علاوة علی کونه کان سفاح مجزرة صیف عام 1988، كان ابراهیم رئيسي مسؤولا عن مجزرة 1500 شهيد انتفاضة نوفمبر 2019 وقبلها وبعدها حتى يوم هلاكه، كشريك في جميع عمليات الإعدام الوحشية والتعذيب على غرار العصور الوسطى في سجون خامنئي، وخاصة مذبحة 750 شهيد انتفاضة 2022. وقال خامنئي بعد أنباء تحطم المروحية لمجموعة من جلاوزة النظام إن “الأمة [الباسيج والحرس المضروبين] لا يقلقنّ الشعب الإيراني ولا يشعرنّ بالاضطراب، إذ لن يبرز أي خلل في شؤون البلاد” وكانت رسالة خامنئي علامة على مدى قلقه بشأن فقدان ذراعه الرئيسية، وكيف هز الرعب والخوف أسس نظامه. انفجر تحطم المروحية التي كانت تقل السفاح إبراهيم رئيسي وبعض مرافقيه في جبال أذربيجان كقنبلة في نظام الملالي، واجتاح النظام حداد ومأتم كاملان. وعلى الرغم من أن النظام، بأسلوبه المعتاد في الدجل، حاول التقليل من تأثير الحادث من خلال نشر أخبار متناقضة والتأخير قدر الإمكان، في الإعلان النهائي لهلاك رئيسي، وعبد اللهيان والمرافقين الآخرين لهما، غير أن الأدلة كانت تؤكد على أن العمل قد انتهى، وأن جهود النظام للتقليل من تأثير الحادث أظهرت فقط خوف خامنئي وقلقه وجهاز نظامه المحطم. واعترف جهاز الدعاية التابع للنظام أخيرا: “لقد قتل جميع ركاب مروحية الرئيس”. وهلك في الحادث، إضافة إلى إبراهيم رئيسي، الملا آل هاشم إمام جمعة وممثل خامنئي في محافظة أذربيجان الشرقية وأمير عبداللهيان وزير خارجية النظام ومالك رحمتي حاكم محافظة أذربيجان الشرقية وعدد آخر من افراد الحماية لرئيسي وطاقم المروحية. بعد الأخبار الأولى عن تحطم مروحية رئيسي، اجتاحت موجة من الفرح جماهير الشعب في جميع أنحاء البلاد. وكان هذا الابتهاج الوطني بسبب هلاك أحد أكثر الجلادين شراسة لمرسوم خميني للإبادة الجماعية التي استهدفت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وكان منتظري، نائب خميني قد خاطب في عام 1988، رئيسي وثلاثة جلادين آخرين، مؤكدا أن هذه الجريمة الكبرى (مجزرة 1988) جعلت ولاية الفقيه مكروهة لدى الشعب وتم تسجيل اسمك كأسوأ مجرمين في التاريخ. وبعد تلقي تقارير تفيد بأن أمر المذبحة في بعض المدن لم يتم تنفيذه بالكامل كما أراد، كتب خميني إلى الجلاد نيري في رسالة مؤرخة في 1 يناير 1989: “يكلف سماحتكم وحجة الإسلام السيد رئيسي بمهمة قضائية للتحقيق فيما ورد من تقارير وصلت من سمنان وسيرجان وإسلام آباد ودرود، وتنفيذ أحكام الله في الحالات المذكورة بدقة وعلى وجه السرعة بعيداً عن البيروقراطية الإدارية “. بعد أسبوعين من صدور الحكم أعلاه، أمر خميني مرة أخرى نيري ورئيسي بتسريع أحكام الإعدام. وكتب: “يكلف كل من حجة الإسلام نيري وحجة الإسلام رئيسي، بالبت في الحالات المذكورة طبقا لتشخيصهم في ضوء أحكام الإسلام العزيز.. إنه لأمر يبعث على التعجب أن تقع في النظام الإسلامي مثل هذه الحوادث وأن يعطل تنفيذ احكام الله بكل برود، وترجح أعمال أخرى على العمل القضائي”. وبعد أسبوع، كتب خميني مرة أخرى في حكم لهذين الشخصين: “أعطوا الملفات المهملة في المجلس الأعلى للقضاء وبقيت راكدة مما تأخر في تنفيذ أحكام الله، إلى حجج الإسلام نيري ورئيسي حتى يتمكنا من تنفيذ أمر الله في أقرب وقت ممكن، وهو أمر غير مسموح به “. في اليوم التالي كتب رئيسي إلى خميني متسائلا هل تنفيذ الحدود يعني بتر اليدين والقدمين، أم الإعدام؟ كتب خميني جملتي الحدود والقصاص. وقال رئيسي في وقت لاحق: “إن حكم بتر اليد هو أحد شرفنا العظيم” (أفتاب نيوز، 26 تشرين الأول/أكتوبر 2010). وقالت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، بعد موت إبراهيم رئيسي: لعنة الأمهات والمطالبين بمقاضاة المتورطين في سفك دماء الشهداء والقتلى الذين بقوا على مواقفهم ثابتين ولعنة الله والشعب والتاريخ تلاحق سفاح مجزرة 1988. ضربة استراتيجية من العيار الثقيل لا يمكن تعويضها يتلقاها خامنئي ومجمل نظام الإعدامات والمجازر مع عواقب وأزمات تطال كامل الاستبداد الديني حيث يدفع المنتفضين للمضي قدما. إذ نحيي أرواح 30000 مجاهد ومناضل راحوا شهداء في مجزرة 1988 ولن ينساه الشعب الإيراني أبدا، ستستمر مقاضاة المتورطين في سفك دماء الشهداء حتى الإطاحة بهم. إن مصير جميع أولئك الذين أعدموا ويعدمون أبناء إيران يبقى عبرة.
دماء تلاحق القتلة
دماء تلاحق القتلة -اخفقت المحاولات الحثيثة لحكم الولي الفقيه في طمس مذبحة اكثر من ثلاثين الف سجين سياسي والتخلص من تبعاتها رغم مرور 35 عاما على حدوثها. شاركت مجموعة من كبار خبراء الأمم المتحدة في المؤتمر الذي نظمته منظمة العدالة لضحايا مذبحة عام 1988 في نيويورك الشهر الماضي، وطالبت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتحقيق لمحاسبة قادة ومنفذي مجزرة 1988 وضرورة انهاء ثقافة الحصانة. قال البروفيسور جاويد رحمان المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون إيران ان أكبر وأشد مأساة شهدناها بعد ثورة 1979 هي الاختفاء القسري والتعسفي، إعدام آلاف الأشخاص عام 1988 في جميع سجون البلاد بناءً على فتوى من خميني خارج نطاق القضاء، مشيرا الى تشويه الواقع، إخفاء المجازر من خلال روايات وبيانات كاذبة، تشويه البيانات التاريخية، الاضطهاد النشط للناجين وأفراد عائلات الضحايا، فضلاً عن إخفاء الأدلة مثل تدمير المقابر الجماعية مثيرة للقلق العميق. توقف سفير الولايات المتحدة السابق للعدالة الجنائية العالمية ستيفن راتز عند غياب العملية القضائية خلال مذبحة عام 1988، وصف ما كان قائما بمحاكم التفتيش، حيث تم إعدام الأشخاص الذين أنهى بعضهم مدة عقوبته، وفي إشارة إلى المجاهدين الذين لم يقعوا في خداع خميني وشعاراته الدينية قال ان 90% من الضحايا كانوا من الشيعة وضد الاستبداد الديني في إيران، كما شدد على “اننا أمام نظام ارتكب جرائم مروعة عام 2019 بسبب الإفلات من العقاب بعد المجزرة” وترتكب هذه الجرائم المروعة بشكل رئيسي ضد النساء منذ العام الماضي”. وأفادت عضو الفريق العامل التابع للأمم المتحدة الدكتورة غرازينا بارانوستكا بانه “بالنظر إلى الوضع الذي نناقشه اليوم، من الواضح أن هذه الجريمة مستمرة لأن الحكومة لم تعترف بها، و لم تكشف عن أي معلومات حول مصير ومكان وجود الضحايا”. وذكرت أناهيتا سامي ممثلة منظمة العدالة لضحايا مجزرة 1988 في إيران انه “تم إعدام أكثر من 30 ألف شخص، 90% منهم من أعضاء مجاهدي خلق” مؤكدة على ان عدم محاسبة مرتكبي المجزرة أمام المجتمع الدولي يجعل سلطات النظام الإيراني أكثر حرصاً على ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المتظاهرين المعارضين والسجناء السياسيين، كما اعتبرت ثقافة الإفلات من العقاب داخل النظام الإيراني “وصمة عار على ضميرنا الجماعي” لا يمكن الوقوف مكتوفي الايدي امامها نظرا لما تعبر عنه من ظلم ومعاناة. اشار رئيس الرابطة الدولية للعلماء ضد الإبادة الجماعية البروفيسور ميلاني أوبراين الى أن الإفلات من العقاب ادى إلى زيادة سوء مرتكبي الجرائم، ومن الواضح أنه لن تكون هناك عدالة للضحايا داخل إيران مع تولي إبراهيم رئيسي منصبه، وسوف يستمر العنف. كانت الآثار الرهيبة لحصانة القتلة الذين وصلوا اليوم الى مناصب عليا إحدى نقاط النقاش الرئيسية في مؤتمر نيويورك، وفي ذلك دلالة اخرى على تصاعد نيران التقاضي من مقبرة خاوران في طهران إلى سائر مدن إيران، ومن طهران إلى ستوكهولم، ومن لندن إلى نيويورك. تحطمت جدران الصمت الثقيل والرقابة بعد الدعوة الشاملة لحركة التقاضي في عام 2016، حيث طلبت المقررة الخاصة لحقوق الانسان اسماء جهانجير في اكتوبر 2017 النظر إلى الوراء، لرؤية العدد الكبير من الالتماسات والوثائق المتعلقة بعمليات إعدام آلاف السجناء السياسيين رجالاً ونساءً وأحداثاً في عام 1988، ورد عليها مدعي عام النظام جعفري دولت ابادي بتحميل مجاهدي خلق مسؤولية اعادة تسليط الضوء على القضية، وبفضل نجاحات حركة المقاضاة وارتباطها الوثيق بمساعي الإطاحة بالنظام، يتحدث خبراء الأمم المتحدة والمقررون الخاصون اليوم عن جريمة لا يمكن، ولا ينبغي نسيانها.
حقوق الإنسان النظام الإيراني قوي أم هش للغاية؟
نظرة على رد الملا ”آمولي لاريجاني” وروحاني بشأن الكشف عن التعذيب يوضح الجواب!