أخبار عاجلة

دار غراب وخطوات واثقه نحو ثقافه عربيه بسحر البدايات للكاتب العراقى خزعل الماجدى

الدكتور عزوز اسماعيل أستاذ الأدب والنقد

المركز الدولي للكتاب وسط القاهرة * السبت 9/ 12/ 2017 *
ليلة ساخنة في مناقشة “سحر البدايات” مع أستاذنا الكبير الدكتور يسري عبدالغني بحضور المؤلف الدكتور خزعل الماجدي، ولفيف من الأدباء والمثقفين وأدار الندوة الأستاذ حسن غراب، ..

يغوصُ الكتاب في أعماق التَّاريخ وما قبل التَّاريخ؛ باحثاً ومنقباً عن تلك البداياتِ الحَقِيقية في كافةِ العلوم ومناحي الحياة، فالبداياتُ في أي شيءٍ عَتَباتٌ نَـصِّــيَّةٌ لذلك الشَّيء أياً كان نوعُ العلمِ المستعمل فيه، فبداياتُ الحضاراتِ عتبات على ما وصلت إليه كلُّ حضارة، وما الحضارةُ بأكملها إلا نصٌ مفتوح للجميع ينهلون منه. هذا النَّـصُ كانتْ له بداياتٌ، تلك البدايات تُسمى بِسِحْرِ البدايات، لماذا؟ لأنَّ البداياتِ دائماً فيها سحرٌ وعجبٌ؛ ذلك أنَّ الأمرَ لم يَكُن مَعروفاً من قبل فأصْبَحَتْ البِدَايةُ أو التَّجربةُ من العجائب أو إنْ استطعنا القول من السِّحر، أي من الشَّيءِ الخارقِ للطَّبيعة، حتى في بدايات العلوم والمعرفة، والخوض في علم جديد له أيضاً سِحْرُه وعجبه، فعباسُ بن فرناس حين أراد الطَّيران سَخِرَ منه الجميع، وأصرَّ على ذلك، ولكنَّه دفع حياته ثمناً خدمةً للبشرية، وجعل العلماءَ يفكرون في الطيران وبالفعل كانت بدايته عجيبة، حيث وَقفَ العلماءُ عند هذا الحِّـد ليبدأوا منه رحلة البحثِ عن الطيران، فكانتْ الطائراتُ والصَّواريخ، وكل الأشياء التي تؤكد على قول المولى عز وجل “ويخلق ما لا تعلمون”. من هنا يمكن للدَّارسين البحثَ في بداية علم الطِّبِ مثلاً والذي كان في بدايته علاماتياً، ذلك أنَّ العارفَ في الطِّب يعرفُ المرضَ من خلال العلامة التي يراها في وجه المريض كما كان عند اليونانيين القدماء، وما حدث في الطبَّ حدث أيضاً في الهندسة والفيزياء والطبيعة، والفلسفة.. ويمكن لأيِّ مُطَّلعٍ أومثقفٍ أراد دراسة شيئاً في تلك العلوم أو تلك الحضاراتِ فعليه بالبحثِ عن البدايات فسيجد فيها حبَّـاً وسِحْراً يستهويانه يقول الدكتور خزعل الماجدي في هذا الكتاب” البداياتُ سحرٌ ما بعده سحر، فبداية كُلِّ شيء إنَّما عتبةٌ للدخول إلى عالمٍ جديدٍ ما زال غامضاً محتشداً بالأسرار، ومليئاً بالأسئلة وفي داخل كلِّ إنسانٍ – شعر بذلك أم لم يشعر- نزعةٌ للبحث عن البدايات أو الأصول أو الجذور..البداياتُ غامضةٌ دائماً، ونزعة البحث عنها في داخلنا، هي الأخرى، غامضة، وفي الغموضين ما يمنحنا لذة مُزدحمة من شعور بالماضي الغائب والحاضر الجديد، وشعور بكثافة روحية وتبصُّر علمي في الوقت نفسه” . ونذكر ما دمنا نبحث البدايات ما خطه الدكتور خزعل “سِحْرِ البدايات” حين بحث في هذا الكتاب الضخم عن البدايات في أمور عديدة؛ بدءاً من بداية الكون والأرض والإنسان، فكلُّها بداياتٌ، وكما قلنا إنَّ البدايات والبحث فيها تستهوي الإنسانَ، ومروراً ببداية التَّاريخ، والزِّراعة ووجود المجتمع، وبداية الكتابة نفسها، وبدايات الفنون، والأديان والعلم؛ لذلك فإنَّ تلك البدايات من الأهمية بمكان أن نتناول بعضها باعتبار أنَّها بدايةٌ للعلوم كافةِ، ومراحلها وما العلم والحياة والفنون والأديان إلا نصوصٌ لها بداياتُها الملهمة، ولها حياتُها التي عاشَتْها منْ أجْلِ الإنسانِ، وكان العلمُ هو الطريق الوحيد المعبِّر عن تلك البدايات تعبيراً صَادقاً لا أسطورياً كما كان الحال من قبل، لأنَّ العلمَ يُثْبِتُ الشَّيءَ بالدَّليل على وجود بداية هذا الشَّيء. وإذا كان الكونُ بدايتُنا الأولى فإنَّه في الوقت نفسه المتاهةُ الكبرى في حياتنا، يقولُ صاحبُ الكتاب” منْ يُصَدِّقُ أنَّ الكونَ نشأ مِـنْ صدْعٍ في سديم الطاقة الذي لا أحد يعرف بدايةً أو نهايةً له، ذلك الصدع الذي بدا وكأنَّه رمية حجر في بركة ساكنة، ومِـنْ هذا الصدعِ الصغير جداً انشقَّ نسيج الطاقة، وأحدث انفجاراً كونياً أدى إلى انتفاخ بالوني من سطح النسيج وهذا البالون، تحديداً هو الكونُ” . هذه كانتْ بداية الكونِ التي تناولها العلماء وكيف أنَّ هذا الكونَ الذي نعيش فيه بدأ بذلك الانفجار العظيم، وما زال الكون في تمدده وإذا كان العلماء قد حددوا أن الكونَ بدأ منذ 13 مليار سنة فإنه سيستمر إلى 100 مليار سنة، وهذا يؤكِّـد أنَّ الكونَ سيستمر في التمدد، وأنَّ خلقه كاملاً لم ينته بعد. كذلك الأمر في بداية الأرض؛ “حيث جاءت كلمةُ أرضٍ من اللغة السُّومرية حيث(أر)و(أرد) تعني الأرض، وقد دخلت هذه المفردات اللغات السَّامية والعريية وصارتْ (أرض) والنظرياتُ العلمية تقول:” إنَّ المجموعات الشَّمسية تكوَّنت كلها دفعة واحدة، فالأرضُ مثلاً لم تنفصل عن الشَّمس، وتبرد تدريجياً، بل هي ولدت مع الشَّمس” . وقد تكونت الأرضُ منذ البدء من العناصر الأربعة المعروفة النار والتُّراب والماء والهواء، وكانت هذه هي البدايةُ. أمَّا بدءُ الإنسانِ فكانت بدايةً تقريباً كما أجمع العلماء منذ ثلاثة ملايين عاماً، وهي بداية بعيدة، تضرب بعمق في جذور ما قبل التاريخ، وهناك أساطير عديدة تحكي ذلك منذ أن خُلق آدم عليه السلام، وقد عاش الإنسان في البدء في الكهوف والغابات، وتغذى على الأشجار التي كان يتخذها لحافاً لجسده، وكان عليه أن يدافعَ عن نفسه من الحيواناتِ المفترسة، وما أكثرها آنذاك، وقد عاش الإنسانُ حالةً وحشيةً حين كان يصارع من أجل البقاء فانتقل من الوحشية إلى البدائية، وبدأ يكوِّن جماعات، والحياة على الأرض أرغمت ذلك الإنسان أن يكون حيواناً ناطقاً كي يعيش، ومن الطبيعي أنَّ البداياتِ تكون فيها نوعٌ من الوحشيةِ والصعوبةِ وكانت حياةُ الإنسانِ فيها ذلك الأمر، وعاش الإنسانُ فترةً طويلةً منذ 300 ألف سنة وهي الفترة التي حاول أن ينتقل فيها من اللاوعي إلى الوعي، ومع فجر التاريخ Dawn of history أو فجر الضمير Dawn of Conscience على حد تعبير جيمس هنري برستد والذي يحدده العلماء منذ 12 ألف عام، بدأ الإنسان ينظم شؤونه، يقول برستد” إنَّ الحقيقةَ القائلةَ بأنَّ أفكارَ الإنسانِ الأول الخُلقية أتتْ نتيجةً لخبرته الاجتماعية الشَّخصية تُعدُّ من أعمق المعاني لرجال الفكْرِ في عصرنا” .

احمد فتحي رزق

المشرف العام
زر الذهاب إلى الأعلى