وسط تصاعد معدلات التضخم والانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية في إيران، أفادت وسائل إعلام تابعة للنظام الإيراني بأن أكثر من 80% من الأسر الإيرانية قد انحدرت تحت خط الفقر العالمي، مما يعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي القاسي الذي يعيشه ملايين المواطنين.
وذكر موقع اقتصاد أونلاين الحكومي أن الأسرة المكونة من ثلاثة أفراد تحتاج إلى دخل شهري يتراوح بين 40 إلى 50 مليون تومان لتجنب تصنيفها كفقيرة، وفقاً لمعايير البنك الدولي لاقتصادات مماثلة لإيران. ومع ذلك، فإن الحد الأدنى لأجور العامل المتزوج في إيران، مع كافة الامتيازات، لا يتجاوز 11 مليون تومان.
وأظهرت التقارير أن حتى أصحاب المناصب العليا، مثل مديري البنوك ورؤساء الأقسام ومديري الاستثمار ونواب فروع المؤسسات، الذين يتقاضون متوسط راتب شهري يبلغ 35.3 مليون تومان، لا يزالون بعيدين عن تجاوز خط الفقر العالمي. وهذا يشير إلى أن الأزمة الاقتصادية تطال جميع الفئات باستثناء أعلى الطبقات دخلاً.
ووفقاً لتقارير مركز أبحاث مجلس النظام الإيراني، فإن معدل الفقر في العام 1402 شمسي (مارس 2023 – مارس 2024) بلغ 30.1%، مما يعني أن ثلث السكان تقريباً غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية. ومع ذلك، يشير النقاد إلى أن النسبة الحقيقية أعلى بكثير. ومع استمرار انخفاض قيمة العملة الوطنية وعدم زيادة القوة الشرائية، يُقدر أن معدل الفقر تجاوز 40% مع نهاية العام.
وعلاوة على ذلك، أشار مركز الأبحاث إلى انكماش الاقتصاد الإيراني بعد أربع سنوات من النمو المزعوم الذي تجاوز 4%. فقد انخفض الاقتصاد بنسبة 2.5% في ربيع عام 1403 شمسي (مارس – يونيو 2024)، بسبب انقطاعات الكهرباء المؤثرة على الصناعات، وتراجع الصادرات النفطية، والسياسات المالية الانكماشية للحكومة. ومن المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي لعامي 1403 و1404 شمسي (مارس 2025 – مارس 2026) حوالي 2.5% و2.8% على التوالي، وهي نسبة أقل بكثير من هدف النمو البالغ 8% المحدد في الخطة السابعة للتنمية المزعومة للنظام. هذه التوقعات تعكس صورة قاتمة للاقتصاد الإيراني وتداعياته على مستوى معيشة المواطنين.
الأزمة الاقتصادية فاقمت أيضاً المخاوف بشأن سياسات الأجور. فمن المتوقع أن تُعقد جلسات تحديد الحد الأدنى للأجور للسنة المقبلة خلال الأسابيع القادمة، مما يثير قلقاً واسعاً بين العمال والنشطاء في المجتمع العمالي. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الحكومة تخطط لزيادة الأجور بنسبة لا تتجاوز 30%. ومع توقع تجاوز معدلات التضخم حاجز 40% في العام المقبل، يُتوقع أن تتسع الفجوة بين الدخل وتكاليف المعيشة بشكل أكبر، مما يزيد من صعوبة الوضع الاقتصادي للأسر الإيرانية التي تعاني بالفعل من سنوات من الركود في الأجور وارتفاع التكاليف.
كل هذه العوامل ترسم صورة قاتمة للاقتصاد الإيراني، حيث يستمر التضخم في تقويض القدرة الشرائية وتزداد معدلات الفقر بشكل متسارع. وعجز النظام عن اتخاذ إجراءات فعالة لمعالجة هذه الأزمات يثير تساؤلات حول استدامة سياساته الاقتصادية ومستقبل رفاهية الشعب الإيراني.
في حين يعيش الشعب الإيراني تحت خط الحياة، يستمر النظام في الإنفاق السخي على الجماعات التابعة له في المنطقة. وفي هذا السياق، صرح نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، في خطاب متلفز 5 ديسمبر، بأن الحزب قرر في شهر نوفمبر منح كل أسرة تضررت من الحرب بين 300 إلى 400 دولار كهدية نقدية مقدمة من «الشعب الإيراني وحزب الله».
وبحسب تصريحات قاسم، فقد سجلت حتى الآن أكثر من 233 ألف أسرة للحصول على المساعدات النقدية. وأضاف أنه تم دفع 57 مليون دولار لـ 172 ألف أسرة، وهو ما يمثل 75% من مجموع المساعدات المقدمة للمسجلين. كما أعلن أنه سيتم توزيع 20 مليون دولار إضافية على بقية الأسر المسجلة.
نعيم قاسم أعرب عن امتنانه لإيران لما وصفه بـ«الدعم السخي» وأكد التزام حزب الله بإعادة إعمار المناطق المتضررة. يأتي هذا بينما يردد الإيرانيون، لا سيما المتقاعدون، شعارات احتجاجية في مظاهراتهم مثل: «كفى إشعالاً للحروب… موائدنا فارغة».