أخبار عاجلةأخبار مصرأهم الاخباراسليدرالأدب و الأدباء

تقاعس وزارة الثقافة المصرية في حماية مقرات الأدباء ونادي القصة: إهمال يهدد الذاكرة الثقافية

بقلم" احمد فتحي رزق

تقاعس وزارة الثقافة المصرية في حماية مقرات الأدباء ونادي القصة: إهمال يهدد الذاكرة الثقافية

في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة التي تشهدها مصر، تبرز أزمة كبرى تتمثل في تراجع دور وزارة الثقافة في الحفاظ على المقرات التاريخية للأدباء والمؤسسات الثقافية العريقة، وعلى رأسها **نادي القصة**، الذي ظل لسنوات رمزًا للإبداع السردي وحاضنة للأجيال الجديدة من الكُتّاب. ما يحدث اليوم ليس مجرد إهمالًا عابرًا، بل هو جزء من سياسة تقصيرية تُهدد وجود هذه المراكز تحت وطأة القوانين الجديدة التي أطلقت يد القيمة الإيجارية، دون مراعاة للأبعاد الرمزية والثقافية لتلك الأماكن.

 **تهديد القيمة الإيجارية: الثقافة تحت رحمة السوق**

مع تطبيق سياسات تحرير القيمة الإيجارية وموجة التضخم الجامح، أصبحت العديد من المقرات الثقافية والأدبية عُرضة للإخلاء أو الإغلاق، إذ لم تعد الوزارة قادرة — أو ربما غير راغبة — في تأمين التمويل الكافي لاستبقاء هذه المساحات التي تُعد إرثًا جمعيًا للأمة. نادي القصة، الذي كان يومًا ملتقى لعمالقة الأدب مثل يوسف إدريس ويحيى الطاهر عبد الله، بات اليوم يواجه مصيرًا مجهولًا، بينما تقف الوزارة موقف المتفرج، وكأنها تتنصل من مسؤوليتها التاريخية في حماية هذه الحاضنات الإبداعية.

لم تكتفِ الوزارة بهذا التقاعس، بل فتحت الباب أمام تحويل بعض المواقع الثقافية إلى استثمارات تجارية، في إطار سياسة “الخصخصة” غير المدروسة، والتي تتعارض مع الدور الأساسي للثقافة كخدمة عامة وليس سلعة خاضعة لمنطق الربح والخسارة. فكيف تُباع أماكنٌ كانت تُشكّل وعي أجيالٍ من المبدعين لأجل مكاسب مالية آنية؟

 

 **إشاعة إغلاق قصور الثقافة: علامة على الانهيار؟**

تأتي الأخبار المتداولة عن نية إغلاق بعض قصور الثقافة لتؤكد أن الأزمة أعمق من مجرد إهمال، بل هي جزء من تراجع خطير في أولوية الثقافة ضمن سياسات الدولة. هذه القصور، التي انتشرت في ربوع مصر كمراكز إشعاع للفنون والآداب، تُختزل اليوم في جدوى مالية، وكأنها مصانع أو محال تجارية. السؤال الذي يفرض نفسه: أين المسؤولية التاريخية لوزارة يفترض أن تكون حارسة للهوية والإبداع؟

صحيح أن التحديات الاقتصادية حقيقية، لكن الحل لا يكمن في التضحية بالثقافة، بل في ابتكار آليات تمويلية تحفظ هذه المؤسسات، سواء عبر شراكات مع القطاع الخاص تحت شروط واضحة تحمي الاستقلال الفكري، أو عبر ضخ موارد كافية من الموازنة العامة، باعتبار أن الثقافة استثمار في الإنسان قبل أي شيء آخر.

 **الاختفاء التدريجي للذاكرة الجماعية**

ما يُفاقم المأساة هو الصمت الرسمي والإعلامي حيال اختفاء أماكن مثل مقرات اتحاد الكتاب أو دور النشر المستقلة، التي تعاني من نفس المصير. فبدلًا من تطوير هذه المؤسسات لتصبح منارات ثقافية قادرة على مواكبة العصر، يتم تجويعها حتى الموت البطيء. حين تُهمل الوزارة حماية نادي القصة أو قصور الثقافة، فهي لا تتخلى عن مباني قديمة فحسب، بل تتخلى عن ذاكرة مشتركة، عن حكايات وأعمالٍ كُتبت بين جدرانها، وعن مستقبل إبداعي كان من الممكن أن يُولد فيها.

 **الثقافة ليست ترفًا**

الوزارة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بمراجعة سياستها قبل فوات الأوان. لا يُعقل أن تُترك المؤسسات الثقافية لمصيرها في لحظة تاريخية تحتاج فيها مصر إلى تعزيز هويتها في مواجهة التحديات العالمية. حماية هذه الأماكن ليست ترفًا، بل هي مسؤولية دستورية وأخلاقية. فهل تفيق الوزارة قبل أن يُكتب على جدران نادي القصة وأمثاله: “كان هنا ثقافة، وماتت بلا دفن”؟

**الثقافة ليست ترفًا**

الوزارة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بمراجعة سياستها قبل فوات الأوان. لا يُعقل أن تُترك المؤسسات الثقافية لمصيرها في لحظة تاريخية تحتاج فيها مصر إلى تعزيز هويتها في مواجهة التحديات العالمية. حماية هذه الأماكن ليست ترفًا، بل هي مسؤولية دستورية وأخلاقية. فهل تفيق الوزارة قبل أن يُكتب على جدران نادي القصة وأمثاله: “كان هنا ثقافة، وماتت بلا دفن”؟

**الثقافة ليست ترفًا**

الوزارة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بمراجعة سياستها قبل فوات الأوان. لا يُعقل أن تُترك المؤسسات الثقافية لمصيرها في لحظة تاريخية تحتاج فيها مصر إلى تعزيز هويتها في مواجهة التحديات العالمية. حماية هذه الأماكن ليست ترفًا، بل هي مسؤولية دستورية وأخلاقية. فهل تفيق الوزارة قبل أن يُكتب على جدران نادي القصة وأمثاله: “كان هنا ثقافة، وماتت بلا دفن”؟

احمد فتحي رزق

المشرف العام

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم حاجب الاعلانات

يرجي غلق حاجب الاعلانات للاستمرار فى تصفح الجريدة