المحافظات

مصيف رأس البر

بقلم المهندس/ طارق بدراوى
رأس البر مدينة مصرية تتبع محافظة دمياط وتشكل شبه مثلث من اليابسة يطل ضلعه الشرقي على نهر النيل والغربي على البحر المتوسط وقاعدته على القناة الملاحية لميناء دمياط ويلتقي عند قمته مياه البحر المتوسط المالحة بمياه نهر النيل العذبة في المكان المعروف بإسم اللسان حيث يصب النيل مياهه في البحر بعد رحلة طولها 6695 كم يقطعها جنوبا في أراضي عشر دول أفريقية وتتبع المدينة إداريا محافظة دمياط وهي أحد المراكز الخمس التابعة لها وتبعد عن شمال القاهرة بنحو 250 كم وتتميز المدينة بموقعها المتميز بين ساحل البحر المتوسط ونهر النيل وهوائها النقي الجاف وشواطئها ذات المياه الهادئة التي تتسم بقلة الرطوبة وكثرة اليود بالجو ويتسم مناخ المدينة بإعتدال الجو وجفافه فيما يمتاز تخطيطها العمراني بالأناقة والتنظيم فضلا عن كثرة الحدائق والأشجار وقد عرفت المدينة قديما قبل الفتح العربي بإسم جيزة دمياط أي ناحية دمياط وعندما زارها المؤرخ الشهيرالمقريزي سماها مرج البحرين أما إسمها الحالي رأس البر فقد سميت به بسبب موقعها على خريطة مصر حيث تعد المدينة المصرية الوحيدة التي تطل على ساحل البحر المتوسط وتشكل أراضيها لسانا من اليابسة داخل الماء
وتعود نشأة المدينة إلى عام 1823م في عهد محمد علي باشا حين كان مشايخ الطرق الصوفية وأتباعهم بدمياط يسيرون نحو الشمال مع النيل للإحتفال بمولد الشيخ الجربي بمنطقة الجربي المعروفة بجنوب رأس البر وكذلك كان التجار يترددون عليها قديما لمقابلة سفنهم العائدة من رحلاتها التجارية وأخذت المدينة تكبر يوما بعد يوم إلى أن أصبحت في جمال شواطئها وهدوء مياها من أهم المصايف المصرية الشهيرة على ساحل المتوسط كما أنها تعد أيضا من أقدمها وظلت المدينة مصيفا لكثير من مشاهير السياسة والعديد من الوزراء والفنانين المعروفين في مصر قبل ثورة يوليوعام 1952م وبعدها ومن أبرز هؤلاء كان الملك فاروق ورئيس مجلس الوزراء ورئيس حزب الوفد مصطفي النحاس باشا والوزير المعروف مكرم عبيد باشا وسيدة الغناء العربي المطربة أم كلثوم والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وكانت تعرض بمسارحها العديد من المسرحيات الشهيرة لكبار الفنانين وكذلك كانت تقام بها العديد من الحفلات الغنائية لكبار المطربين والمطربات أثناء الصيف
ويقوم إقتصاد المدينة بشكل رئيسي على السياحة الداخلية صيفا حيث تنشط حركة تأجير العقارات للمصطافين وتجارة الأسماك وتصنيع وتجارة المخبوزات والحلويات الشرقية بمحلات المدينة الشهيرة مثل بلبول ودعدور وتشتهر المدينة حاليا بكونها مصيف الطبقة الوسطى من المصريين نتيجة لأسعار الإقامة بها التي تعد في متناول أيديهم وتمتاز المدينة بوجود عدد من المزارات الجميلة من أهمها منطقة اللسان وفنار رأس البر التي شيدت عند شاطئ البحر المتوسط لترشد السفن ليلا والتي شهدت المنطقة المحيطة بها تطويرا جعلها مزارا مهما ومنطقة الجربي التي كانت تشهد قديما الإحتفالات بمولد سيدي الجربي وكورنيش النيل والعشش هو الإسم الدارج بين أهالي المدينة والذي يطلق على المنازل المصيفية ويعود أصل تلك التسمية إلى الوقت الذي بدأت تدب فيه الحياة بالمدينة بعدما إعتادت بعض الأسر المصرية من قاطني مدن الدلتا الخروج للتنزه في مراكب شراعية في النيل خلال فصل الصيف وصولا إلى الشاطئ النهري للمدينة وهناك أقاموا أكواخا بدائية من البوص ليقيموا فيها بعض الوقت وهو ما إصطلح على تسميته العشش ثم تم تطويرها إلي بنايات بالطوب حتي إرتفاع متر تقريبا ثم يتم إستكمال جدرانها وأسقفها بما يسمي الأكياب وهي عبارة عن لفافات من البوص المتشابك كالحصيرثم تحولت فيما بعد إلى مبان خرسانية حديثة وفيلات فاخرة وقد قامت السلطات المصرية بوضع أول خريطة هندسية للمدينة في عام 1902م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني تظهر فيها مواقع العشش وأرقامها والأسواق وغيرها كما تمت إضاءة شوارعها بالفوانيس مما ساهم في بقاء المدينة حتى وقتنا الحاضر في مظهر حضاري ومنظم بعيدا عن العشوائيات
وقد إغتنم أهالي المدينة الإمكانيات الطبيعية التي حبا الله بها مدينتهم وبدأوا في إقامة عشش لتأجيرها للمصطافين في بداية كل صيف وذلك منذ بدايات شهر مايو وحتى شهر نهاية شهر سبتمبر من كل عام لأن مياه البحر كانت تغرق العشش في الشتاء وهو ما تم علاجه لاحقا ببناء مصدات خرسانية للأمواج كما أقامت مصلحة الموانئ المصرية رصيفا من الخرسانة المسلحة طوله 250 متر وعرضه متران ونصف المتر لوقاية ساحل المدينة من التآكل وهو ما يعرف الآن بـمنطقة اللسان وتبع ذلك إنشاء كوبري دمياط للربط بين ضفتي النيل لتسهيل الإنتقال بالسيارات من رأس البر وإليها هذا ويمكن الوصول إلى مدينة رأس البر عبر عدة طرق برية مختلفة تتمثل في طريق القاهرة/الإسماعيلية/بورسعيد/دمياط/رأس البر بالإضافة إلي طريق القاهرة/بنها/ميت غمر/المنصورة/شربين/رأس البر والطريق الساحلي الدولي الإسكندرية/رشيد/بلطيم/ رأس البر ومما هو جدير بالذكر أنه قد تم تهجير الكثير من أبناء مدينة بورسعيد إلي مدينة رأس البر بعد حرب الخامس من يونيو عام 1967م حيث أنها تعد أقرب المدن المصرية إلي بورسعيد فالمسافة بينهما حوالي 50 كم وبعد النصر الذى أحرزته مصر في حرب أكتوبر عام 1973م وإعادة تعمير مدينة بورسعيد عاد من تم تهجيرهم إلي مدينتهم مرة أخرى.

13151852_10207706809806077_2747089145981881018_n 13174069_10207706810486094_4286458529063184445_n 13233017_10207706809646073_7953852487176617264_n

زر الذهاب إلى الأعلى