في مؤتمر دولي بعنوان “المساءلة عن الجرائم الفظيعة” انعقد في باريس في أيلول (سبتمبر) 2024، نظمته منظمة العدالة لضحايا مجزرة صیف عام 1988 في إيران (JVMI)، تم تسليط الضوء على مذبحة عام 1988، التي تعد فصلاً مظلمًا في تاريخ إيران. خلال تلك الفترة تم إعدام آلاف السجناء السياسيين، معظمهم من أعضاء مجاهدي خلق، بأوامر مباشرة من آية الله الخميني. وتعد هذه المذبحة واحدة من أبرز الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على الحاجة المستمرة لتحقيق العدالة والمساءلة عن هذه الجرائم.
ألقت السیدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الكلمة الرئيسية، حيث أكدت على رؤيتها لإيران ديمقراطية، وأهمية معالجة الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام الإيراني في الماضي. كما سلطت الضوء على الاحتجاجات المستمرة للسجناء السياسيين في إيران، والذين ينظمون إضرابات عن الطعام كل يوم ثلاثاء لمدة 30 أسبوعًا، احتجاجًا على الإعدامات المتزايدة. دعت رجوي المشاركين في المؤتمر والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم إلى دعم حملة “لا لعقوبة الإعدام”، وهي مبادرة تهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام في إيران، حيث يتم استخدامها كأداة للقمع.
بدأ الحدث بكلمات من أزاده زابطي، وثم تم عرض فيلم وثائقي قوي من متحف أشرف – 3 في ألبانيا. المتحف، الذي يقع في مجتمع يضم آلافًا من أعضاء مجاهدي خلق، بما في ذلك نحو 1000 سجين سياسي سابق، يمثل شهادة على صمود الناجين من وحشية النظام الإيراني. قدم الفيديو تذكيرًا مؤلمًا بالفظائع التي ارتكبت خلال مذبحة عام 1988 والنضال المستمر من أجل العدالة.
شهد المؤتمر مشاركة متحدثين بارزين من بينهم د. شيلي إيبوي أوسوجي، الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية، والبروفيسورة ليلى نادية السادات، الخبيرة في الجرائم ضد الإنسانية. ووضعت مشاركاتهم المذبحة ضمن السياق الأوسع للقانون الدولي وحقوق الإنسان، مع التركيز على الحاجة إلى المساءلة.
أكد البروفيسور ويليام شاباس، الخبير في دراسات الإبادة الجماعية، على جسامة الجرائم التي ارتكبها النظام الإيراني.
ركز المؤتمر على الوضع الراهن لحقوق الإنسان في إيران. قدم كينيث لويس، محامي منظمة مجاهدي خلق في المحاكمة السويدية لحميد نوري، المسؤول الإيراني السابق المتورط في مذبحة 1988، تحليلًا قانونيًا لاستراتيجيات محاسبة المسؤولين. وتمثل المحاكمة السويدية واحدة من الحالات القليلة التي تمت فيها محاسبة مسؤول إيراني عن دوره في المذبحة، مما يسلط الضوء على أهمية الآليات القانونية الدولية.
قدّم البروفيسور جاويد رحمن، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران، دراسة شاملة عن الانتهاكات التي ارتكبها النظام منذ ثورة 1979. وثّق رحمن استخدام النظام للإعدامات الموجزة، والتعذيب، والاضطهاد، والاختفاء القسري، والعنف القائم على النوع الاجتماعي كأدوات للقمع.
شارك في المؤتمر ناجون من مذبحة 1988، وقدموا شهادات مؤلمة عن تجاربهم. سلطت قصصهم الضوء على التكلفة الإنسانية للمذبحة والنضال المستمر من أجل تحقيق العدالة. شجاعتهم وصمودهم كانا محورين في المؤتمر، مؤكدين على الحاجة الماسة للعمل الدولي لمحاسبة النظام الإيراني.
انتقد البروفيسور ستيفن شنيبوم من جامعة جونز هوبكنز محاولات إيران للتلاعب بالأنظمة القانونية الدولية، لا سيما عبر استخدام نشرات الإنتربول لملاحقة أعضاء مجاهدي خلق. وصف شنيبوم هذه التصرفات بأنها إساءة استخدام مدمرة للمبادئ القانونية، داعيًا المجتمع الدولي إلى الوقوف ضد تلك المحاولات.
ركز المؤتمر أيضًا على حركة “المرأة، الحياة، الحرية” التي تطورت إلى “المرأة، المقاومة، الحرية”، والتي اكتسبت دعمًا دوليًا كبيرًا. أشار المتحدثون إلى أن هذه الحركة تعتبر جزءًا من النضال الأوسع من أجل الحرية والديمقراطية في إيران.
خلال المؤتمر، صدرت عدة دعوات للعمل:
- تكثيف الحملة ضد الإعدامات في إيران: رفع مستوى الوعي وممارسة الضغط الدولي لوقف وحشية النظام.
- دعم حملة “لا لعقوبة الإعدام”: بهدف إلغاء عقوبة الإعدام في إيران ووقف استخدامها كأداة للقمع.
- إنشاء آلية دولية للتحقيق والمساءلة: لضمان إجراء تحقيقات شفافة في الجرائم التي ارتكبها النظام.
- تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية: تشجيع الدول على التحقيق في الجرائم الوحشية التي ارتكبها مسؤولون إيرانيون.
- دعم الشعب الإيراني في نضاله من أجل الحرية والديمقراطية.
اختتم المؤتمر بتكريم ضحايا وناجين مذبحة عام 1988، والإشادة بجهود المقاومة الإيرانية للحفاظ على ذكرى المجزرة والنضال من أجل مستقبل ديمقراطي لإيران. كان الحدث خطوة مهمة نحو حشد الدعم الدولي للمواطنين الإيرانيين في كفاحهم من أجل العدالة ومستقبل أفضل.