معاناة المصريين تحت وطأة تعديلات قانون الإيجار القديم وشبح الاستبداد
تشهد مصر أزمة إنسانية حادة بسبب التعديلات الجديدة على قانون الإيجار القديم، والتي تهدد بتهجير مئات الآلاف من الأسر، خاصة الفقيرة وكبار السن، بعد إقرار فترة انتقالية مدتها 7 سنوات للسكني و5 سنوات للتجاري، تنتهي بتحرير العلاقة الإيجارية وإخضاعها للقانون المدني . هذه التعديلات، رغم ادعاء الحكومة أنها “تحقق التوازن”، تكرس مخاوف من طرد جماعي، حيث لن يتمكن كثيرون من تحمل الزيادات الإيجارية التي تصل إلى 20 ضعفًا في المناطق المتميزة و10 أضعاف في المناطق المتوسطة، مع حد أدنى 1000 جنيه و400 جنيه شهريًا على التوالي .
**الفئات الأكثر تضررًا: بين الإخلاء والانهيار الاقتصادي**
أبرز المتضررين هم ورثة المستأجرين الأصليين، خاصة الأرامل والمطلقات والأيتام، الذين يعيشون في شقق بإيجارات زهيدة (أقل من 10 جنيهات شهريًا في بعض الحالات) بسبب قوانين تجمدت منذ عقود . هؤلاء يواجهون الآن شبح التشرد، إذ ترفض التعديلات استثناء غير القادرين، رغم مطالبات نواب المعارضة بتمديد الفترة الانتقالية أو توفير سكن بديل . الحكومة تتعهد بتوفير وحدات سكنية للمستأجرين، لكن غياب البيانات الدقيقة وعدم وضوح آليات التنفيذ يزيد من الشكوك .
**السياق السياسي: استمرار حكم السيسي وتفاقم الأزمات**
تأتي هذه التعديلات في إطار سياسي قمعي يتسم بتوسع السلطة الأمنية وإسكات الأصوات المعارضة، كما تصف تقارير مثل “فورين بوليسي” حكم السيسي بأنه “الأسوأ منذ 1953″، حيث يعتمد على القمع الممنهج والخوف لإسكات الاحتجاجات . الزيادات المتتالية في الأسعار (مثل الكهرباء والمياه والمواصلات) ترافقها غياب أي ردة فعل شعبية واسعة، بسبب “الغيبوبة الاجتماعية” التي يصفها خبراء بأنها نتاج الخوف من القبضة الأمنية وتفكك الروابط المجتمعية .
**المستقبل القاتم: بين التشريع والقمع**
الخوف الأكبر هو أن يصبح قانون الإيجار الجديد أداة لتفريغ المدن من الفقراء، بينما يُمنح الملاك (الذين يطالبون بحقوقهم منذ عقود) صلاحيات واسعة للإخلاء، بما في ذلك الطرد الفوري في حالات مثل إغلاق الوحدة أو امتلاك المستأجر لسكن آخر . في المقابل، يُتجاهل مطالب الملاك بإنهاء “الظلم التاريخي” دون ضمانات كافية لحماية الضعفاء .
السيناريو الأسوأ هو استمرار حكم السيسي دون رقابة، خاصة مع التعديلات الدستورية المحتملة لتمديد ولايته، مما يعني مزيدًا من السياسات القاسية التي تفتقر إلى العدالة الاجتماعية. كما يحذر معارضون من أن “الضغط سيولد انفجارًا” قد لا يكون مرئيًا الآن، لكنه قادم لا محالة في ظل تزايد الفقر واليأس .
باختصار، تعديلات قانون الإيجار ليست مجرد أزمة عقارية، بل نموذجًا لأزمة حكم تستبد بالضعفاء وتعمق الانقسامات، بينما يتراجع الأمل في أي حلول عادلة تحت ظل نظام لا يرى في الشعب سوى رقم في معادلة السلطة.