها وله في هذا السياق مقولة مأثورة كان يقول : ” لعن الله الفعل ساس يسوس” الذي تشتق منه لفظة السياسة أصلا..

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر
زر الذهاب إلى الأعلى