حكايات وبطولات أسطورية سجلها التاريخ في ملفات حرب أكتوبر عن رجال الجيش المصري البواسل, فقرأنا وسمعنا الكثير جدًا عن هؤلاء الذين فدوا الوطن بأرواحهم ليحرروا أرضه ويستردوا تراب بلادنا الغالي الذي لا يعرف قيمته إلا الشرفاء الوطنيين. هذا العام أبت الأقدار ألا تمر ذكرى انتصارات أكتوبر, العاشر من رمضان قبل أن تسطر ملحمة أسطورية أخرى يسجلها التاريخ لنا, للأجيال القادمة, للعالم كله, فقد تزامن الاعتداء الإرهابي المجرم على رجال قواتنا المصرية المسلحة في سيناء مع ذكرى العاشر من رمضان, فانطلقت يد الغدر تغتال وتقتل زهر شبابنا, وأنبلهم, ليستشهد سبعة عشر جنديًا وضابطًا من أبنائنا الأبطال الذين وقفوا يخدمون تراب هذا الوطن ليحمون أهله وعرضه واسمه الغالي.
لندرك بعد نحو الأربعين عامًا أن معارك سيناء ممتدة لم تنته بعد, لم توقفها اتفاقيات السلام ولا محاولات التطبيع المستميتة الفاشلة, العدو واحد بأشكال وصور ووجوه مختلفة, بينما في مصر هم نفس الأبطال الرجال الشرفاء البواسل الذين يواجهون الموت كل لحظة بكل شجاعة واستبسال, دفاعًا عني وعنك, عن عرضي وعرضك, أماني وأمانك.
تتداعى أمام عيني صور العراقيات المغتصبات على يد كلاب الأمريكان والتي تم تسريبها لتحطيم عزتنا وكسر نفوسنا وإذلالنا, سجن أبو غريب, شباب وأطفال سوريا المنحورين, ونسائها الحرائر اللاتي تم بيعهن بالمال في أسواق نخاسة داعش, والأزيديات اللاتي يتم إهداءهن لفجرة داعش كمكافآت وغنائم حرب, الأعراض عند الكثير من البشر لا قيمة لها, والدم هو لغة التواصل بينهم وبين الحياة, وفي ساحات الحرب تتوفر الأرض الخصبة لتجارة الأعراض والسلاح وأعضاء البشر, وتعلو لغة الدم, لكن أبطالنا في سيناء يسطرون بدماهم ملحمة الحب, للوطن ولأهله وعرضه.
إذا كانت معارك أكتوبر دارت بين قواتنا المسلحة وبين الكيان الصهيوني اندلعت لتحرير أرضنا, فمعركة رجالنا اليوم تشتعل لحماية أرض وعرض وطن بكامله, تلك الحرب الدائرة اليوم في سيناء بكل ضراوة وشراسة, لا تقل عن حرب أكتوبر التي حكى عنها العالم حين سطرت البطولات ورسخت للقوة العسكرية المصرية الجبارة, ليس بالعتاد الذي تصنعه أمريكا فتحرص على تفوق الكيان الصهيوني على كل أسلحة العرب مجتمعة, وإنما بالقوة النفسية والإرادة والإيمان والشرف العسكري المصري, تحية لكل ضابط ومجند ومواطن شريف يدرك قيمة العرض والأرض, تحية لكل مصاب وجريح وشهيد, تحية لأهالي وأسر رجالنا البواسل في قلب المعركة الشرسة على أرض سيناء, فلندع الله كي ينصر جيشنا ويحفظ رجالنا وأبنائنا وبلادنا, ولنتوحد على قلب رجل واحد لنصرة الجبهة الداخلية لنكون سندًا داعمًا وظهيرًا قويًا لمن يدفعون أرواحهم ودماهم ثمنًا لحريتنا وكرامتنا وأمننا وسلامتنا, يدفعون كل الحب وكل الدم..
تحية لكل بطل من أبطالنا وقف جسورًا مناضلاً وعنيدًا وقناعاته مكتملة, إما النصر أو الشهادة, تحية لشهداء الجيش الذين لقوا ربهم وهم صائمون, قلوبنا معكم يا صقور مصر ونسورها وحماتها الأسود على الحدود, وفوق كل شبر من أرض الوطن, الراحلون منكم شهداء في رحاب الأنبياء والصديقين, أما الباقون فهم أبطالنا المناضلون, والمنتصرون بإذن الله, حفظكم ونصركم الله وسدد خطاكم وأعان على الوجع أهلكم وذويكم, تعيشوا يا أبطال, وتعيش مصر, أجمل بلاد الله يا خير جند الله..