أخبار إيرانأهم الاخبار

الأزمة الاقتصادية في إيران: بين فساد النظام ومعاناة الشعب

احجز مساحتك الاعلانية

تتفاقم الأوضاع الاقتصادية في إيران بشكل مستمر، حيث تؤثر معدلات الفقر والتضخم المرتفعة على مختلف جوانب الحياة اليومية. وتُظهر تقارير محلية حديثة صورة قاتمة لمعاناة المتقاعدين والمستأجرين والمستهلكين في ظل تصاعد التكاليف وجمود الأجور.

وسلّط “هادي أفشاري أمين”، الخبير في شؤون المتقاعدين، الضوء على الفجوة الكبيرة بين زيادة الأجور والارتفاع الهائل في تكاليف المعيشة. وقال: «المبلغ المدفوع للمتقاعدين لتحقيق المساواة في الأجور لا يكفي سوى لشراء 700 غرام من اللحم.» وأوضح أن الحد الأدنى للأجور ارتفع من 4,179,000 تومان في عام 2022 إلى 7,163,000 تومان في عام 2024، بزيادة نسبتها 71%.

ولكن خلال نفس الفترة، قفز سعر المسكوكات الذهبية من 13 مليون تومان إلى 44 مليون تومان، بزيادة تجاوزت 330%. وأضاف أفشاري أن سعر المسكوكة الذهبية بلغ في بداية عام 2025 نحو 56 مليون تومان، بينما ظل الحد الأدنى للأجور ثابتًا عند 7,163,000 تومان، مما يبرز الضغوط الاقتصادية المتزايدة على المتقاعدين وتآكل قدرتهم الشرائية.

قطاع السكن يعاني أيضًا من تبعات عدم الاستقرار الاقتصادي. ووفقًا للتقارير، تشكّل تكاليف السكن 55.6% من متوسط ميزانية الأسر في طهران، متجاوزة عتبة الفقر السكني. وبلغ متوسط تكلفة المتر المربع للوحدات السكنية في طهران أكثر من 88.5 مليون تومان، ما يجعل امتلاك منزل بعيد المنال بالنسبة لمعظم الإيرانيين، إذ يحتاجون إلى 152 عامًا من الادخار لتحقيق هذا الهدف.

وأشار “حسن محتشم”، المحلل في سوق العقارات، إلى أن التقلبات في أسعار العملات والسياسات الاقتصادية المعيبة هي السبب وراء هذه الأزمة. وقال: «في عهد رفسنجاني تضاعفت قيمة العملة ثلاث مرات، وحدث الأمر نفسه في عهد أحمدي نجاد. هذا النمط المعيب تكرر في عهد روحاني ورئيسي، واستمر مع النظام الحالي. وقد دفع هذا الأمر معظم المشترين لدخول سوق العقارات بهدف الاستثمار وليس السكن، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل متزايد وتحويل حلم امتلاك منزل إلى مجرد خيال بالنسبة لكثير من الناس.»

الوضع في سوق المواد الغذائية ليس أفضل حالًا. فبعد إعلان شركة صافولا السعودية خروجها من سوق الزيوت في إيران، تم الإعلان عن زيادة بنسبة 15% في أسعار الزيوت، اعتبارًا من 1 فبراير 2025. أدى ذلك إلى نقص في الإمدادات وارتفاع في الأسعار، مما فاقم انعدام الأمن الغذائي لدى الفئات الأكثر ضعفًا.

وتجسد هذه الأزمة في سوق الزيوت التأثير الأوسع للعزلة الاقتصادية وسوء الإدارة. ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، تكافح العديد من الأسر لتلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، مما يعمق دوامة الفقر.

يشير التضخم السريع في أسعار السلع الأساسية وتكاليف السكن، مع جمود نمو الأجور، إلى دفع ملايين الإيرانيين نحو المزيد من الضائقة المالية. ويعزو الخبراء هذه الأزمة إلى مشكلات هيكلية عميقة، تشمل عقودًا من السياسات النقدية الخاطئة، وانخفاض قيمة العملة، وممارسات الاستثمار المضاربي.

يواجه النظام الإيراني ضغوطًا متزايدة لمعالجة هذه التحديات، لكن من غير المرجح إجراء إصلاحات جوهرية في ظل الإطار الاقتصادي الحالي. وبدون اتخاذ خطوات حاسمة، من المتوقع أن تتفاقم الأوضاع الاقتصادية، مما يزيد الفجوة بين الأثرياء والفقراء.

الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بإيران تعكس بوضوح فسادًا هيكليًا عميقًا في النظام الحاكم، حيث أصبح من الواضح أن أي محاولات للإصلاح داخل هذا النظام لن تؤدي إلى تغيير حقيقي. التضخم، الفقر، وانعدام القدرة على تأمين الاحتياجات الأساسية دفعت ملايين الإيرانيين إلى حالة من الإحباط واليأس، مما جعلهم يوقنون أن الحل الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم هو إسقاط هذا النظام الفاسد.

الطريق إلى التغيير يمر عبر إرادة شعبية قوية تهدف إلى بناء نظام جديد قائم على العدالة والشفافية والحرية. الثورة لم تعد خيارًا بل ضرورة حتمية لإنقاذ البلاد من قبضة الفساد والتخبط. الشعب الإيراني، الذي يملك تاريخًا طويلًا من النضال ضد الاستبداد، يقترب من لحظة حاسمة يمكن أن تؤدي إلى ولادة إيران جديدة تسودها قيم الديمقراطية والمساواة.

هذه الثورة المنتظرة هي فرصة لإعادة بناء إيران على أسس سليمة، حيث تُحترم حقوق الإنسان ويعيش الشعب حياة كريمة بعيدًا عن الظلم والفساد. إنها ليست فقط حلمًا، بل هدفًا يمكن تحقيقه بإرادة الشعب ووحدته.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى