في خضم التحولات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تبرز إيران كنقطة محورية في المعادلة الإقليمية والدولية. فمنذ الثورة الإسلامية عام 1979، شهدت البلاد تحولات عميقة في بنيتها السياسية والاجتماعية، مما أدى إلى حالة من الاستقطاب الحاد بين النظام الحاكم والمقاومة الايرانية. ويواجه النظام الإيراني، المتمثل في نظام ولاية الفقيه، تحديات متزايدة على الصعيدين الداخلي والخارجي. فداخليًا، تتصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي، في حين تتعرض البلاد لضغوط دولية متزايدة بسبب برنامجها النووي وسياساتها الإقليمية. في المقابل، تسعى المعارضة الإيرانية، وعلى رأسها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادةالسیدّ مريم رجوي، إلى تقديم بديل ديمقراطي للنظام الحالي. وتتمحور رؤية المعارضة حول إقامة جمهورية ديمقراطية تعددية تحترم حقوق الإنسان وتفصل بين الدين والدولة.من أبرز القضايا التي تشغل الساحة السياسية الإيرانية حاليًا: الانتخابات الأخيرة وشرعيتها: شهدت إيران مؤخرًا انتخابات رئاسية وبرلمانية أثارت جدلًا واسعًا. وصفت المعارضة هذه الانتخابات بأنها “مسرحية” لا تعبر عن إرادة الشعب الإيراني. وقد تميزت بتدني نسبة المشاركة الشعبية واستبعاد العديد من المرشحين المعتدلين والإصلاحيين. كما أثيرت اتهامات واسعة بالتزوير والتلاعب بالنتائج. أزمة الخلافة وتحديات النظام: يواجه النظام الإيراني أزمة خلافة حادة، حيث فشلت محاولات المرشد علي خامنئي لترتيب خلافته وضمان استمرار النظام. هذا الفشل أدى إلى تفاقم الأزمات الداخلية وزيادة احتمالات الانتفاضة الشعبية. الحراك الشعبي والمطالب الإصلاحية: تتزايد المطالب الشعبية بإجراء إصلاحات جذرية تشمل إلغاء الحجاب الإجباري، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، ووقف عمليات الإعدام والتعذيب، ورفع الرقابة عن الإنترنت، وإجراء انتخابات حرة. لكن النظام يرفض هذه المطالب ويصر على مواصلة نهجه القمعي. الملف النووي والعلاقات الدولية: يشكل البرنامج النووي الإيراني نقطة خلاف رئيسية مع المجتمع الدولي. فرغم المفاوضات المتعددة والاتفاقيات الموقعة، لا تزال هناك شكوك حول نوايا إيران النووية. كما أن سياسات إيران الإقليمية، خاصة في سوريا والعراق واليمن، تثير قلق دول المنطقة والقوى الدولية. دور المعارضة الخارجية: تلعب المعارضة الإيرانية في الخارج، وخاصة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، دورًا مهمًا في تسليط الضوء على انتهاكات النظام وتقديم بديل سياسي. وتنظم المعارضة تجمعات سنوية في باريس وبرلين وغيرها من العواصم الأوروبية لحشد الدعم الدولي لقضيتها. تقدم مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، رؤية لمستقبل إيران تتضمن: إقامة جمهورية ديمقراطية تعددية فصل الدين عن الدولة إلغاء عقوبة الإعدام وحظر التعذيب ضمان المساواة بين الرجل والمرأة احترام حقوق الأقليات القومية والإثنية إقامة علاقات سلمية مع دول الجوار والمجتمع الدولي التخلي عن برنامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية رغم الدعم الذي تحظى به المعارضة من بعض الشخصيات والدوائر السياسية الدولية، إلا أنها تواجه تحديات في توحيد صفوفها وإقناع جميع أطياف المعارضة الإيرانية بتمثيلها. في ظل هذه التحديات المتعددة، يبدو أن إيران تقف على مفترق طرق. فالنظام يواجه ضغوطًا متزايدة داخليًا وخارجيًا، في حين تسعى المعارضة لتقديم نفسها كبديل قابل للحياة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتمكن النظام من الصمود في وجه هذه التحديات، أم أن البلاد ستشهد تحولًا جذريًا في المستقبل القريب؟ الإجابة على هذا السؤال تعتمد على عدة عوامل، منها: قدرة النظام على معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية مدى نجاح المعارضة في توحيد صفوفها وكسب تأييد شعبي واسع تطورات الملف النووي والعلاقات مع المجتمع الدولي التحولات الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على الوضع الداخلي الإيراني في الختام، يبدو أن المشهد السياسي الإيراني مقبل على تحولات مهمة في المستقبل القريب. وسيكون للشعب الإيراني، بكل أطيافه وتوجهاته، الدور الحاسم في تحديد مسار هذه التحولات ورسم مستقبل البلاد.
إيران .. نظام فاسد لايمکن أبدا إصلاحه
بعد 45 عاما من حکم کارثي لنظام الملالي، فإن الحقيقة المرة والصادمة التي يعترف بها مسٶولون في النظام نفسه، هي إن معظم موارد البلاد التي تم صرفها في مختلف المجالات ليس لم تٶدي دورها المطلوب بل وحتى إنها تسببت في أکثر الاحيان نتائج وتداعيات سلبية بالغة. بعد کل تلك الوعود البراقة والطنانة التي کان أول من بشر بها مٶسس النظام الخميني ومن بعده المسٶولون الآخرون ويتقدمهم خامنئي، فإنه ليس إن الشعب الايراني بات ەعيش حياة تحت مستوى الوسط أو على الاقل في مستوى المقبول، بل إن أکثر من 70% منه يعيشوون تحت خط الفقر، وعندما نعلم بأن إيران تمتلك موارد هائلة من النفط والمعادن والغاز وغير ذلك، فإن هکذا نتيجة تعتبر کارثة ومأساة بل وحتى بمثابة لطخة عار بجبين النظام! المهم والمفيد جدا ذکره هنا، إنه وإن کان هناك من ينخدع بالوعود والعهود الواهية والکاذبة والمخادعة لهذا النظام الدجال، فإن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية قد تميز دائما بکونه کان ولازال موقف حصيف وصادق ودقيق جدا من هذا النظام ونهجه وسياساته، إذ أکد على الدوام بأن هذا النظام إضافة لکونه نظام دکتاتوري قمعي دموي، فإنه نظام فاسد من قمة رأسه الى أخمص قدميه وإنه أهدر ويهدر مال وإمکانيات الشعب الايراني من أجل ضمان بقائه وتنفيذ مخططاته المشبوهة التي ألحقت وتلحق ضررا بالغا بالشعب الايراني، ولذلك فإنه قد دعا الى إسقاط هذا النظام وإعتبار إسقاطه شرطا أساسيا لإعادة إيران والشعب الايراني الى طريق ومسار الانسانية والحضارة. فساد نظام الملالي الذي يٶکد عليه المجلس الوطني للمقاومة الايرانية طوال العقود الاربعة المنصرمة، صار يزکم الانوف ولم يعد بوسع النظام إخفائه أو التستر عليه وهو مايٶکد سوء الادارة وسقمه وفشله الکامل کما يٶکد هذا المجلس، ومن المفيد جدا هنا أن نذکر نماذج من الفساد من داخل النظام نفسه، إذ وفقا لوكالة تسنيم للأنباء، تم إزالة أكثر من 485 سلعة أساسية من سعر الصرف البالغ 28,500 ريال منذ العام الماضي، مع تسارع هذا الاتجاه. يذكرنا هذا التطور بالإلغاء الكارثي لسعر الصرف البالغ 42,000 ريال في مايو 2021، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، مما أثر بشكل غير متناسب على غالبية الإيرانيين بينما استفادت منه أقلية متميزة. کما إنه وفي تقرير منفصل، كشفت صحيفة “هم ميهن” الحكومية عن فساد واسع النطاق داخل حكومة بلدية طهران، مسلطة الضوء على بيع المناصب الرسمية. وأشار التقرير إلى مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي قام فيه فرد بتفصيل العملية الفاسدة التي خضع لها لتأمين منصب نائب رئيس التنمية الحضرية لمنصب بلدية لمنطقة 1. ووفقا للفيديو، عُقدت اجتماعات متعددة مع كبار المسؤولين، بما في ذلك مستشار عمدة طهران، طلب خلالها منه في النهاية دفع 400 مسكوك ذهبي نقدا و450 ألف دولار لتأمين فيلا في ألانيا، تركيا، كرشوة. وبنفس السياق فقد إعترف وزير الاقتصاد السابق علي طیب نیا مؤخرا بالفساد في مبيعات العملة. وفي 11 يوليو، أقر بأن أسعار العملات التفضيلية تباع للمطلعين على النظام، مما يسمح لهم بالحصول على ثروة هائلة بين عشية وضحاها. وتساءل طيب نيا عن الحافز الذي يدفع الأفراد إلى الانخراط في عمل منتج وخلاق عندما يمكنهم بسهولة جمع الثروات من خلال الوصول إلى العملة الرخيصة. ومما زاد من الجدل، ذكرت صحيفة “رجا نيوز” في 13 يوليو أن قضية الفساد في ملف كرسنت لا تزال تهيمن على عناوين الأخبار، حتى بعد أسبوع من الانتخابات الرئاسية الصورية. في تغريدة، كشف عضو البرلمان وعضو لجنة الطاقة مالك شريعتي نثارعن أسماء المتهمين المتورطين في قضية كرسنت ، وقدم تفاصيل جديدة حول فضيحة الفساد. وكشف شريعتي أن الإجراءات القضائية في قضية الفساد في كرسنت تعود إلى عام 2012، حيث وجد الفرع 80 من المحكمة الجنائية أن العديد من أعضاء مجلس إدارة شركة النفط الوطنية الإيرانية مذنبين. وأيدت محكمة الاستئناف والمحكمة العليا هذه الإدانات. وكشف شريعتي كذلك أنه بعد فشل كرسنت في تقديم ضمان مصرفي، كان من المقرر إلغاء العقد. ومع ذلك، يزعم أن بيجن زنغنه، وزير النفط آنذاك، سهل الاجتماعات بين الرئيس التنفيذي لشركة كرسنت ومسؤولين آخرين بعد تلقي رشوة بقيمة 1.8 مليون دولار، مما أدى إلى توقيع ملحق يضر بمصالح إيران. وكانت هذه العملية القضائية على وشك الانتهاء، وكان من المتوقع أن يتم الحكم على الشكوى الدولية لصالح النظام عندما أصبح حسن روحاني رئيسا في عام 2013، وأعاد زنغنه منصب وزير النفط وعكس التقدم السابق. ونتيجة لذلك، أمرت إيران بدفع غرامة قدرها 2.4 مليار دولار.
ایران.. تعكس بوضوح الاستياء العام من الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، استمرار الاحتجاجات والإضرابات في مختلف المدن
استمرت التجمعات الاحتجاجية في مختلف المدن في إيران، في الایام الأخيرة، مما يعكس بوضوح الاستياء العام من الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. جرت واحدة من أكبر هذه الاحتجاجات في صناعات النفط والغاز. اعترف الموقع الحكومي “رويداد 24” بجزء من هذه الإحتجاجات وأعرب عن القلق بشأن عواقبها. أضرب عمال مشاريع صناعة النفط والغاز لمدة تقترب من الشهر. هؤلاء العمال، الذين يبلغ عددهم أكثرمن 24000 ألف عامل، شاركوا في الإضراب من 123 شركة مختلفة في هذه الصناعة ولديهم مطالب محددة تشمل إزالة المقاولين، زيادة الأجور وتنفيذ نظام 14 يوم عمل و14 يوم راحة. اشتكى المتحدث باسم العمال المضربين أيضًا من عدم التغطية الإعلامية المناسبة لهذه الإضرابات. وتحدث هذه الإضرابات في ظل ظروف اقتصادية متدهورة للعمال في إيران. يعاني العمال من تضخم بنسبة 40٪ وارتفاع تكاليف المعيشة، مما يزيد من الضغط على كاهلهم. يواجه العديد من هؤلاء العمال مشاكل معيشية خطيرة ويعتبرون زيادة الأجور الحل الوحيد لتحسين وضعهم الاقتصادي. وإضافة إلى إضرابات عمال النفط والغاز، تظاهر سكان طُرُق رود نطنز في يوم عاشوراء احتجاجًا على نشاط مناجم الحجر الترافرتين في منطقة محمية كركس. هتفوا بشعارات مثل “يا حجة بن الحسن اجتث الظلم”، مطالبين بوقف نشاط هذه المناجم بسبب تدمير البيئة وتلوث الهواء. ایران.. تعكس بوضوح الاستياء العام من الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد استمرار الاحتجاجات والإضرابات في مختلف المدنواحتج سكان مدينة جبالبارز التابعة لمقاطعة جيرفت في محافظة كرمان على نقص المياه وقطعها. تعكس هذه الاحتجاجات أزمة المياه والمشاكل التحتية الجدية في هذه المنطقة. وتجمع سكان منطقة رباط پشت بادام في مقاطعة أردكان احتجاجًا على حفر بئر عميق في هذه المنطقة مما يلحق الضرر بالمزارع والقنوات. هم قلقون من فقدان مصادر المياه الزراعية الخاصة بهم. كذلك، عبّر سكان قريتي بنهکلاغي وريزاب التابعتين لمقاطعة نيريز في محافظة فارس عن غضبهم من أزمة نقص المياه خلال مراسم العزاء ومن خلال النوح. في المجمل، تعكس هذه التجمعات والاحتجاجات عمق الاستياء العام من الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. العمال والمواطنون الإيرانيون غاضبون بشدة من السياسات الاقتصادية الفاشلة والتجاهل للقضايا البيئية والمعيشية .
الخناق يزداد تضييقا على النظام الايراني
تزامنا مع إقرار الکونغرس الامريکي بأغلبية لمشروع القرار 1148 الذي وقعه 223 نائبا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، فقد مدد مجلس الاتحاد الأوروبي، في بيان له، يوم الاثنين الماضي، العقوبات المفروضة على النظام الإيراني حتى 28 يوليو 2025، مشيرا إلى دعم النظام الإيراني التسليح للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط والبحر الأحمر. هذان الإجراءان اللذان يعتبران ضربتين موجعتين جدا للنظام الايراني في الوقت الحاضر ولاسيما وإنهما قد جاءا بعد بيانات غالبية الهيئات التشريعية ال 34، بما في ذلك 4000 برلماني من أصل 84 برلمانا في 50 دولة، فإن کل ذلك يدل على إن عملية النضال والمواجهة التي يقودها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بات يحرز ليس تقدما في مجال مقارعة النظام الايراني والسعي من أجل إسقاطه بل وحتى إنه صار يعمل وبصورة واضحة في تضييق الخناق أکثر على النظام الايراني على الصعيد الدولي من خلال زيادة الدعم العالمي لمقاومة الشعب الإيراني للنظام الدکتاتوري الحاکم في طهران. الملفت للنظر هنا في قرار الکونغرس الامريکي الذي أشرنا إليه أعلاه، إنه قد تم التوقيع عليه من قبل أغلبية أعضاء مجلس النواب الأمريكي حيث يدين إرهاب نظام الملالي والحرب الإقليمية بالوكالة وقمعه الداخلي. ووقع عليه 11 من رؤساء لجان مجلس النواب ورؤساء 53 لجنة فرعية في الكونغرس، بما في ذلك رئيس لجنة الاستخبارات ورئيس لجنة الاعتمادات ورئيس اللجنة الأمنية. وهذه الصيغة التي صدر بموجبها القرار تعکس وجهة نظر الشعب والمقاومة الايرانية. وقد أکد مشروع القرار 1148 على الاعتراف بحقوق الشعب الإيراني ونضاله من أجل إقامة جمهورية ديمقراطية قائمة على الفصل بين الدين والدولة وإيران غير نووية. كما دعم برنامج السيدة رجوي المكون من 10 نقاط، وحقوق منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في أشرف 3، والاعتراف بنضال وحدات المقاومة ضد حرس النظام الإيراني. والذي يجعل النظام الايراني يشعر بالکثير من القلق والتوجس إن هذا القرار قد صدر في وقت يزداد فيه النظام عزلة على الصعيد الدولي وتزداد مشاعر الرفض والکراهية الشعبية ضده والعزم على إسقاطه، الى جانب إن دور المقاومة الايرانية يزداد قوة وتأثيرا في داخل وخارج إيران ولاسيما وإن وحدات المقوامة صارت تشکل کابوسا کبير للنظام ولاسيما وإن نشاطاتها باتت تشمل سائر أرجاء البلاد. ومن المهم جدا هنا الى أن مشروع قرار الکونغرس الامريکي قد شدد على ضرورة مواجهة “رأس أفعى الإرهاب والحرب في المنطقة”، وأشار إلى أن تجاهل التدخل المباشر لحكومة طهران في الصراعات والأزمات اللاحقة يشجع المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس على تأجيج هذا الصراعات. وأوضح أن بقاء النظام الإيراني يعتمد بشكل خطير على قمعه الداخلي وأنشطته الإرهابية في الخارج باستخدام وكلائه”، وهذا أيضا يعکس موقف الشعب والمقاومة الايرانية وهذا مايدل على إن مسار الاحداث والتطورات باتت تجري على العکس تماما من الذي إنتظره وينتظره النظام الايراني.
لماذا يخاف النظام الايراني من خطة مريم رجوي
هناك الکثير من الامور والمسائل والقرارات الصادرة والمتعلقة بإيران والتي تثير قلق وخوف النظام القائم في طهران، ولکن ليس أي منها يثير الخوف وبدجرة کبيرة کما هو الحال مع خطة السيدة مريم رجوي ذت النقاط العشرة، فهذه الخطة ومنذ أن أعلنتها السيدة رجوي منذ أعوام عديدة، لازالت ملفتة للنظر ويجري تسليط الاضواء عليها ليس من جانب الشعب الايراني المٶمن إيمانا کاملا بهذه الخطة الطموحة الملبية لتطلعاته وإنما من جانب الاوساط والمحافل الدولية أيضا. تخوف النظام الايراني من هذه الخطة يأتي لکونه يعلم بأنها على العکس منه تماما فهي تدعو للأفکار التحررية والانسانية والحضارية وتٶسس لإيران تعمل من أجل السلام والامن والاستقرار، إيران تٶمن إيماما کاملا وراسخا بلحرية ورتفض رفضا قاطعا الدکتاتورية بوجهيها الملکي والديني المتطرف، والذي يضايق النظام أکثر ويفقده صوابه هو إنه ومن کثرة صدور اکبيانات والقرارات الدولية الداعمة والمٶيدة لهذه الخطة فإن ذلك مايجعلها تبدو حيوية ونضرة على الدوام وفي نفس الوقت کسيف مسلط على رأس النظام قد يهوى عليه في أية لحظة! خلال الاشهر الاخيرة، بادر عدد کبير من برلمانات دول العالم الى إصدار بيانات وقرارات تعلن عن دعمها وتإييدها الکامل لخطة مريم رجوي ذات العشرة نقاط وتشيد بها بإعتبارها بمثابة أفضل خطة سياسية ـ فکرية طموحة لإيران مابعد هذا النظام خصوصا وإنها تجعل من إيران ثقلا دوليا مهما في العمل من أجل المحافظة على السلام والامن في المنطقة والعالم کما إنها تضع حدا لبرامج أسلحة الدمار الشامل وتجعل من إيران غير نووية، وهذا بحد ذاته ما من شأنه أن يضع حدا لسباق التسلح النووي في المنطقة ويضفي عليها المزيد من والسلام. المساعي المحمومة والمتواصلة للنظام الايراني ضد المقاومة الايرانية والعمل من أجل التضييق عليها والتأثير على نشاطاتها، إنما يأتي لأن النظام يعلم بأن الخطة ذات العشرة نقاط قد صدرت من قبل رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية وهذا المجلس بدوره يعتبر بمثابة بديلا سياسيا ـ فکريا جاهزا للنظام، وإن هذا المجلس ومنذ تأسيسه قد شکل ولايزال يشکل أکبر خطر محدق بالنظام لکونه خصمه وعدوه اللدود الحقيقي الذي لايکل ولايمل من النضال والمواجهة ضده وهو يبذل الغالي والنفيس من أجل إدامة عملية النضال والمواجهة الجارية. بعد مصرع ابراهيم رئيسي والانتخابات الاخيرة التي جرت من أجل إختيار رئيس لإيران والتي تميزت بمقاطعة شعبية غير مسبوقة، فإن الاضواء تسلط أکثر من أي وقت مضى على خطة العشرة نقاط وضرورة مضاعفة العمل من أجل إزاحة کابوس الاستبداد الديني من إيران وإقامة الجمهورية الديمقراطية.
نظام الملالي تأريخ من الدماء
لم تکن هناك حاجة لفترة زمنية طويلة من أجل معرفة الماهية القمعية الاستبدادية لنظام الملالي في إيران، إذ أنهم ومنذ الايام الاولى لحکمهم شرعوا في التأسيس والعمل من أجل فرض نظام دکتاتوري شمولي يرفض الحرية ومبادئ حقوق الانسان والرأي والرأي الآخر ويکره ويعادي المرأة، ولذلك فإن الشعب الايراني علم بأن هذا النظام لايختلف عن نظام الشاه إلا بالشکل أما من حيث المضمون الاستبدادي القمعي فلا يوجد من أي فرق فيما بينهما. أکثر ماوضع هذا النظام ومٶسسه المقبور خميني تحت المجهر وفضحهما شر فضيحة وکشف عن دمويتهما، هو إقدامه على تنفيذ إبادة آلاف السجناء السياسيين في في مجزرة صيف عام 1988، والذي لفت أنظار العالم أيضا خصوصا بعدما إعتبرت المنظمات المعنية بحقوق الانسان تلك الجريمة بمثابة جريمة إبادة جمعية ويجب جرجرة منفذيها أمام المحاکم الدولية لمعاقبتهم، ولاريب من إن الذي جعل الشعب والمقاومة الايرانية يزدادون إصرارا على مواصلة النضال والمواجهة ضد هذا النظام من أجل الحرية وإسقاطه، هو إن هذا النظام المجرم ولاسيما بعد أن لم تتم معاقبته على مجزرة صيف 1988، فقد تجرأ وصار يتمادى في إرتکاب الجرائم الدموية بحق الشعب الايراني والمقاومة الايرانية حتى صار يمتلك تأريخا دمويا فريدا من نوعه يثبت کونه نظاما أرعنا لاينتمي لهذا العصر وللقيم والمبادئ الانسانية بصلـة. نضال الشعب الايراني من أجل الحرية وإسقاط النظام الايراني، ليس مجرد نضال عادي أو طارئ بل إنه نضال مرير من أجل مواجهة نظام إجرامي أشبه مايکون بوحش کاسر متعطش للدماء ولايتورع عن إرتکاب أبشع وأسوء الجرائم وأکثرها دموية، وإن الحقيقة التي تکمن وراء إستمرار عملية النضال والمواجهة ضد هذا النظام الاستبدادي هو إن الشعب الايراني قد أدرك تماما بإستحالة التعايش مع هذا النظام ولاسيما وإن بقائه وإستمراره مرهون بقتل وسفك دماء الشعب الايراني وإرتکاب الجرائم بصورة متواصلة. إقامة الجمهورية الديمقراطية في إيران والتي هي بمثابة الحل الجذري لإيران والشعب الايراني وإجتثاث جذور الدکتاتورية من الاساس سواءا نظام الشاه أم نظام ولاية الفقيه، ولاسيما وإن الجمهورية الديمقراطية تٶمن بالحرية والديمقراطية والتعددية وبحقوق الانسان والمرأة والتعايش السلمي بين الشعوب، ولذلك فإن هذا النظام يتخوف کثيرا من هذا المسعى ويرى فيه نهايته الحتمية ولأجل ذلك فإنه يقف بکل قوته ضد نضال الشعب والمقاومة الايرانية ظنا منه بأن بمقدوره أن يوقف عجلة الزمن ويضمن الحماية لنفسه ولکن ظنه خائب کما خاب ظن سلفه نظام الشاه.
الصراع بين فصائل خامنئي بعد مسرحية الانتخابات الإيرانية
منذ إعلان نتائج الانتخابات الإيرانية الأخيرة، شهدت الساحة السياسية الإيرانية تصاعدًا في حدة الصراع الداخلي بين الفصائل المختلفة داخل نظام خامنئي. هذا الصراع، الذي كان مستترًا لفترة طويلة، ظهر للعلن بشكل صارخ بعد الانتخابات، مما يكشف عن عمق الانقسامات والتوترات داخل النظام. يظهر هذا الصراع جانبًا من الآثار المدمرة لمقتل إبراهيم رئيسي، ويمثل صراعًا على السلطة والثروة بين أجنحة النظام الحاكم. لماذا تفاقمت الخلافات داخل النظام؟ لأن مقتل إبراهيم رئيسي قوضت كل آمال خامنئي في توحيد نظامه، ونحن نشهد الآن تداعیات ذلك. كان خامنئي الخاسر الرئيسي في هذه الانتخابات، وقد بدأت حقبة جديدة في نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران، من آثارها الصراع بين مختلف الفصائل داخل النظام بالطبع. طبعاً الحرب الحقيقية تجري بين الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية من جهة، ونظام ولاية الفقيه وجميع عصاباته من جهة أخرى. سيواجه نظام ولاية الفقيه انتفاضات كبرى داخل إيران بسبب أزماته الداخلية وتورطه في مستنقع الحرب في المنطقة، وهو يتجه نحو السقوط. هذه الانتخابات لم تحل مشكلة خامنئي فحسب، بل كشفت عن المأزق الذي يواجهه النظام. الانتخابات الإيرانية، التي كانت دائمًا مسرحية هزلية تهدف إلى إضفاء شرعية زائفة على النظام الاستبدادي، كشفت مرة أخرى عن الخداع والتلاعب الذي يمارسه النظام على الشعب الإيراني والمجتمع الدولي. التقارير الأخيرة الواردة من شبكات المقاومة داخل إيران أظهرت أن 91 بالمئة من الناخبين قاطعوا هذه الانتخابات، مما يعكس رفضًا شعبيًا واسعًا للنظام بأكمله. تأتي هذه المسرحية الانتخابية في ظل صراع داخلي محتدم بين فصائل النظام، وخاصة بين أنصار سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف. بعد الإعلان عن النتائج، وجهت وسائل الإعلام التابعة لجليلي اتهامات بأن قاليباف يحاول التلاعب بالنتائج لصالحه، وأنه كان يجب على جليلي الانسحاب نظرًا لتفوق قاليباف في استطلاعات الرأي. الموقع الحكومي “رويداد 24” نشر تقريرًا يشير إلى أن “جبهة الثورة” تعاني من انقسام عميق، وأن أصابع الاتهام توجهت نحو جليلي ورفاقه، متهمين إياهم بالعناد وعدم الانسحاب من الانتخابات، مما أدى إلى هزيمة “جبهة الثورة”. من جهة أخرى، أشار عباس سليمي نمين، أحد أعمدة النظام، إلى أن الصراع بين أنصار جليلي وقاليباف يضر بالوضع السياسي في البلاد ويخفض من مستوى التحولات السياسية، مما يظهر بوضوح أن التوترات الداخلية بلغت ذروتها. هذه الخلافات الداخلية ليست جديدة، ولكنها تعكس الطبيعة الحقيقية للنظام الإيراني. النظام الذي بني على أسس القمع والاستبداد، لا يمكنه تحمل أي شكل من أشكال المعارضة الداخلية أو النقد. هذه الخلافات تظهر بوضوح أن ما يسمى بـ”الإصلاحيين” و”المتشددين” ما هم إلا وجهان لعملة واحدة، وكلاهما يخدمان نفس النظام الاستبدادي، وخلافهما ليس على مصالح الشعب الإيراني بل على استيلائهم للسلطة وثروات الشعب، مما يؤكد أن المعركة الحقيقية هي للسيطرة على موارد البلاد وليس لتحقيق مصالح المواطنين. من هنا، نرى أن الانتخابات الأخيرة لم تكن إلا محاولة أخرى من النظام لإظهار واجهة ديمقراطية زائفة، بينما الواقع يكشف عن نظام غارق في الصراعات الداخلية والفساد والفشل في تلبية احتياجات الشعب الإيراني. هذا الفشل يتجلى في الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستوى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. في ظل هذه الظروف، يظل الأمل الوحيد للشعب الإيراني هو المقاومة الشعبية والتغيير الجذري للنظام عن طريق بديل ديمقراطي وطني. الشعب الإيراني قد أدرك أن النظام الحالي غير قابل للإصلاح من الداخل، وأن أي محاولة للإصلاح ما هي إلا محاولة لخداع الشعب والمجتمع الدولي. المقاومة الإيرانية ترى أن الانتخابات الأخيرة مجرد مسرحية هزلية، وأن الحل الوحيد هو الإطاحة بالنظام برمته. على الصعيد الداخلي، لا يتوقع أن يجلب فوز بزشكيان أي تغيير جوهري في السياسات. فقد أثبتت التجارب السابقة أن الرئيس في النظام الإيراني ليس لديه سلطة حقيقية، والقرارات الرئيسية تُتخذ من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري. بزشكيان، رغم خلفيته كوزير سابق للصحة وعضويته في البرلمان، لا يسعى إلى تغيير هذا النظام ولا يستطيع إحداث أي تغيير. ستستمر سياسات القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، وسيزداد الوضع الاقتصادي سوءًا. السياسات الخارجية للنظام الإيراني أيضًا لن تتغير بتغير الرئيس. إيران ستستمر في تدخلاتها في شؤون دول المنطقة ودعم الميليشيات والجماعات الإرهابية في سوريا والعراق ولبنان واليمن. هذه السياسات ليست بيد الرئيس، بل بيد خامنئي وقوة القدس الإرهابية. النظام الإيراني يستخدم القضية الفلسطينية كغطاء لتدخلاته في المنطقة، ويستغلها لتبرير سياساته التوسعية والقمعية. في ضوء كل هذه الحقائق، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن النظام الإيراني لا يمكن إصلاحه من الداخل، وأن الأمل الوحيد لتحقيق التغيير يكمن في دعم نضال الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. الشعب الإيراني يستحق حياة أفضل، نظامًا ديمقراطيًا يحترم حقوق الإنسان ويوفر حياة كريمة للشعب. المقاطعة الواسعة للانتخابات الأخيرة تعكس بوضوح رفض الشعب الإيراني للنظام بأكمله. هذه المقاطعة هي “لا” الکبیرة والشاملة للاستبداد الديني وتصويت حاسم لإسقاط نظام الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية. الشعب الإيراني قد قال كلمته بوضوح، وهو يطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة کما شاهدناه في مظاهرات الجالية الإيرانية في برلين في 29 حزيران (يونيو) الماضي. المقاومة الإيرانية تواصل نضالها من أجل إسقاط النظام وإقامة جمهورية ديمقراطية. النظام الإيراني، الذي يعتمد على القمع والاستبداد للبقاء في السلطة، لن يتمكن من الصمود أمام إرادة الشعب الإيراني. الشعب الإيراني عازم على نيل حريته وحقوقه، والمقاومة الإيرانية تقف إلى جانبه في هذه المعركة العادلة. والمجتمع الدولي وخاصة دول المنطقة إذا كانوا يريدون تحقيق السلام والأمن في هذه المنطقة من العالم، فإن السبيل الوحيد للوصول إلى هذا الهدف هو دعم نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية.
صعود بزشكيان وأزمة الملالي مع صعود ترامب والسياسة الإقليمية لإيران
صعود الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ومناقشة توجهاته “الإصلاحية” المزعومة، وأسباب صعوده، وتداعيات ذلك على المنطقة والإقليم والعالم، كانت محور نقاش على موقع X شارك فيها عدد كبير من الصحفيين والمثقفين العرب والإيرانيين المعارضين. وقال الكاتب والصحفي الأردني أحمد ذيبان الربيع: “لم يكن لدي أي أوهام بأن هناك تغييرًا جذريًا في السياسة الخارجية الإيرانية مع صعود بزشكيان، لأن القرار المفصلي بيد المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي”. وأوضح أنَّ بزشكيان اختار أن يصطف إلى جانب جوقة محور المقاومة لإرضاء المرشد واستمرار ولايته بسلاسة داخل إيران. وقال سامي المرشد، الكاتب والصحفي السعودي، إنَّ النظام الحاكم في طهران لم يجلب سوى البؤس والشقاء للشعب الإيراني، مع إنفاق ثرواته الطائلة على مشاريع عبثية وتصدير الإرهاب للخارج. وأوضح المرشد أن النظام الحاكم في طهران يجب أن يدرك أن هذا الوضع القائم لن يستمر ولن يكون مقبولًا من قبل الشعب الإيراني وشعوب المنطقة. بعد انكشاف زيف شعارات النظام الداخلية والخارجية وسقوط ذرائعه، اكتشفت المنطقة والعالم أن مشروع نظام ولاية الفقيه ليس مشروعًا قابلًا للتحقيق وغير مرغوب فيه للتصدير. لذلك، بحسب المرشد، يبحث النظام عن هيكلة داخلية من خلال تقديم قصة الإصلاحيين المزيفة في الوقت الذي يُدار فيه النظام من قبل المرشد ومنظومته الأمنية المتشعبة والعميقة. وأكد المرشد أن لا أحد في إيران والمنطقة والعالم سيقبل وعود وتصريحات النظام الإيراني أو تغييرات شكلية، بل يتطلب الأمر أفعالًا حقيقية وتغييرات جذرية والعودة كدولة طبيعية، مرجحًا عدم قدرة النظام على القيام بمثل هذا الإجراء الحاسم والخطير. وقارن المرشد بين المشروع العربي الذي يتقدم بالسلام وإسعاد الشعوب والتنمية والتكامل الاقتصادي، في حين يفشل مشروع نظام الفقيه المبني على تهريب المخدرات وانتشار الأسلحة والخراب. اعتبرت الدكتورة عائشة القرشي، خبيرة الفيضانات وهيدرولوجيا المناطق القاحلة، أن صعود بزشكيان ضرورة إيرانية على الرغم من صعود بعض المرشحين المتطرفين الآخرين. وبينت أن التوترات الإقليمية التي أشعلها نظام الملالي لدرجة وصلت نيرانها لبيته الداخلي، كانت أحد أهم الأسباب التي أجبرت خامنئي على تغيير نهجه المتشدد وتغيير البوصلة نحو زيف الإصلاح. ومع استمرار سياسة قصقصة الأجنحة الإيرانية في المنطقة من قبل إسرائيل، تقول الدكتورة القرشي إنَّ إيران باتت تخشى على استثماراتها طويلة الأمد والمكلفة التي بنتها على نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله اللبناني. وترى أن إيران تريد تهدئة الأوضاع وامتصاص الغضب الغربي بينما تمضي بمشاريعها بسلاسة في الإقليم والمنطقة مع صعود بزشكيان وظريف. وفي ذات الإطار، يقول مهدي عقبائي، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن النظام واجه معضلة مقتل المتشدد والمجرم إبراهيم رئيسي، الذي كان يتولى مهمة توحيد السلطة بين بيت المرشد والرئاسة بعد عملية هندسة طويلة من قبل خامنئي. وأوضح عقبائي أن صعود بزشكيان جاء نتيجة للتحديات الداخلية والإقليمية والدولية، لا سيما مع ارتفاع حظوظ ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة. أكد عقبائي أن تصوير البعض لبزشكيان على أنه إصلاحي ويستطيع تغيير سلوك النظام يعكس سوء فهم للوقائع والحقائق داخل المجتمع الإيراني. ووصف سياسة الاسترضاء الغربية بأنها ساهمت في استمرار هذا النظام في عملية القمع الداخلي ووصوله للعتبة النووية. وأوضح أن جميع تصريحات بزشكيان قبل وصوله للسلطة تبين أنه سيستمر في ذات النهج المتشدد للرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، وأنه يذوب في شخص المرشد الأعلى، مما يبين مدى وفائه وولائه له. وعند العودة للوراء قليلاً، أوضح عقبائي أن صعود بزشكيان جاء كنتيجة مباشرة للضغوط والتحديات الكبيرة التي واجهها النظام بعد مقتل رئيسي. هذا الصعود يعكس محاولة خامنئي لتثبيت النظام في وجه الأزمات المتعددة، على الرغم من الشكوك الكبيرة حول قدرة بزشكيان على تحقيق أي إصلاح حقيقي أو تغيير إيجابي. على الرغم من ذلك، شدد عقبائي على أن الشعب والمقاومة الإيرانية ووحداتها المنتشرة في كافة أنحاء إيران ستفشل كل مخططات النظام وترسم مستقبل حر وديمقراطي لإيران الحرة في الغد. ووصول مسعود بزشكيان إلى الرئاسة يعمق الشرخ داخل النظام الإيراني ويفتح الباب أمام انتفاضات كبيرة في المستقبل. هذا الوضع المتأزم يزيد من احتمالية اندلاع احتجاجات واسعة النطاق، حيث يشعر الشعب الإيراني بالإحباط من الوعود الزائفة بالإصلاح. في هذا السياق، يبرز دور المقاومة الإيرانية. وحدات المقاومة كقوة نامية داخل البلاد تمثل الأمل للشعب الإيراني في مواجهة القمع والتغيير نحو الحرية والديمقراطية. هذه الوحدات تقوم بتنظيم وتوجيه الاحتجاجات وتقديم الدعم للمواطنين في نضالهم ضد النظام الديكتاتوري، بحسب عقبائي. وأضاف عقبائي: بإمكان بزشكيان محاولة قمع الاحتجاجات والتمسك بالسلطة، ولكن قوة المقاومة الإيرانية وإرادة الشعب ستظل قوية ومستمرة. الانتفاضات المتوقعة ستكون بمثابة نقطة تحول في الصراع المستمر بين الشعب الإيراني والنظام الحاكم، مما يزيد الضغط على النظام ويقربه من الانهيار. واختتم عقبائي تصريحاته بالقول إن تولي بزشكيان للرئاسة لن يحقق الاستقرار للنظام، بل سيساهم في زيادة التوترات ويعزز من قوة المقاومة الإيرانية ووحدات المقاومة في الداخل، مما يمهد الطريق لتغيير جذري في مستقبل إيران.
هل النظام الإيراني في مستوى التحديات المحدقة به؟
لن يتمكن النظام الإيراني بالسهولة التي يتصورها من التغطية على أوضاعه الصعبة والمعقدة التي يواجهها، وأن يشغل الشعب الإيراني وبلدان المنطقة والعالم بأحداث وتطورات يغلب عليها التصنع والافتعال، كما جرى خلال انتخابات الرئاسة الإيرانية الأخيرة والتي سعى من خلالها إلى الإيحاء أنَّ شعبيته لا تزال باقية، وأن الشعب الإيراني لا يزال يراهن عليه. إذ إن استمرار نسبة المشاركة في الانتخابات واقترابها من حدود المقاطعة مؤشر نوعي في غير صالح النظام. ليست الأوضاع المتوترة وبالغة الصعوبة والتعقيد في داخل إيران وحدها ما يشغل بال النظام، وإن كان التحدي والتهديد الأكبر الذي يحدق بالنظام الإيراني. بل وحتى أوضاعه في بلدان المنطقة التي يهيمن عليها بنفوذه، وحتى إن سعيه من أجل إعادة خلط الأوراق في العراق والتودد إلى أطراف كان بالأمس القريب يتهمها بشتى التهم، إنما هو من أجل ضمان بقاء نفوذه وعدم إلحاق المزيد من التضعضع به، ولاسيما أن الأحداث والتطورات الإقليمية والدولية لا تسير كما تشتهي سفن النظام! في سوريا، حيث تزداد أوضاع النظام السوري صعوبة وتزداد صيغة وشكل التحالفات الإقليمية والدولية مع النظام السوري تعقيداً وتسير باتجاه من الصعب على النظام الإيراني أن يواكبه ويحافظ على حيوية وفعالية دوره وتأثيره. كما أن في لبنان، وبفعل الحرب في غزة التي يبدو واضحاً أنه يزداد تورطاً فيها، فإنها تترك ظلالاً بالغة السلبية على لبنان وتجعل الشعب اللبناني تحديداً يزداد سخطاً على الدور المشبوه لهذا النظام في دفع الأحداث والتطورات نحو المزيد من التأزم الذي يقود في النهاية إلى الحرب والدمار. أما في اليمن، فالحديث يطول، وإن لعبة قصف السفن الدولية بمزاعم واهية لن تمر بسلام على الحوثيين وحتى على النظام الإيراني وسيتم دفع فاتورتها آجلاً أم عاجلاً، والنظام الإيراني قبل غيره يعلم هذه الحقيقة جيداً. فيما يتعلق بالورقة الفلسطينية التي بذل النظام الإيراني طوال الـ45 عاماً المنصرمة في جعلها في يده واحتكارها لصالح أهدافه ومخططاته، فإن المؤشرات لا تدل على ذلك، خصوصاً وأن أي صفقة دولية من أجل تسوية الحرب في غزة تركز وبصورة ملفتة للنظر على تهميش الدور والتأثير الإيراني فيها، وهكذا تسوية لو جرت (وهو أمر وارد ومحتمل)، فإنها تنعكس بالضرورة سلباً على الداخل الإيراني حيث سيطالب الشعب الإيراني النظام بتفسير لهذا الدور السلبي الفاشل الذي يتم دفع ثمنه من قوت الشعب. ولا ريب أن النظام يعلم أن الشعب لن يكتفي بإعلان ضجره وسخطه من دون موقف لن يقل بالضرورة عن ما حدث في 16 أيلول (سبتمبر) 2022! أما على الصعيد الدولي، فإنَّ النظام لا يزال يسعى بكل الطرق إلى فك العزلة الدولية المفروضة عليه وتخفيف العقوبات المفروضة عليه. لكنه ومع عدم تمكنه من ذلك فإنه يواجه تهديداً جدياً جديداً يحدق به، والمتمثل في إدراج الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب، والذي كان قرار الحكومة الكندية إدراجه ضمن تلك القائمة مؤشراً مهماً على إمكانية أن تحذو حذوها دول غربية أخرى، وهو سيؤثر كثيراً على النظام الذي يعتمد على هذا الجهاز اعتماداً مصيرياً. ومن هنا فإن النظام الإيراني وخلال عهد مسعود بزیشكیان لا يملك من الخيارات والإمكانات التي تجعله في مستوى التحديات المحدقة!
الاوضاع في إيران کما هي وليس کما يدعي نظام الملالي
خلال الاشهر الاخيرة، بذل نظام الملالي جهودا غير مسبوقة من أجل إظهار الاوضاع في ظل حکمه بأنها على أحسن مايرام وإنها تسير بإتجاه الانتعاش وإن العقوبات الدولية قد فشلت في تحقيق أهدافها بسبب من الخطط والبرامج التنموية الطموحة لنظام الملالي، وهذه الادعاءات وعندما نقوم بمقارنتها مع الواقع الايراني کما هو من دون رتوش فإن کذب وزيف وتضليل نظام الملالي يتوضح کاملا. تجمع إيران الحرة 2024، قد فضح الواقع المزري في إيران في ظل حکم نظام الملالي الفاسد من قمة رأسه الى أخمص قدميه، وکشف الکثير من الحقائق المروعة بهذا الصدد وأثبت بجلاء إن هذا النظام لايعمل شيئا من أجل الشعب الايراني الذي بات يعيش أغلبيته تحت خط الفقر وإنه يکرس کل جهوده من أجل مصلحة النظام وضمان بقائه وإستمراره. بهذا الصدد، ولأجل کشف کذب وزيف مزاعم النظام وخصوصا الدجال خامنئي، فقد سجل مركز الإحصاء في إيران تضخما شهريا بنسبة 31.9٪ في مايو 2024. بلغت النسب في مارس وأبريل 31٪ و 30.9٪ على التوالي. في المقابل، وصل التضخم الشهري في عام 2021 إلى 43.2٪، وبحلول مارس 2023، قد بلغ ذروته عند 58.6٪. وحقق الدولار أرقاما قياسية جديدة في الأشهر الأخيرة، حيث وصل إلى 58850 تومان يوم الثلاثاء، 9 يوليو. تم تسجيل الذروة التاريخية غير الرسمية عند 67500 تومان في 13 أبريل. في وقت تنصيب إبراهيم رئيسي، كان قد تم تقييم الدولار عند 25630 تومان، وعند وفاته، قد ارتفع إلى 60600 تومان. ويتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تكون السيطرة على نمو الدولار بنسبة 136٪ تحديا كبيرا بالنسبة لحكومة بزشكيان، مما يفاقم بسياسات اقتصادية وخارجية معيبة للنظام، التي يملك بزشكيان تأثيرا ضئيلا عليها. وشهدت أسعار الذهب والعملات ارتفاعا بنحو 3,400,000 تومان و41,000,000 تومان على التوالي. تولت الحكومة الثالثة عشرة مهامها عندما كان سعر الذهب عيار 18 قيراطا 1,100,800 تومان للجرام. بحلول نهاية مايو من هذا العام، قد ارتفع إلى 3,830,000 تومان، مما يمثل زيادة بنسبة 248٪. كما شهد سوق الإسكان في طهران تضخما كبيرا. بلغ متوسط سعر السوق لكل متر مربع 85,910,000 تومان، مما يقدم مقياسا مفيدا فقط للتقارير الرسمية والمقارنات الإحصائية. في مايو 2024، كان متوسط تكلفة شراء منزل في طهران 84,750,000 تومان لكل متر مربع، مقارنة بـ 30,970,000 تومان في أغسطس 2021. ونتيجة لذلك، يتطلب شراء منزل مساحته 100 متر مربع في طهران الآن متوسطا قدره 8.6 مليار تومان. وفقا لوسائل إعلام النظام، يعيش 30٪ من الإيرانيين تحت خط الفقر. يرافق هذه النسبة المستمرة في الفقر ثلاثة اتجاهات مقلقة هي کالتالي: أولا، توسع الفجوة بين الأشخاص تحت خط الفقر والخط نفسه. ثانيا، زادت مدة بقاء الأسر تحت خط الفقر، مما يشير إلى تقلص الحركة خارج الفقر. ثالثا، قلت المسافة الاقتصادية بين الأشخاص فوق خط الفقر وعتبة الفقر، مما يعني أن حتى غير الفقراء يصبحون أفقر. ولايتوقف الامر عند هذا الحد، إذ ذكرت وسائل إعلام إيرانية أنه مع ارتفاع درجات الحرارة وتحطيم استهلاك الكهرباء الأرقام القياسية، تم إعلان يوم الخميس 10 تموز عطلة في 15 محافظة. وتشير التقارير الأولية إلى أن عدد المحافظات التي سيتم إغلاقها يوم الخميس بسبب نقص الكهرباء يبلغ 13 محافظة، لكن هذا العدد ارتفع إلى 15 محافظة، تشمل سمنان وزنجان وخوزستان وقم وبوشهر ومركزي وأصفهان ويزد وسيستان وبلوشستان وتشهارمحال وبختياري وكرمان وخراسان جنوبي ولرستان وقزوين والبرز. ووفقا لوكالة أنباء الطلبة (إيسنا)، بلغ الطلب على الكهرباء في البلاد أكثر من 77 ألف ميغاواط يوم الثلاثاء، ووفقا لتوقعات ارتفاع درجات الحرارة، من المرجح أن يستمر الاستهلاك في الارتفاع. وفي إشارة إلى انقطاع التيار الكهربائي المتقطع الناجم عن نقص الكهرباء يومي الثلاثاء والأربعاء في إيران، قال التقرير: “من أجل منع انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد وانقطاع التيار الكهربائي المخطط له في 15 محافظة، تم إعلان يوم الخميس عطلة من أجل إدارة الشبكة والتحايل على انقطاع التيار الكهربائي عن طريق تقليل استهلاك الكهرباء في المكاتب”.
الاتحاد الأوروبي يمدد العقوبات على النظام الإيراني
مدد مجلس الاتحاد الأوروبي، في بيان له، اليوم الاثنين، العقوبات المفروضة على النظام الإيراني حتى 28 يوليو 2025، مشيرا إلى دعم النظام الإيراني التسليح للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط والبحر الأحمر. ووفقا للبيان، فإن اثني عشر فردا وتسعة كيانات وكيانات مرتبطة بالنظام الإيراني مدرجون حاليا على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي ، مع وجود قيود، مثل تجميد الأصول وحظر تزويدهم بالموارد المالية والاقتصادية وحظر دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي. وفي أواخر نيسان/أبريل، كرر المجلس الأوروبي التزامه باتخاذ المزيد من التدابير التقييدية ضد النظام الإيراني بسبب برنامجه للطائرات بدون طيار والصواريخ، مؤكدا التزام الاتحاد الأوروبي الكامل بوقف التصعيد والأمن في الشرق الأوسط. في 15 أيار/مايو، وسع مجلس الاتحاد الأوروبي نطاق العقوبات المفروضة على النظام الإيراني، مشيرا إلى دعم النظام الإيراني المستمر للآلة الحربية الروسية، فضلا عن دعم طهران الصاروخي والطائرات بدون طيار للجماعات والمنظمات المسلحة في الشرق الأوسط والبحر الأحمر. كما حظر المجلس تصدير المكونات التي يمكن استخدامها في تطوير وإنتاج الطائرات بدون طيار من الاتحاد الأوروبي إلى إيران، وفي 1 يونيو و 25 يونيو، فرض عقوبات على ستة أفراد وأربعة كيانات أخرى مرتبطة بالجمهورية الإسلامية. إن البرنامج النووي وبرامج الصواريخ والطائرات بدون طيار والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان للإيرانيين والقمع المميت للاحتجاجات ودعم روسيا للحرب والدعم المالي والتسليحي للميليشيات هي من بين أهم العوامل التي دفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات إضافية على النظام الإيراني في السنوات الأخيرة.
هيل: وهم إيران بالإصلاح يخفي انهيار نظام خامنئي
في مقالها الأخير الذي نُشر على موقع The Hill، تناقش رامش سبهراد الوضع المعقد والمتدهور للنظام الإيراني تحت قيادة علي خامنئي. الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران، التي شهدت نسبة مشاركة منخفضة تاريخيًا ورفضًا عامًا واسعًا، تظهر مدى الإحباط والاستياء العميق الذي يجتاح المجتمع الإيراني. مسعود بزشكيان، الذي يُروّج له البعض كإصلاحي، يجسد تناقض السياسة في طهران، حيث تخفي واجهة التغيير أزمة بقاء متجذرة بعمق. القبضة المتزعزعة بشكل متزايد للولي الفقيه علي خامنئي على السلطة واضحة بينما يحاول التنقل عبر نظام يعج بالصراعات الداخلية والتحديات الاقتصادية ومجتمع رفض نظامه بالكامل. هذه الانتخابات، بعيدًا عن كونها تشير إلى استقرار، تنبئ بفترة مضطربة قادمة لقيادة خامنئي. وتأتي هذه المقالة لتلقي الضوء على العديد من التحديات التي تواجهها الجمهورية الإسلامية وتبيّن الشروخ المتزايدة داخل النظام الذي يبدو أن قبضته تتراخى بشكل لم يسبق له مثيل، مما يشير إلى أن المستقبل قد يُحسم في الشوارع من قبل المقاومة المتنامية التي تنادي بجمهورية علمانية غير نووية في إيران. ترجمة المقال تؤكد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران، التي اتسمت بانخفاض نسبة إقبال الناخبين تاريخيًا وانتشار الرفض العام، على خيبة الأمل العميقة والإحباط الذي يسود المجتمع. وفي حين يروج البعض لمسعود بزشكيان بأنه إصلاحي، فإنه يجسد مفارقة سياسة طهران، حيث تخفي واجهة التغيير أزمة بقاء راسخة بعمق. إن قبضة الولي الفقيه علي خامنئي الضعيفة بشكل متزايد على السلطة واضحة في الوقت الذي يبحر فيه مع نظام مليء بالصراعات الداخلية والتحديات الاقتصادية والمجتمع الذي رفض نظامه بالكامل. وهذه الانتخابات، بعيدًا عن أن تبشر بالاستقرار، تنذر بفترة مضطربة تنتظر قيادة خامنئي. إن صعود بزشكيان إلى الرئاسة، الذي تم تأمينه بفارق ضئيل على المتشدد سعيد جليلي، هو نتيجة للمناورات الاستراتيجية داخل نظام سياسي يخضع لرقابة مشددة وأزمة متنامية للنظام. إن اعترافه بأن “خامنئي يضع جميع الخطط والسياسات، والابتعاد عنها هو خطي الأحمر” يدل على أنه لن يكون هناك أي تغيير في ظل إدارته. يسلط هذا الاعتراف الضوء على قضية نظامية أوسع في إيران: السلطة النهائية تقع على عاتق الولي الفقيه، مما يجعل دور الرئيس شرفيًا إلى حد كبير من حيث أي تحولات في السياسة. إن ظهور بزشكيان هو نتيجة لعثرات خامنئي الاستراتيجية، التي أصبحت واضحة بشكل متزايد. أدی مصرع إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر إلى تعطيل خطط الولي الفقيه لتعزيز سلطته بشكل أكبر. لم يحرم مقتل رئيسي خامنئي من منفذ مخلص فحسب، بل كشف أيضًا نقاط الضعف داخل هيكل قيادة النظام. ويزيد انتخاب بزشكيان من تعقيد موقف خامنئي، لأنه يشير إلى صدع في الواجهة المتشددة التي حافظ عليها بدقة. يمكن للمرء أن يجادل بأن رئاسة بزشكيان هي نتيجة مباشرة للصراع الداخلي بين المتشددين، مما يكشف عن تلاشي نفوذ خامنئي، حتى بين دوائره الداخلية. وسواء كانت حسابات خامنئي تستند إلى إدارة الصراع الداخلي بين المتشددين أو القدرة على السيطرة على بزشكيان أكثر من جليلي، فإنها تشير إلى أنه لم يعد قادرًا على إدارة شؤون نظامه بشكل كامل كما كان يفعل في عهد رئيسي. وهنأ علي خامنئي بزشكيان، وحثه على “مواصلة مسيرة الشهيد رئيسي”. ومع ذلك، فإن هذا التأييد لا يفعل الكثير للتخفيف من التحديات الأساسية. كما اتهم خامنئي “أعداء الأمة الإيرانية” بتدبير مخطط لمقاطعة الانتخابات، وهو ادعاء يوضح جنون العظمة لدى النظام وانفصاله عن الرفض الحقيقي من قبل الشعب الإيراني. إن مقاطعة الانتخابات بنسبة 60 في المائة على الأقل (الرقم الرسمي) أو ما يصل إلى 91 في المائة من الإيرانيين (وفقًا لجماعة معارضة) هي إدانة صارخة لشرعية النظام. يعكس هذا الامتناع الجماهيري خيبة أمل واسعة النطاق ويشير إلى احتمال اندلاع انتفاضة على مستوى البلاد، مما يذكرنا بالمرحلة الأخيرة من نظام الشاه التي أدت إلى ثورة عام 1979. إن أسس جمهورية إيران الإسلامية تضعف، والفصائل الداخلية على خلاف متزايد، مما يخلق سيناريو يكون فيه استقرار النظام غير مستقر على صرح متداع. فوز بزشكيان مليء بالتناقضات. إن تحالفه مع وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف ودعوته إلى علاقات أفضل مع الغرب، والعودة إلى الاتفاق النووي، وتطبيق أقل صرامة لقانون الحجاب، هي أدوات دعائية مهمة تهدف إلى خلق مساحة لالتقاط الأنفاس للنظام في وسائل الإعلام الغربية والمجتمع الدولي. وفي أول خطاب علني له، أقر قائلا: “يجب علينا أولا أن نشكر الولي الفقيه. بالتأكيد، لولاه، لا أعتقد أن أسماءنا كانت ستخرج من صناديق الاقتراع هذه بهذه السهولة. كان هذا هو التوجيه الذي قدمه الولي الفقيه.” وكان رد الفعل في طهران بعد إعلان النتائج معبرًا. لم تكن هناك احتفالات واضحة، مما يشير إلى شعور عميق بفك الارتباط والرفض. ويؤكد هذا الافتقار إلى الحماس الشعبي على الحالة الهشة لشرعية النظام والتحديات الهائلة التي تنتظر كل من بزشكيان وخامنئي. لا تزال الندوب العميقة للقمع الوحشي المستمر، خاصة منذ احتجاجات عام 2022، غير قابلة للتوفيق بين النظام والناس من جميع مناحي الحياة. تعكس العقوبات المتزايدة التي فرضها النظام على النساء اللواتي يخالفن قواعد اللباس والحكم على المتظاهرات بالإعدام محاولة يائسة للحفاظ على السيطرة من خلال الخوف والقمع. إن الفساد الهائل والحوكمة الاقتصادية على غرار المافيا من قبل فيلق الحرس الثوري الإسلامي لا تترك مجالا للتقدم الاقتصادي للعمال والمتقاعدين والمنظمات غير الحكومية والنقابات. إن موقف بزشكيان من هذه القضايا، على الرغم من اختلاف لهجته، يتماشى تمامًا مع التدابير الوحشية التي يتخذها النظام. إن وعود بزشكيان الجوفاء بالإصلاح، أو قدرته على تنفيذ أي تغيير، ستؤدي إلى فترة مضطربة تتميز بالصراع الداخلي، ورد الفعل العنيف من “فيلق الحرس الثوري الإسلامي”، وخلافة غير مؤكدة للولي الفقيه. إن قبضة خامنئي الضعيفة على السلطة تخضع لاختبار لم يسبق له مثيل، وأصبحت الشقوق داخل النظام واضحة بشكل متزايد. وبينما يبحر النظام في هذا المنعطف المحفوف بالمخاطر، فإن احتمال حدوث اضطرابات كبيرة يلوح في الأفق، حيث من المرجح أن يتم تحديد المستقبل في الشوارع من خلال المقاومة المتنامية التي تدعو إلى جمهورية علمانية غير نووية في إيران. *رامش سبهراد، دكتوراه، مؤلفة وباحثة إيرانية أمريكية حاصلة على درجات علمية متقدمة من كلية كارتر للسلام وحل النزاعات في جامعة جورج ميسون. وهي أستاذة ممارسة في مجال الأمن السيبراني في جامعة كونيتيكت، وتقوم حاليًا بتدريس دراسات الشرق الأوسط في كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة بالتيمور.
الحسم لن يکون إلا بإسقاط النظام الايراني
تيقن النظام الايراني ومنذ بدايات تأسيسه، بأنه من الصعب جدا أن يفرض نفسه کأمر واقع على الشعب الايراني من خلال إتباع الطرق والاساليب التقليدية، خصوصا وإنه لم يکن صعبا على الشعب الايراني أدراك التشابه الکبير بين هذا النظام وبين سلفه من حيث ماهيتهما الدکتاتورية وعدم إيمانهما بالديمقراطية والحرية، ولذلك فقد أولى ويولي هذا النظام أهمية إستثنائية للأجهزة القمعية ويحرص على أن تکون دائما بالمستوى اللازم والمطلوب ولا ينقصها شئ. الرفض الشعبي للنظام وعدم تقبل أفکاره ومبادئه التي تسعى لفرض نظاما شموليا ثيوقراطيا من خلال إستخدام وتوظيف الدين، قابله النظام بطرق وأساليب ولعب مختلفة والملفت للنظر إن النظام ومنذ البداية وتحديدا بعد القطيعة والمواجهة التي جرت بينه وبين منظمة مجاهدي خلق، ولأن لهذه المنظمة تأريخ حافل في مواجهة وإسقاط النظام الملکي الدکتاتوري السابق، فقد حرص والى أبعد حد على خلق حاجز وجدار بينها وبين الشعب وذلك من خلال شن حملات مختلفة ضدها هدفها الاساسي التشکيك بالمنظمة وجعل الشعب ينأى بنفسه عنها. المساعي المشبوهة للنظام من أجل التعامل مع کبح جماح تطلعات الشعب للحرية والديمقراطية من جانب ومحاولة خلق وإيجاد حاجز وجدار بين الشعب ومجاهدي خلق، کان ولازال يمثل المعادلة المعقدة التي يسعى النظام جاهدا لتحقيقها على أرض الواقع، والملفت للنظر هنا بل وحتى الجدير بأخذه بنظر الاعتبار والاهمية، إن النظام کان يحرص أيما حرص على أن يصور کل تحرك ونشاط شعبي معارض له في مختلف الصور ماعدا کونه ذو طابع سياسي، وهذا الامر قد دام للنظام وفي ظل سياساته ونهجه القمعي التعسفي وحملاته المستمرة على مجاهدي خلق حتى أواخر عام 2017، حيث حدثت المفاجأة الصادمة للنظام والتي أصابته بحالة من الهستيريا والجنون، عندما إندلعت إنتفاضة 28 ديسمبر2017، والتي أکدت وأثبتت شعاراتها وکذلك الدور البارز للمنظمة فيها والتي وصلت الى حد إن خامنئي وللمرة الاولى إتهم المنظمة رسميا بکونها وراء الانتفاضة، بأنها إنتفاضة ذات طابع سياسي وبإمتياز. مشکلة النظام العويصة هنا، إن الطابع السياسي للصراع والمواجهة الشعبية ضده لم تقف عند حدود هذه الانتفاضة بل إنها إمتدت الى الانتفاضتين اللاحقتين ولاسيما وإن الانتفاضة الاخيرة التي إستمرت لعدة أشهر کانت إضافة الى طابعها السياسي فإنها إتسمت أيضا بطابع فکري، ليرسم الصراع والمواجهة الشعبية القائمة مع النظام خطا وبعدا سياسيا ـ فکريا واضح المعالم، بحيث يٶکد بأن رفض النظام لم يعد عشوائيا وغير منظما وليس له من رأس، وهذا بحد ذاته صارت حقيقة مرة کالحنظل لم يعد هناك من مناص على النظام أن يتقبلها ويتجرعها رغما عنه، والحقيقة الاکثر مرارة من ذلك إن النظام لم يتمکن وخلال مواجهته وقمعه لثلاثة إنتفاضات عارمة ضده من القضاء على الاسس والاعتبارات التي إنطلقت من خلالها وهو ما يعني بأنه قد أصبح للرفض الشعبي جذور ليس من الصعب بل وحتى من المستحيل إجتثاثها حتى حسم الصراع!
البداية الصحيحة في سبيل العمل من أجل إيران حرة
مع دفع النظام لمسعود بزشکيان الى الواجهة عقب فوزه في إنتخابات الرئاسة وعودة معزوفة الاعتدال والاصلاح النشاز فإنه من المفيد جدا هنا الإشارة مرة أخرى الى أن لعبة الاصلاح والاعتدال، ليست في الحقيقة سوى إحدى عمليات الخداع والکذب والمناورة التي يمارسها هذا النظام مع المجتمع الدولي من أجل المماطلة والتسويف وکسب الوقت والتمويه على العالم من أجل درء الاخطار والتهديدات المحدقة بالنظام وهذا ماقد صار حقيقة وأمرا واقعا حتى إن العديد من المراقبين والمحللين السياسيين يرون في عقد الآمال على مزاعم الاعتدال والاصلاح في النظام الايراني، مجرد عملية خداع نفس والرکض وراء سراب بقيعة ولاشئ غير ذلك! مزاعم الاعتدال والاصلاح الکاذبة والواهية من ألفها الى يائها والتي يتمشدق بها نماذج محسوبة على النظام وتحرص على الدفاع عنه بل وحتى تعمل کل مابوسعها من أجل إنقاذ النظام من محنته وأزمته الطاحنة والعبور به الى الضفة الاخرى سالما، غير فإن الحقيقة المهمة التي يجب أخذها بنظر الاعتبار وبناءا على تجربة أکثر من ثلاثة عقود، فإنه لايمکن أبدا أن تکون المزاعم الکاذبة والمخادعة الصادرة من داخل نظام الملالي مصدرا وأساسا لحل المعضلة الايرانية ذلك إنه أساسا جزء من النظام ولايريد تغيير أو إسقاط النظام وانما يسعى الى إنقاذه، ناهيك عن إنه لايملك أي برنامج أو مشروع سياسي ـ فکري من أجل إيجاد حلول للمشاکل والازمات في إيران. إيران لن تکون بخير أو أمان أبدا طالما بقيت الظلال الداکنة والکئيبة لهذا النظام الدموي مخيما ومهيمنا عليه، وإن إستمرار حکم الملالي المستبدين المعادين للإنسانية والتقدم والحضارة يعني إستمرار المشاکل والازمات في إيران، وإن الدعوة الى إيران حرة ديمقراطية مٶمنة بالتعايش السلمي وخالية من أسلحة الدمار الشامل و مٶمنة بحقوق الانسان و المرأة، هي أساسا تشکل حجر الاساس في البرنامج الشامل للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية والذي يٶمن إيمانا راسخا وعميقا بإستحالة إصلاح الاوضاع وتغييرها جذريا مع بقاء هذا النظام ولهذا فقد دعا ويدعو الى إسقاطه کحل أمثل وحيد للمعضلة الايرانية من الاساس وهذا ماتم التأکيد عليه بکل وضوح خلال تجمع إيران الحرة 2024 في باريس وبرلين، وإن دعم وتإييد هذا المجلس من خلال الاعتراف به رسميا من قبل دول المنطقة والعالم يمثل البداية الصحيح من أجل العمل في سبيل إيران حرة ديمقراطية من دون هذا النظام الذي صار واضحا بأنه يشکل خطرا وتهديدا للمنطقة والعالم بأسره.
إيران ..هذه هي حقيقة الرئيس الاصلاحي
في المقالات والتحليلات والمواضەع الاخرى المختلفة التي جرى ويجري إثارتها بمناسبة فوز مسعود بزشکيان لرئاسة إيران، فإن الملفت للنظر أن تتصاحب مع ذکر إسمه مفردتا”معتدل” أو”إصلاحي” أو حتى کلاهما معا، ولکن وبرغم إنه ومن خلال أکثر من 3 عقود من الترکيز الايراني على الاعتدال والاصلاح، فقد ثبت إنه مجرد کلام وتنظير متحذلق لاوجود له على أرض الواقع، غير إنه ومع ذلك فإنه يحق التساٶل هل حقا إن بزشکيان معتدل ويريد الاصلاح؟ المرء مخبوء تحت لسانه! قول مأثور للأمام علي أبن أبي طالب، وهو يٶکد على إن الانسان يکشف عن ماهيته وعن معدنه الاساسي من خلال مايرد على لسانه من کلام، ومن هنا فمن المفيد جدا مطالعة تصريحات وردت على لسان بزشکيان يسعى من خلالها التعريف بنفسه وبأفکاره وطروحاته وخطه الاحمر الذي لايمکن أن يتجاوزه! ردا على الطلاب الذين أطلقوا عليه صيحات الاستهجان بسبب مديحه لخامنئي، قال بزشكيان، خلال حملته الانتخابية في إحدى الجامعات: “أنا أؤمن بالقائد، وأنا منصهر فيه… لا يحق لكم عدم احترام شخص أؤمن به”، وفي برنامج دعائي تلفزيوني، ردا على سؤال المذيع “هل لديك خط أحمر في اختيار زملائك في الحكومة؟” قال بزشكيان: “الخط الأحمر واضح جدا، هو أن أي شخص لا يتوافق مع السياسات العامة للولي الفقيه ولا يريد تنفيذ تلك السياسات يصبح خطا أحمر”. وکما نقل التلفزيون الايراني عنه في العاشر من يونيو المنصرم فقد قال خلال مناظرته الثانية:” كل من يأتي إلى مقر حملتي الانتخابية، سأقبله، أريد الحصول على أصوات. لكن ما أفعله هو سياسات خامنئي وأنا أتصرف بناء عليها. هذا هو خطي الأحمر”، وفيما يتعلق بسلفه ابراهيم رئيسي الذي إختاره خامنئي بدقة وعول عليه دون الرٶساء السابقين فقد شدد بزشكيان على التزامه بمسار وبرنامج إبراهيم رئيسي، قائلا: “لا بد أن للحكومة السابقة خطة في الماضي… سنمضي قدما لتنفيذ ذلك البرنامج. لن أقول أي شيء جديد … ليس من واجب أي حكومة تأتي إلى السلطة أن تغير المسار. إنه ليس تغييرا في الاتجاه. السير في نفس الاتجاه كما كان من قبل”، مع الاخذ بعين الاعتبار إن رئيسي کان أکثر رئيس مکروه ومرفوض من جانب الشعب الايراني وحتى إنه قد حدثت أکبر إنتفاضة خلال عهده. أما بالنسبة لقاسم سليماني الذي دأب الشباب الايراني على إحراق صوره وإتلاف ملصقاته وتدمير النصب الخاصة به، فقد وصفه ب:” النموذج الذي يجب أن يحتذي به الشباب”، بل والانکى من ذلك کله إن بزشکيان وفي مقابلة بثها تلفزيون النظام قبل 10 سنوات (27 نوفمبر 2014)، كان بزشكيان فخورا بسجله في استخدام الهراوات واعترف بأنه كان يتقدم حتى على مؤسسات القمع الرسمية في الممارسات القمعية. ووفقا له، كان قائد مايسمى ب”الثورة الثقافية” في جامعة تبريز ورائد إغلاق الجامعة. كما اعترف بأنه في عام 1979، في الأيام الأولى لانتصار الثورة المناهضة للملكية، وقبل فرض الحجاب، أصدر مع العصابات البلطجية تعميما في ذلك الوقت، يقضي بأن يكون الطاقم الطبي في المستشفيات والمراكز الطبية بالحجاب الكامل، وتم تنفيذ ذلك.