( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )
أضواءقرانيه
الحج في الإسلام (1)
نبذة بسيطه من بعض فضائل البسمله**
(المكان بالمكين)*
فضل الدعاء
أسرار سـورة الإنشراح
كيف نواجه أهل الحسد
فقه وداع رمضان
سورة المنافقون سورة المنافقون هي سورة مدنية عدد آياتها 11 وترتيبها 63
رحلة الإسراء والمعراج
الشيخ /محمد محمد غنيم أبويحيى 1- قيمة الإصرار على البناء وعدم اليأس: ====================== فمصر تحتاج من الجميع في هذه المرحلة إلى الإصرار على البناء ومحاربة كل عوامل الهدم من أجل أن تعم شمس الحقيقة المكان وتُعْلَى للدولة الأركان، ويسود الأمن والأمان . يلمح هذا في : ======= في إصرار النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – على تبليغ دعوته وعدم اليأس فها هو يخرج إلى الطائف وليس معه إلا زيد بن حارثة(1) وهو يعلم أنه قد لا يدخل ثانية إلى مكة – بدليل أنه دخلها في جوار أحد المشركين – ويذهب إلى الطائف ويُقَابَل فيها بالإيذاء حتى دُميت قدماه ” (2) وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى لقد شج في رأسه شجاجاً ” (3) ومع ذلك يزداد الرسول – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – استمساكاً بالحق وعدم اليأس . فيجب أن نعلم في بلدنا أن الوصول إلى الأهداف العظيمة يحتاج إلى الإصرار والتضحية والبذل وتحمل المعوقات حتى لو دخلنا في تجارب ولم نخرج منها بشيئ كما دخل النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الطائف ولم يخرج بمؤمن واحد(4) من أشرافها أو أهلها(5). هوامش: ====== 1- قال بعض أهل الفضل :واختيار الرسول صلى الله عليه وسلم زيدًا كي يرافقه في رحلته فيه جوانب أمنية، فزيد هو ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتبني، فإذا رآه معه أحد، لا يثير ذلك= =أي نوع من الشك لقوة الصلة بينهما، كما أنه صلى الله عليه وسلم عرف زيدًا عن قرب، فعلم فيه الإخلاص والأمانة والصدق، فهو إذن مأمون الجانب فلا يفشي سرَّا، ويعتمد عليه في الصحبة، وهذا ما ظهر عندما كان يقي النبي صلى الله عليه وسلم الحجارة بنفسه، حتى أصيب بشجاج في رأسه. 2- روى موسى بن عقبة أنه قعد له أهل الطائف صفين على طريقه فلما مر جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعها إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموه ، وزاد سليمان التميمى : أنه صلي الله عليه وسلم كان إذا أذلقته الحجارة ( آلمته ) قعد إلي الأرض فيأخذون بعضديه فيقيمونه ، فإذا مشى رجموه وهم يضحكون راجع كتاب : عيون الاثر في فنون المغازي والشمائل والسير- تأليف : محمد بن عبد الله بن يحي ابن سيد الناس – دار ابن كثير – دمشق – ط الاولى- 1413هـ- جزء الاول – ص 232 3- راجع الطبقات الكبرى – تأليف : محمد بن سعد أبو عبد الله البصر – تحقيق : إحسان عباس – الناشر : دار صادر – بيروت – الطبعة : الأولى – 1968م – ج الاول – ص 212 4- قال ابن سعد في الطبقات :” فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّائِفِ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ مَحْزُونٌ لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَلاَ امْرَأَةٌ “ 5- وإن كان النبي خرج رحلة الطائف في مجملها بإسلام نفر من الجن وعداس رضي الله عنه ،قال العلامة الزرقاني:عداس أسلم عندما أخبره النبي بيونس بن متى فتعجب من ذلك عداس لأن يونس بن متى عليه السلام لم يكن يغرفه أحد من أهل تلك البلاد بل لم يكن معروفا حتى في نينوى يقول عداس : والله لقد خرجت من نينوى وما فيها عشرة يعرفون ما يونس بن متى وعداس معدود في الصحابة وذكر السهيلى : أنه لما أراد عتبة وشيبة الخروج إلي بدر بحائطكما تريدان ، والله ما تقوم له الجبال ، وقيل : إن عداسا قتل ببدر وقيل : لم يقتل بل رجع فمات . راجع كتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية – المطبعة الأرهرية بمصر 1327هـ 1/300،299 لا تنسونا من الدعاء
مكانة الصدق في الإسلام
الشيخ /محمد محمد غنيم تعريفه: الصدق هو الخبر عن الشيء على ما هو به، وهو نقيض الكذب. قال القرطبي: الصّدّيق هو الذي يحقق بفعله ما يقوله بلسانه مكانته: الصدق مطلب أساس في حياة المؤمن، وهو رأس الفضائل، وعنوان الصلاح والفضل. أثنى الله تعالى على مَن لزمه فصار له خُلقًا، فقال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾ [الحديد: 19] بالصدق يتميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران. وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه، من اعتمده سما قدره وعلت مكانته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته وظهرت حجته. أمر الله تعالى به فقال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]. أخرج البخاري ومسلم واللفظ له عَنْ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا. وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ». عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة “. رواه أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني والبيهقي بأسانيد حسنة. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: الصدق أمانة، والكذب خيانة. ولما كان حمل النفس على الصدق في جميع أمورها شاقا عليها، ولا يمكن لعبد أن يأتي به على وجهه إلا بعون الله وتوفيقه، أمر الله نبيه أن يسأله الصدق في المخرج والمدخل، فقال عز وجل: ﴿ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ﴾ [الإسراء: 80]. الصدق من صفات الله عز وجل: قال سبحانه: ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ﴾. ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾. ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾. الصدق من صفات الأنبياء والرسل: ﴿ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾ إبراهيم: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 83، 84]. ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 41]. إِسْحَاق وَيَعْقُوب: ﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ﴾ [مريم: 49، 50]. إسماعيل: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54]. إدريس: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴾ [مريم: 56]. يوسف: ﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ ﴾ [يوسف: 46] الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كان أصدق الناس وأبرهم وأكملهم علما وعملا وإيمانا ويقينا، كان معروفًا بالصدق في قومه، وقد كان ذلك فيه بمثابة السّجيّة والطّبع فعرف بذلك حتّى قبل البعثة، وكان لذلك يلقّب بالصّادق الأمين، واشتهر بهذا وعرف به بين أقرانه. وبعد البعثة المباركة كان تصديق الوحي له مدعاة لأن يطلق عليه أصحابه «الصّادق المصدوق»، وصدق الله- عزّ وجلّ- إذ قال: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 2 – 4]. أخرج البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ﴾، صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ» – لِبُطُونِ قُرَيْشٍ – حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟» قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا، – وفي رواية ما جربنا عليك كذبا- قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ» فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ [المسد: الصدق من صفات المتقين؛ قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ. ﴿ وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 33] الصحابة: ﴿ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 8]. أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أخرج الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى يتحدث الناس بذلك فارتد ناس فمن كان آمنوا به وصدقوه وسمعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أسرى به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم. إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك؛ أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة. فلذلك سمي أبو بكر الصديق أخرج البخاري عن أَبي الدَّرْدَاءِ أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال في حق أبي بكر رضي الله عنه: « هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟ إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقْتَ ». مجالات الصدق: 1) الصدق مع الله: ﴿ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [محمد: 21] ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 23، 24]. ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ﴾. الصدق مع الله يقتضي من العبد أن يسعى جاهدا فيما يرضي ربه سبحانه، من أعمال وأقوال وأحوال؛ قال سبحانه: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾، وقال عز وجل: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام:
تلطَّفْ في الإخبار عن المصائب والفواجع
الشيخ /محمد محمد غنيم إذا أخبرت عن أمر مكروه فتلطَّفْ في الإخبار، ومهِّدْ له بما يخفف عن صاحب المصاب مصابه، ولا تصكَّ سمعه بالخبر المفجع صكا، وتحيَّنْ الوقت الملائم لإخباره؛ فلا تخبره بذلك وهو على طعام، أو قبل النوم، أو في حالة مرض أو استفزاز. وإذا أصيب أحد عزيز أو قريب عليك بموت أحد من أسرته ؛ فلا تنس تعزيته ولا تبطئ بها، ولا تنس أن تشارك في تشييع الميت إلى قبره، وعند تعزيتك ومواساتك أخاك أو قريبك أو أحد معارفك بمصابه؛ يستحب أن تدعو لأخيك الميت بمثل ما دعا به سيدنا رسول الله r لأبي سلمة t حين توفي، وعزى به أهله: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين- أي كن له خليفة في ذريته الباقين من أسرته-، واغفر لنا وله يارب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه)). ويحسن أن يكون حديثك مع المعزَّي فيم يتصل بتخفيف وقع المصيبة؛ بذكر أجرها وأجر الصبر عليها، وأن الحياة الدنيا فانية منقضية، وأن الآخرة هي دار القرار، ويحسن ذكر بعض الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة المذكرة بذلك، فتذكر مثل قول الله سبحانه وتعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
أضواء قرانية (سورة الفاتحة )
الشيخ /محمد محمد غنيم /////////////////////////////////////// يوجه القرآن خطابه للإنس وللجن أجمعين. يأمرهم وينهاهم ويضع بعض المحرمات أمامهم، وينقل كلامهم وكلام الشياطين. وهو في كل هذا معجز على الدوام. ولا يكمن إعجاز القرآن هنا في مجرد النقل، بل في كيفية هذا النقل، والعناصر والصور والنقوش التي يستعملها ويختارها. والناحية الإعجازية الأخرى فيه هي أن هذه الأخبار التي ينقلها غيبية. أجل! فقبل كل شيء فإن اختيار القرآن للعناصر والأدوات اختيار رائع وخارق للعادة. ثم إن القرآن يستعمل هذه العناصر والأدوات في اسلوب مختلف معجز لا يمكن الوصول إليه ولا حتى مقاربته. اُسلوب يخرج عن طاقة الإنس والجن. ولكن لكي ندرك هذه الناحية علينا النظر إلى آيات القرآن نظرة واسعة وشاملة، ولكي نوضح هذا الإعجاز علينا إعطاء بعض الأمثلة وبعض التفاصيل: كثيراً ما نحس بأحاسيس ومشاعر في أعماق أرواحنا، ولكننا نعجز عن التعبير عنها، عند ذلك نئن تحت ألم العجز ونقول كما قال الشاعر “محمد عاكف”: أبكي وأنوح… ولكن لا أستطيع إثارة البكاء! أحس بالألم… ولكن لا أستطيع بث لواعجي آه من قلبي الأخرس!… كم أشكو منه! //////////////////////////////////////////////////// سورة الفاتحة بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ /////////////////////// ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾(الفَاتِحَة:5) //////////////////////////////////// كما نعلم جميعاً وكما ورد في جميع التفاسير فإن مضمون النكتة هنا من تقديم المفعول به هو باختصار: اللهم إننا لا نقر ولا نعترف إلاّ بألوهيتك ولا نذعن لأحد سواك. ولا نجد الاطمئنان والسكينة والسلوى إلاّ عندك. والنكتة الأخرى التي تستحق التسجيل هنا هي أنه عوضاً عن استعمال صيغة الماضي “عبد” وردت صيغة المضارع للفعل نفسه “نعبد”. لأن صيغة الماضي تتضمن معاني أمثال: عبدنا… صلينا… فعلنا كذا وكذا… أي هناك بعض معاني الغرور التي لا تتناسب مع روح العبادة والعبودية. أما في صيغة “نعبد” فلا توجد أي إيماءة لمثل سوء الفهم هذا، لأن فعل “نعبد” يشير إلى عجز الإنسان وفقره أمام الحضرة الإلهية العظمى ودوام معرفة هذا العجز وهذا الفقر، ونستطيع تلخيص ما يريد أن يقوله الإنسان هنا هكذا: “يارب!… لقد عقدت العزم على ألا أضحي بحريتي ولا أذل نفسي لأي أحد سواك. لذا فأنا أتوجه اليك وإلى بابك بملء نفسي بنية العبودية والذل، وأقبل على عبادتك وإطاعتك بنفس ملؤها الشوق والوجد، عاقداً العزم على تجنب معصيتك وكل ما لا تحبه وما لا ترضاه… نيتي هي أكبر وأفضل من عملي، وأنا أتضرع اليك أن تقبل نيتي عملاً عندك! عملاً بمقياس ما أنوي عمله وليس بمقياس ما عملته يارب!…” ثم إنه يؤكد بأنه ليس وحده في معرض هذا الرجاء والتضرع، بل يقول إن إخوانه يشتركون معه في هذا الرجاء والتضرع، أي يعرض هنا حسن ظن واسع وشامل. وفي الوقت نفسه يضم تأييدهم واشتراكهم إلى جانبه فيضمن اتفاقاً وإجماعاً لا يمكن جرحه وهو يتوجه إلى باب قاضي الحاجات، فيتخلص من وساوس الشيطان ويعطي صورة كاملة للعبودية الكاملة تجاه الألوهية الكاملة والمطلقة.