أخبار إيرانأخبار عالميةأهم الاخبارمقالات واراء
إيران لحزب الله: العدو أمامكم والبحر وراءكم

إيران لحزب الله: العدو أمامكم والبحر وراءكم
دکتر عاصم عبدالرحمن
على أثر الضربات القاصمة التي مُنيَ بها حزب الله خلال جبهة إسناد غزة وتعذر اعتماده على الطرق البرية التقليدية بعد سقوط نظام بشار الأسد، لجأت إيران إلى نقل الأسلحة إلى حزب الله عبر ميناء بيروت الذي يبدو أنه أصبح يمثل بديلاً استراتيجيًا في ظل التحديات الأمنية والعقوبات الدولية.
وعلى الرغم من أن الطرق البرية التي كان يعتمد النظام الإيراني عليها قد تضررت بفعل التوترات المتصاعدة والانهيارات الاستراتيجية التي شهدها الشرق الأوسط، اتخذت إيران الآن خيار استخدام الممرات البحرية لنقل الصواريخ والمعدات العسكرية إلى لبنان. وتجدر الإشارة إلى أن عمليات النقل هذه تُجرى بواسطة وحدات متخصصة من قوات “قدس” التابعة للنظام الإيراني، وتعمل هذه القوات في ظل ظروف أمنيّة معقدة، ما يجعل العملية أكثر خطورة وحساسية.
تُظهر التقارير أن النظام الإيراني قام بمحاولات عدة لتهريب شحنات أسلحة مباشرة من داخل بلاده إلى لبنان عبر ميناء بيروت، أو من خلال المرور بدول وسيطة. إن هذا التحول في الأسلوب الاستراتيجي يأتي نتيجة لضعف الطرق البرية وزيادة الرقابة الأمنية التي فرضتها الدول المجاورة. ويشير ذلك إلى أن النظام الإيراني، ورغم الضغوط والتحولات الإقليمية، ما زال يسعى بكل قوة لاستمرار دعم وكلائه العسكريين، حتى لو كان ذلك يعني استخدام طرق بديلة ذات مخاطرة عالية.
وفي ظل هذه التغييرات، أصبح ميناء بيروت – الذي شهد حادث انفجار كارثي في آب 2020 – نقطة محورية يستغلها النظام، علماً أن الميناء لم یعد للعمل تماماً علی الرغم من بعض جهود الترمیم – يوفر مساراً بحريًا يمكن للنظام الاعتماد عليه لنقل الأسلحة إلى حزب الله. ويُعتقد أن الوحدات البحرية التابعة لقوات “قدس” تُستخدم لإبرام صفقات النقل وتفكيك القيود الأمنية المفروضة من الجهات الدولية، ما يدل على درجة تداوله في شبكة أعماله تحت وطأة العقوبات الاقتصادية.
هذا التحول التكتيكي في سياسة تهريب الأسلحة يبرز مدى جاهزية النظام الإيراني للتكيّف مع التحديات الجديدة، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن ضعف استراتيجي عميق قد يؤثر على استمراريته في المدى الطويل. فبينما تحاول إيران الحفاظ على نفوذها العسكري في لبنان، تبرز المخاطر المُرتبطة بالاعتماد على مسارات بحرية غير مستقرة، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من المشكلات الأمنية التي بدورها تعمّق أزمة النظام الداخلي.