اسليدرالاسلاميات

نبذة عن الإمام الشيخ عبدالغنى صالح الجعفرى امام الازهر الشريف

احجز مساحتك الاعلانية

كتب – ممدوح حافظ محروس
قال الشيخ عبد الكريم عيسى الجعفرى ولد سيدى الإمام الشيخ عبدالغنى رضى الله تعالى عنه فى مدينة دنقلا عاصمة المديرية الشمالية بالسودان الشقيق ، ومدينة دنقلا هذه تتربع على صدر النيل الخالد بالضفة الغربية ويحتضنها ببرده و غدقه ويسقيها من فيضه ماء غدقا وعلى امتداد شاطئها المقوس على ظهر النيل ترتفع أشجار النخيل الباسقات تومئ بارتفاع هاماتها إلى سمو المدينة وعلو شأنها ، تلك الأشجار التى ترقصها نسائم الشمال على أنغام السواقى الرابضة على ضفاف النيل بأعذب ألحانها ومدينة دنقلا تعتبر بوابة التاريخ ومفتاح الحضارة لأنها أول مدينة متاخمة لمصر من جهة الشمال تربطها بمصر روابط تاريخ و وشائج رحم منذ الفتح الإسلامى المبكر والتاريخ القديم
وقد فتحت هذه المدينة وغيرها كثير من البلاد الإفريقية على يد الصحابى الجليل سيدنا عبدالله بن أبى سرح رضى الله تعالى عن
لهذه الروابط القوية والصلات الحميمة بين مصر والسودان بوجه عام و بين صعيد مصر ومدينة دنقلا للجوار بوجه خاص هاجر سيدى صالح محمد رفاعى الجد الأول لسيدى الشيخ صالح الجعفرى والجد الثانى لسيدى الشيخ عبدالغنى صالح الجعفرى من مصر إلى السودان وبالأخص من قرية السلمية التابعة لمدينة الأقصر إلى مدينة دنقلا ، و قد كان من أهل القران والعلم والتقوى والصلاح فاستقر بمدينة دنقلا ليعلم أهلها القرآن والفقه حيث كان هم الناس الأكبر هداية الخلق إلى طريق الحق دون بحث عن مناصب أو وظائف أو دنيا زائلة فأسس خلوة “كتابا” لتحفيظ القران وتعليم مبادئ العلوم ، و تزوج من أبناء عمومته الجعافرة الموجودين هناك فأسس أسرته المباركة فأنجب أولاده الذين منهم سيدى محمد والد شيخنا سيدى صالح الجعفرى. ولما رزق سيدى محمد صالح محمد رفاعى بولده سيدنا الشيخ صالح الجعفرى سماه على اسم جده “صالح” ووهبه لله – تعالى- والقرآن والعلم ، فلما أخبر والده بذلك أعلمه بأنه لن ينتفع منه فى الدنيا بشئ ، فحفظ سيدى الشيخ صالح الجعفرى القران الكريم مبكرا وشيئا من مبادئ العلوم وبعض المدائح النبوية و زوجه أبوه فى سن مبكرة فى الرابعة عشر من عمره . فى هذا البيت الصالح الشريف وفى مدينة دنقلا ولد سيدى الشيخ عبدالغنى صالح الجعفرى وكان ذلك الميلاد السعيد فى عام (1932م) وبعد أن ولد هو و أخت له ألهم سيدى الشيخ صالح الجعفرى الذهاب إلى الأزهر الشريف فى مصر ليتلقى العلم من صدور الرجال وينهل من علومهم ومعارفهم ويكون فى جوار أجداده أهل البيت الأطهار ويحصل على شهادة العالمية من الأزهر الشريف التى قال هو عنها فى كتابه فتح وفيض وفضل من الله فى شرح كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله : ” شهادة العالمية حكم العلماء بأن من لم يحملها لا يكون عالما ولا يسند إليه شئ من مهام أهل العلم كالخطابة والوعظ والتدريس والإمامة والقضاء والإفتاء .
فاتجهت همة سيدى الشيخ صالح رضى الله عنه إلى الأزهر الشريف تاركا أسرته المباركة سيدى عبدالغنى وأخته ووالدتهم فى كفالة أبيه سيدى محمد صالح محمد رفاعى ، وسن سيدى الشيخ عبدالغنى رضى الله تعالى عنه وقتئذ دون سن دخول المدرسة أو الكتاب وقد كان الإمام الجعفرى رضى الله عنه راغبا فى الله تعالى زاهدا فى كل شئ سواه بما فى ذلك الأسرة الحنون ، ولما ترك كل شئ لله عز وجل – تولى الله تعالى – حفظ أسرته وأهله بعين عنايته وشملهم بحصن رعايته وكنف حمايته فأحاطت العناية الإلهية بسيدى الشيخ عبدالغنى صالح الجعفرى منذ صغره فلما وصل إلى سن التعليم أدخله جده خلوة القرآن “الكتاب” ليحفظ القران الكريم كعادة أبناء العلماء0
مراحل التعليم فى حياة سيدى الشيخ عبدالغنى والشهادات التى نالها
التحق أول ما التحق كما أسلفنا بالخلوة “الكتاب” فى مدينة دنقلا وحفظ القران الكريم وبعض مبادئ اللغة العربية ثم انتقل إلى المدرسة الأولية
وفى بداية عام 1943م طلبه والده سيدى صالح الجعفرى –رضى الله عنه- للحضور الى مصر ومعه الأسرة الكريمة فلبى طلب أبيه وحقق رغبته و أقاموا فى مصر عاما كاملا التحق أثناءه سيدى عبدالغنى رضى الله عنه بالقسم العام بالأزهر الشريف وقد أجرى له اختبار للقبول بذلك القسم فاجتازه بجدارة وتفوق وباقتدار وحين علموا أنه ابن الإمام الجعفرى أثنوا عليه كأنهم يريدون مجاملته لأجل والده ولما علم الإمام الجعفرى أن سيدى عبدالغنى ربما ينتفع بجاهه أبى عليه ورعه أن يترك ولده للاستمرار فى الدراسة بالأزهر حتى لا يجامل أو يحابى فالأمر كله عندهم لله تعالى .
هنا أشار سيدى الشيخ صالح الجعفرى إلى سيدى الشيخ عبدالغنى رضى الله عنهما بأن يعود إلى السودان وقد تلطف معه بالقول و أخفى ورعه الشديد وقال له يا بنى أنا شغلت بطلب العلم عن خدمة والدى فلو ذهبت لخدمتهما بدلا منى لجعل الله لك من وراء ذلك الخير الكثير ، فما كان من سيدى عبدالغنى إلا أن بادر إلى طاعة أمر والده وتحقيق رغبته فعاد بالأسرة إلى السودان ليخدم جده وجدته ويكمل تعليمه هناك0
وكان الكتاب لا يزال موجودا فالتحق به مرة ثانيه وكان شيخ الكتاب الشيخ حامد النجار فجعل سيدى عبدالغنى يتردد على الكتاب ثم التحق بالمدرسة الأهلية الابتدائية التى افتتحها عباس ماهر المصرى فأتمها ، ثم التحق بالمعهد العلمى وفى أثناء دراسته بهذا المعهد كان يساعد شيخه فى الكتاب فى التدريس به ، وذلك أن الشيخ حامد النجار توفى إلى رحمة الله تعالى فواصل العمل مكانه الشيخ أحمد الباشكاتب فعمل معه سيدى عبدالغنى مدرسا متابعا وعلى يديهما تطور أمر هذا الكتاب حتى صار فصلين لكثرة إقبال الطلاب عليه من ناحية وتحديد المستوى من ناحية أخرى .
وفى هذه الأثناء حصل سيدى عبدالغنى على شهادة المعهد العلمى وقتئذ وهو ما يعادل الآن كلية التربية بالجامعات المصرية وغيرها.
أعماله ووظائفه رضى الله تعالى عن
سبق أن أشرنا إلى أن سيدى عبدالغنى رضى الله تعالى عنه عمل مدرسا متابعا مع الشيخ أحمد الباشكاتب فى الكتاب وذلك أثناء دراسته بالمعهد العلمى وقبل تخرجه فيه.
ثم انتدب للتدريس بالمدرسة الابتدائية التى تخرج منها بجوار عمله بالكتاب إلى أن زار هذه المدرسة مفتش التعليم الأستاذ حسن أبو درق فى زيارة رسمية قرر خلالها تعين سيدى الشيخ عبدالغنى مدرسا رسميا بهذه المدرسة وحرر مذكرة بذلك .
و بجوار عمله مدرسا وسع خلوة القران كما أسلفنا وجعلها من فصلين وسماها فى البداية مدرسة أطفال دنقلا ، ثم بمتابعة الإجراءات الرسمية مع وزارة التربية والتعليم صارت على يديه مدرسة أهلية صغرى وسماها الشيخ “مدرسة السعادة النموذجية”
واستمر مدرسا متابعا إلى مدرس ثم إلى مدرس أول ثم مدير للمدرسة حتى وصل إلى رتبة موجه تربوى ثم موجه فنى للتعليم فى المنطقة الوسطى .
وإلى جانب عمله فى التعليم شارك فى العمل السياسى و تولى العديد من المناصب القيادية الهامة فى السودان الشقيق و التى منها أمين قسم دنقلا ثم المدير التنفيذى للمديرية الشمالية .
التفرغ الكامل للدعوة الى الله تعالى ونشر الطريق
كان سيدى الشيخ عبدالغنى رضى الله عنه خلال رحلة عمله المباركة سواء فى المجال التعليمى أو الإدارى و الفنى أو السياسى و التنفيذى يحج بيت الله تعالى دائما كما كان سيدى الشيخ صالح رضى الله عنه كذلك وكانا يلتقيان هناك كل عام وفى حجة سيدى الشيخ صالح الأخيرة عام 1978م التقى ولده البار المبارك و أوصاه بالطريقة و الإخوان خيرا و أشار إليه بان وقت حمل الأمانة قد حان كما أشار سيدى عبدالغنى رضى الله عنه إلى ذلك فى مؤلفاته نثرا ونظما فلما جاء نبأ وفاة والده – رضى الله تعالى عنهما – شرع فى إجراءات طلب التقاعد و الإحالة إلى المعاش ؛ لينفذ وصية والده و يتفرغ للدعوة تفرغا كاملا ويضطلع بالأمانة التى وصاه أبوه بها و أسندها إليه ، وفى ذلك يقول سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى الله تعالى عنه : ” كنت أنوى أن أكلف فضيلة الشيخ محمد عبدالباقى العالم الأزهرى – من أبناء الشيخ و تلاميذه – بالطريقة و الإخوان ، ولكن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أشار إلى ولدى عبدالغنى و أمرنى أن أكلفه بها ” وبالفعل أحيل سيدى عبدالغنى إلى التقاعد وتفرغ وسافر بأسرته إلى مصر حيث المركز الرئيسى للطريقة الجعفرية والمسجد ومقام وضريح سيدى الإمام بجوار مولانا الإمام الحسين رضى الله تعالى عنهم أجمعين
أعماله الخاصة بنشر الطريقة
إن التصوف اليوم يمر بمرحلة حرجة تحتاج إلى جهود متواصلة وحكمة عالية وسعة أفق ورحابة صدر وصبر طويل فالعودة بالتصوف إلى ما كان عليه السلف الصالح أمر من الصعوبة بمكان ولكنه يسير على من يسره الله تعالى عليه فلا بد للخروج من المأزق من وضع برنامج متكامل لضمان تحقيق ذلك وبالفعل فقد ألهم الله تعالى سيدى الشيخ عبدالغنى رضى الله تعالى عنه وضع هذا البرنامج المتكامل وقد تمثل برنامجه لخدمة الطريق فيما يلى:-
1- معلوم أن الطريق الصوفى يتكون من ثلاثة عناصر : الشيخ والورد والمريد ، فحقق سيدى الشيخ عبدالغنى سلامة هذه العناصر الثلاثة ونقاها من كل ما يشوبها مما قد يقلل الثقة بشئ منها ، أما الشيخ فهو سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى الله تعالى عنه عرفه سيدى عبدالغنى أى تعريف وقدمه فى أعظم قدوة و أسوة كاملة للمريدين و أما هو فقد مثل والده خير تمثيل مع النكران الكامل للذات وترك فى ذلك عبارته المشهورة : ” كل داخل إلى الحضرة الجعفرية عليه أن يلبس نظارة لا يرى من خلالها إلا سيدى الشيخ صالح الجعفرى و أرى المريدين من نفسه القدوة فى الهمة العالية والعمل الدءوب لخدمة الطريق ، و أما الأوراد فقد نقحها وطبعها وقدمها فى أحسن صورة ودعا إلى ضرورة المواظبة عليها وابتغاء وجه الله تعالى بذلك ، و أما المريدين فقد جمعهم و ألف بينهم وسهر على قضاء حوائجهم المادية والمعنوية حتى انصهر الجميع فى بوتقة الأخوة الصادقة ،

عبدالغنى صالح1 عبدالغنى صالح2

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى