الإثنین ۲۸ أكتوبر، شهدت إيران موجة من الاحتجاجات الواسعة من قبل المتقاعدين في قطاع الاتصالات، حيث توافد المتقاعدون في عدة مدن إيرانية للتعبير عن استيائهم من الظروف المعيشية المتدهورة ومن سيطرة حرس النظام على مواردهم الاقتصادية. ويُعد هذا التصعيد تعبيرًا عن الغضب الشعبي المتزايد بسبب سيطرة “لجنة التنفيذ بأمر خميني” وتعاون حرس الملالي، اللذين يمتلكان النصيب الأكبر من أسهم شركة الاتصالات، مما يمنع المتقاعدين من الحصول على حقوقهم المستحقة ويزيد من معاناتهم المعيشية.
وفي طهران، تجمع المتقاعدون في شارع “سردار جنکل” وهتفوا بشعارات تندد بسيطرة حرس النظام و”لجنة التنفيذ بأمر خميني” على صندوق تقاعدهم، مؤكدين أن هذه المؤسسات تعمل بتوجيه من مكتب خامنئي وتعتبر من الأدوات التي تعزز سلطة النظام بدلاً من تحقيق مصالح الشعب. المتقاعدون في طهران شددوا على ضرورة استجابة السلطات لمطالبهم، خصوصًا أن تدهور أوضاعهم المعيشية أصبح لا يُحتمل في ظل ارتفاع الأسعار والتضخم المتزايد.
وفي زنجان وكرمانشاه وأصفهان، نظمت احتجاجات مماثلة من قبل متقاعدي الاتصالات، حيث رفع المتظاهرون شعارات ضد ممارسات النظام الاقتصادية الظالمة والتي وصفوها بأنها جزء من سياسة قمعية تهدف إلى إضعاف صوت الشعب. وفي كرمانشاه، وقف المتقاعدون أمام مقر صندوق التقاعد، مطالبين بحقوقهم ومتحدين تجاهل النظام لمطالبهم المتكررة.
كما امتدت هذه الاحتجاجات إلى خوزستان في جنوب البلاد، حيث تظاهر المتقاعدون بشعارات مناهضة للمساهمين “الظالمين” في شركة الاتصالات. المتقاعدون في خوزستان دعوا إلى إنهاء سيطرة “هيئة التنفيذ بأمر خميني” والحرس، الذين يتهمونهما بإفقارهم والاستيلاء على أموال تقاعدهم لتحقيق مصالح النظام ودوائره الضيقة.
وفي مدن أخرى مثل تبريز في أذربيجان الشرقية وسنندج في كردستان، تجمع المتقاعدون أيضًا للتعبير عن معاناتهم من الوضع الاقتصادي المتردي، الذي يعتبرونه نتيجة لسياسات النظام الفاسدة. الهتافات التي رددها المتظاهرون في هذه المناطق حملت مطالب قوية بتحقيق العدالة الاقتصادية، ونددت بالفساد الذي يعم المؤسسات الرسمية.
تتزامن هذه الاحتجاجات مع أزمة اقتصادية خانقة يعاني منها الإيرانيون نتيجة إنفاق النظام على مشاريعه العسكرية ودعمه للجماعات المسلحة في المنطقة. بينما يعيش الشعب تحت وطأة التضخم والفقر، يخصص النظام ميزانيات ضخمة لدعم حروبه في سوريا واليمن والعراق، مما زاد من الضغوط الاقتصادية وأدى إلى تضخم غير مسبوق.
وإضافة إلى ذلك، تلعب المؤسسات الفاسدة المرتبطة بخامنئي، مثل “لجنة التنفيذ بأمر خميني”، دورًا بارزًا في تفاقم فقر الشعب الإيراني. إذ استولت هذه المؤسسات على جميع موارد وإمكانات البلاد، ولم تقدّم للمواطنين سوى الفساد والاختلاس. وبينما يعاني الإيرانيون من تدهور معيشتهم، تتمتع هذه المؤسسات بحصانة تامة تحميها من المحاسبة، مما يعمق الفجوة الاقتصادية ويزيد من الأعباء اليومية على الشعب.
لا يزال النظام الإيراني يواصل سياساته التي تتجاهل احتياجات المواطنين الأساسية، حيث يتم توجيه الموارد إلى مشاريعه الإقليمية بدلاً من معالجة الأزمات الداخلية. هذا التجاهل المتعمد لاحتياجات الشعب أدى إلى تصاعد الغضب والاستياء، لا سيما بين الفئات المتضررة كالمتقاعدين والعمال.
إذا استمر تجاهل مطالب المتقاعدين وتوجيه الثروات الوطنية نحو دعم الجماعات المسلحة والمشاريع العسكرية، فإن احتمالات تصاعد الاحتجاجات الشعبية بشكل أوسع وأشد قد تزداد، مما يضع النظام الإيراني أمام تحديات داخلية كبيرة قد تهدد استقراره، خاصة في ظل تزايد التوتر الاجتماعي وتصاعد الأصوات الداعية إلى التغيير.