مقالات واراء

المخطط الصهيو–أمريكي: تفكيك الجيوش وتمكين “إسرائيل”

 

بقلم: يوسف حسن

تشهد منطقتنا تحولات دراماتيكية تكشف عن خيوط مخطط جيوسياسي طويل الأمد، تقف وراءه القوى الصهيو–أمريكية، ويهدف بشكل واضح إلى تحييد كل ما تبقى من قوة عربية أو إسلامية قد تُشكل تهديدًا استراتيجيًا للكيان الصهيوني.

لم تكن الحروب التي عصفت بالعراق، ولا المؤامرات التي أسقطت ليبيا والسودان واليمن وسوريا، مجرد نزاعات داخلية أو “ثورات عفوية”، بل كانت في جوهرها خطوات مدروسة ضمن مشروع شامل لإعادة رسم خريطة التوازنات العسكرية والسياسية في المنطقة.

بدأ المخطط بتدمير الجيش العراقي، ومن ثم تفكيك جيش ليبيا، وتقطيع السودان، وإغراق اليمن وسوريا في صراعات داخلية طويلة الأمد. النتيجة كانت واحدة: تدمير البنى العسكرية الوطنية، وإفراغ الدول من قدراتها الاستراتيجية، وتقديم الفرصة الذهبية لـ”إسرائيل” كي تنفرد بالمشهد كقوة إقليمية وحيدة.

اليوم، يبدو أن الدور قد اقترب من مصر، رغم كل التحفظات على سياسات النظام الحالي. فجيش مصر، بتاريخيته وعديده وتماسكه، يمثل آخر ما تبقى من القوة العسكرية العربية القادرة على موازنة الكيان الصهيوني. ولهذا، تتقاطع عدة مؤشرات مقلقة:

الضغط من خلال أزمة سد النهضة وتهديد الأمن المائي.

جرّ القاهرة إلى صراعات إقليمية على حدودها الجنوبية.

محاولة تحييدها دبلوماسيًا عبر خلق توتر مع أطراف إقليمية.

لكن من الواضح أن مصر بدأت تدرك أبعاد اللعبة. ومن خلال تحركاتها نحو تنويع الشراكات مع قوى كبرى كروسيا والصين، وإعادة فتح قنوات تواصل مع إيران، فإنها تسعى لتفادي المصير الذي حاق بغيرها.

المفارقة الكبرى تكمن في أن بعض الأنظمة العربية شاركت، طوعًا أو تحت الضغط، في تنفيذ هذا المخطط، طمعًا في نفوذ وهمي كـ”شرطي للمنطقة”. لكنها تجاهلت حقيقة أن “الشرطي الحقيقي” هو الكيان الصهيوني، المُجهز منذ عقود للهيمنة الأمنية والعسكرية.

اليوم، تنتقل الخطة إلى مرحلة أكثر خطورة: استهداف الجيوش الإسلامية غير العربية، وعلى رأسها الإيراني، التركي، والباكستاني. كل منها يمثل حجر عثرة في وجه مشروع التفوق الإسرائيلي الكامل.

لكن السؤال الأهم يبقى: هل ستنجح الخطة؟

الوقائع الجيوسياسية تشير إلى العكس. فالتراجع الأمريكي، وصعود قوى كبرى، وصمود قوى المقاومة رغم الحصار، كلها عوامل تعيق إتمام هذا المشروع.

أن معركة الهيمنة لم تنتهِ، لكنها أيضًا لم تُحسم. والرهان الحقيقي لم يعد فقط على الأنظمة، بل على وعي الشعوب، وعلى الجيوش التي لا تزال تُدرك أن مهمتها الأصلية هي حماية الأوطان لا تنفيذ أجندات خارجية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى