اسليدراهم المقالات

القُبح و الجمال

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم : عبدالمنعم هلال

هل يجب أن يكون كل شىء جميلا ؟.. بالطبع ليس الأمر كذلك…كونك إستطعت ببعض من الممارسة اليومية للنظرة الإيجابية للأمور فى أن ترى كل شىء يُحيطك جميلا فهذا لا ينفى بقاء القٌبح على قيد الواقع….القُبح جزء لا يتجزأ من تكوين الاشياء من حولك فلو لم يكن موجودا لما كان هناك وجودا للجمال و العكس صحيح…فكلا منهما يعتمد على وجود الآخر ليتمكن من أن يستمر على قيد الحياة...خُلق القبح لينفر منه الناس و خلق الجمال ليعشقونه….هل تقدر على أن تتخيل إذا أصبح القبح إنسانا فكيف سيكون شعوره ؟!!…عندما يراه الجميع فتكون ردود فعلهم ما بين مشمئز أو مشفق و قد عرفوا قيمة الجمال عن طريقه فذهبوا يبحثون عنه و تركوه وحيدا…أتتخيل ما بداخله من آلام الحزن و الغيرة و الحقد و الوحدة و عينيه المكسورة تتابع الناس و هم يتركونه و يرحلون…فى حين يقف الجمال على الناحية الأخرى مزهوا بنفسه و واثقا فيها يستقبل محبيه و الراغبين فيه بترحاب فاتر دون إكتراث فقد إعتاد مجيئهم حتى أصبح مملا حتى نظراته الساخرة التى كان ينظر بها للقبح منذ قديم الأزل لم تعد تملأ غروره فمع مرور السنين الطويلة أصبح متيقنا من أنه لن يتخطى حدوده أبدا كتابع له ليس أكثر ليظل ينظر له الناس فقط ليتمكنوا من التسبيح بعظمته هو…لم يكن الجمال يعلم أنه سيأتى يوما يفقد فيه الناس رغبتهم في الذهاب إليه و يهتمون أكثر بالقبح !! لم يكن يتخيل حدوث ذلك ولا حتى فى أسوأ كوابيسه…أصبح الناس يبتهلون إلى القبح فجأة و لا يلتفتون للجمال بل و الأدهى أنهم أصبحوا يرون العكس و كأن ساحرا ما ملعونا قام بتبديل ملامحهما…لم يستوعب القبح الأمر فى البداية فقد إعتاد أن يهجره الناس و ساورته الشكوك فى أنها خدعة ما دبرها الجمال ليزيد فى تحطيم مشاعره…و لكن الأمر كان حقيقيا و بدأ القبح يزهو بنفسه بعد أن كان خائفا و الناس يتحسسون وجهه الملىء بالندوب و الجروح القديمة و يتمسحون فى جسده بدأ يحب نفسه و لكنه لم يعتاد تلك المشاعر فلم يتمكن من إستيعابها فانقلبت لغرور قاتل أكبر بكثير من غرور الجمال و أصبح ينتقم من الجميع دون هوادة و هو يضحك فهم يستحقون الموت جميعا كما كانوا يتركونه وحيدا لقرون و لم يشعر به احد منهم يوما…لابد من أن يتجرعوا من نفس الكأس و لم يتحمل القبح كل تلك المشاعر فجن جنونه و فقد عقله…كان الجمال يتابع كل ما يحدث من بعيد و قد أكل قلبه الحزن و الندم و شاخت ملامح وجهه فى كل مرة كان الناس يمرون بجواره و هم فى طريقهم للقبح ولا يتعرفون عليه وكأنه لم يكن يوما قبلتهم…كان جزءا من قلبه يتحطم وهو الذى لم يكن يعرف معنى الحزن ولا مشاعره فلم يتحمل أيضا كل تلك الأحاسيس المؤلمة فأنهى حياته بيديه كى يستريح….و فى صباح اليوم التالى وجد الناس القبح ميتا فى فراشه….نسي كلا منهما فى الرحلة أن وجوده على قيد الحياة كان رهنا على وجود الآخر..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى