اسليدرالتقارير والتحقيقاتمقالات واراء

في ذكرى تأميم القناة والعدوان الثلاثي

بقلم : د٠إبراهيم خليل إبراهيم
يوم 26 يوليو 1956 أعلن جمال عبد الناصر في خطابه الذي ألقاه في ميدان المنشية بالإسكندرية القرار التاريخي وهو تأميم شركة قناة السويس بعد أن سحبت الولايات المتحدة عرض تمويل السد العالي بطريقة مهينة لمصر ثم تبعتها بريطانيا والبنك الدولي.

قدمت بريطانيا على إثر القرار احتجاجاً رفضه جمال عبد الناصر على أساس أن التأميم عمل من أعمال السيادة المصرية فقامت هيئة المنتفعين بقناة السويس بسحب المرشدين الأجانب بالقناة لإثبات أن مصر غير قادرة على إدارة القناة بمفردها إلا أن مصر أثبتت عكس ذلك واستطاعت تشغيل القناة بإدارة مصرية كان على رأسها مهندس عملية التأميم محمود يونس بمرافقة زميليه عبد الحميد أبو بكر ومحمد عزت عادل.

كان نتيجة هذا القرار التاريخي قيام فرنسا وبريطانيا وإسرائيل بالعدوان الثلاثي على مصر أيضا كان من أسباب هذا العدوان توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي تقضي بتزويد مصر بالأسلحة المتقدمة والمتطورة بهدف تقوية القوات المسلحة لردع إسرائيل مع العلم أن توقيع هذه الاتفاقية لم يأت إلا بعد رفض الدول الغربية تزويد مصر بالأسلحة الأمر الذي دفع إسرائيل للاشتراك في هذا العدوان أيضا من أسباب العدوان الثلاثي دعم مصر للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وإمدادها بالمساعدات العسكرية مما أغضب فرنسا وحرضها على المشاركة في العدوان هذا بالإضافة إلى أن تأميم قناة السويس منع إنجلترا من التربح من القناة التي كانت تديرها قبل التأميم.

في يوم ‏24‏ أكتوبر عام 1956 وبعيدا عن العيون تم توقيع معاهدة العدوان على مصر في سيفر‏ إحدى ضواحي باريس عاصمة فرنسا وهذا هو نص المعاهدة ‏:‏ ‏تقوم القوات الإسرائيلية بخلق حالة صراع مسلح علي مشارف قناة السويس لتستغلها بريطانيا وفرنسا كذريعة للتدخل العسكري ضد مصر‏ وتوفر القوات الجوية الفرنسية الحماية الجوية لإسرائيل كما توفر القوات البحرية الفرنسية الحماية البحرية للمياه الإقليمية الإسرائيلية‏ وتصدر بريطانيا وفرنسا إنذارا مشتركا لكل من مصر وإسرائيل لوقف أعمال القتال والابتعاد عن القناة مع قبول مصر احتلال منطقة القناة احتلالا مؤقتا بواسطة القوات الانجلو فرنسية لحماية الملاحة البحرية فيها‏.‏

‏تقوم القوات الجوية البريطانية بتدمير المطارات والطائرات والأهداف العسكرية المصرية وتحقق السيطرة الجوية في سماء مصر‏ وتدافع فرنسا عن موقف إسرائيل في الأمم المتحدة وفي الوقت نفسه تبذل بريطانيا جهودها بصفة سرية بالاتصالات الخاصة لمساندة إسرائيل دون أن تكشف علانية عن ذلك حتى لا يضار مركزها في الوطن العربي‏.‏

وقام بالتوقيع على ذلك باتريك دين المستشار القانوني للحكومة البريطانية وكريستيان بينو وزير خارجية فرنسا ودافيد بن جوريون رئيس الوزراء ووزير دفاع إسرائيل‏ وتم الاتفاق على أن يحتفظ كل طرف بنسخته ولا يظهرها أبدا‏ .

في الساعة السادسة والربع بتوقيت القاهرة مساء يوم 31 أكتوبر عام 1956 توجه إيبفون كيركيا تريك السكرتير الدائم في الخارجية البريطانية بصحبة بينو الفرنسى إلى السفارة المصرية في لندن وسلما إلى السفير المصري إنذارا موجها من فرنسا وبريطانيا إلى مصر وإسرائيل وتسلم القائم بالأعمال في السفارة الإسرائيلية نفس الإنذار بعد عشر دقائق من تسليمه للسفير المصري وأعطيت لمصر وإسرائيل مهلة 12 ساعة لقبوله

وجاء في الإنذار : أن الحرب القائمة بين مصر وإسرائيل من شأنها أن تعطل حرية الملاحة في قناة السويس ولذلك وحتى تقف الحرب فوراً ولكي تستمر حرية الملاحة طلبت حكومة بريطانية وفرنسا إيقاف العمليات الحربية في الأرض والبحر والجو وتتراجع كل من القوتين المتحاربتين وتنسحب القوات العسكرية إلى مسافة عشرة أميال من قناة السويس وتقبل مصر احتلال القوات البريطانية والفرنسية للمواقع الرئيسية في بورسعيد والإسماعيلية والسويس.

وعلى مصر وإسرائيل الرد على هذه المطالب خلال 12 ساعة في موعد أقصاه الساعة السادسة والنصف صباح يوم الثلاثاء 31 أكتوبر 1956 على أنه إذا انقضى هذا الأجل ولم تنفذ أحد الدولتين أو كلتاهما هذه المطالب فإن القوات المسلحة لكل من بريطانيا وفرنسا ستتدخلان بالقدر وبأي قوة يرونها ضرورية لضمان الامتثال لهذا التبليغ .

حدث هذا الإنذار في وقت كانت الملاحة فيه منتظمة في القناة لا يعوقها عائق وحدث هذا أيضا في الوقت الذي كانت القوات المصرية المنتصرة ترد العدوان والجيش الإسرائيلى على أعقابه وكان رئيس وزراء بريطانيا وقتئذ أنتوني إيدن وكان وزير خارجيته سلوين لويد بينما كان رئيس وزراء فرنسا گي موليه ووزير خارجيتها كريستيان بينو.

كان الإنذار يعنى بالنسبة لمصر يعني انسحاب وتراجع القوات المصرية إلى مسافة عشرة أميال أي 15 كيبلو متر من الشاطئ غرب قناة السويس ويحتم على قوات الجيش المصري الانسحاب غربا للوراء خلف ضفة القناة الغربية لمسافة 15 كيلو متر داخل صحراء ومزارع أرض محافظة الشرقية تاركة منطقة القناة ومدنها وكافة القواعد والمخازن العسكرية والمطارات والمعدات الموجودة في منطقة القناة والتي كانت مصر قد حصلت عليهم نتيجة لاتفاقية الجلاء سنة 1954 بينما تترك شبه جزيرة سيناء لإسرائيل ولحريتها في التقدم والاستيلاء على ألأرض المصرية دون قتال حتى مسافة تبعد 15 كيلو متر من الضفة الشرقية لقناة السويس مما يعنى أيضا أن تتخلى مصر عن كافة أراضيها في شبه جزيرة سيناء بأكملها وقناة السويس ومجرى الملاحة بكامله وجميع مدن منطقة قناة السويس.

كان يعنى أيضا تخلى مصر عن سيادتها على أراضيها في سيناء وعن منطقة القناة بأكملها لبريطانيا وفرنسا وإسرائيل وتمكين التواجد بمواجهة منطقة فايد ومعسكراتها ومخازنها المعبأة بالمعدات الحربية البريطانية الجديدة التى تركها البريطانيون هناك تبعا لاتفاقية الجلاء لاستعمالها في المستقبل إذا حدثت مشاكل عالمية ..

هذا علاوة على تخلى مصر عن مطارات قاعدة الدفرسوار التى تتميز بأفضل وأطول المهابط الجوية في منطقة الشرق الأوسط بأجمعها ومخازنها تحت الأرض المعبأة بالمعدات الحربية المتقدمة وخاصة العربات

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى