لطالما كان مصطلح قوى النظام الإيران “بالوكالة” مألوفاً للشعب الإيراني. على مدى سنوات عديدة، استخدم النظام الإيراني هذه القوى لاستهداف معارضيه داخل البلاد وخارجها. داخلياً، عانى الشعب الإيراني من الوجود القمعي لقوات الباسيج، وهي مجموعة شبه عسكرية تعمل دون محاسبة. وخارج حدود إيران، امتد نفوذ النظام من خلال ميليشيات مختلفة، مثل حزب الله في لبنان، والقوات المدعومة من النظام في العراق، والحوثيين في اليمن. هذه الجماعات الموالية لطهران تعمل على توسيع نطاق نفوذ إيران في الشرق الأوسط وتعزيز أهدافها الأيديولوجية والسياسية.
القمع الداخلي: قبضة النظام على السلطة
في الداخل، فإن استراتيجية القمع التي يتبعها النظام الإيراني متجذرة بعمق في مؤسساته. تعمل قوات الباسيج وغيرها من القوات الأمنية دون رادع، مستخدمة العنف والترهيب لقمع أي معارضة. ولدى النظام تاريخ طويل في إسكات المعارضين، بدءاً من مسلسل القتل والقاء الحوامض على النساء إلى القمع الوحشي لحركات الاحتجاج. ولم يتردد النظام حتى في استهداف الرعايا الأجانب داخل إيران، مستخدماً إياهم كرهائن في مساوماته السياسية. وقد أصبحت هذه التكتيكات القمعية أداة لبقاء النظام، مشروعةً تحت إطار قانوني يعتمد على ذرائع مثل “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.
كما استخدم النظام الإيراني الخطاب الديني والقومي لتبرير أفعاله. في أوائل الثمانينيات، ومع تزايد الاضطرابات الداخلية، أشعل النظام فتيل الحرب العراقية-الإيرانية، وهي صراع حرّف الأنظار بعيداً عن السخط الداخلي. هذه الحرب، التي استمرت حتى عام 1988، أصبحت وسيلة للنظام لتأكيد شرعيته من خلال تصوير نفسه كمدافع عن الوطن. وعلى الرغم من خسارة الحرب وقبوله بشروط القرار 598 الصادر عن الأمم المتحدة، لم يتخلَّ النظام الإيراني عن استراتيجيته العسكرية، بل توجه لبناء شبكة من القوى الوكيلة في جميع أنحاء المنطقة.
توسع القوى الوكيلة: استراتيجية إيران الإقليمية
في أعقاب الحرب العراقية-الإيرانية، واجه النظام تحدياً جديداً: كيفية احتواء الرغبة المتزايدة لدى الإيرانيين في الإصلاح السياسي والديمقراطية. كان هذا السخط واضحاً في المقاطعة الواسعة للانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث عبر الإيرانيون عن استيائهم من حكم النظام السلطوي. ورداً على ذلك، عمّقت إيران اعتمادها على القوى الوكيلة في الخارج كوسيلة لإظهار القوة وتشتيت الانتباه عن نقاط ضعفها الداخلية.
وكان الصراع بالوكالة أداة استراتيجية للنظام منذ تأسيسه. من خلال تمويل وتسليح مجموعات مثل حزب الله وميليشيات مختلفة في العراق واليمن، وسعت إيران نفوذها في جميع أنحاء المنطقة. وتعمل هذه الجماعات نيابةً عن طهران، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة وتعزيز الأهداف الجيوسياسية الإيرانية. ومن المفارقات أن النظام أحياناً يدين علناً أفعال وكلائه في محاولة لإخفاء تورطه، وبالتالي الحفاظ على إنكار معقول.
تكاليف الحرب بالوكالة المتزايدة
لكن هذه الاستراتيجية ليست بلا حدود. لقد تحولت شبكة وكلاء النظام بشكل متزايد إلى سيف ذو حدين، أدى دعم إيران لحماس والنزاع الناتج عنه إلى عواقب وخيمة في جميع أنحاء المنطقة. ومع استمرار الحرب، حاول الولي الفقیة، علي خامنئي، تحفيز قواته من خلال خطبة جمعة متلفزة باللغة العربية في محاولة لرفع معنويات وكلائه.
نظام على وشك الانهيار؟
لطالما اعتمدت القيادة الإيرانية على الازدواجية للحفاظ على السيطرة، مُعلنةً شيئاً وتفعل العكس. على مدى السنوات، كان النظام يتباهى بقوته العسكرية ويتوعد بالرد على الهجمات الإسرائيلية “في الوقت والمكان المناسبين.” لكن هذه الردود تم تأجيلها بشكل مستمر، مما أثار الشكوك حتى بين أنصاره. إن المواجهة الأخيرة مع إسرائيل بدت وكأنها محاولة يائسة لإرضاء قاعدته الأيديولوجية أكثر من كونها استراتيجية عسكرية جادة. وفي الوقت الذي تتعرض فيه دعاية النظام إلى تضليل متزايد، أصبح من الواضح أن قدرة النظام على الحفاظ على الدعم الشعبي تتراجع.
وتجد قياد النظام نفسها في موقف حرج، إذ يتراجع نفوذ شبكتها القوية من الوكلاء وتزداد الاحتجاجات الداخلية. الصواريخ والطائرات بدون طيار والحروب الخارجية وخطب الجمعة المصطنعة، إلى جانب الادعاءات بالتأييد الشعبي الواسع، لن تنقذ هذا النظام المتهاوي. كل المؤشرات تشير إلى نتيجة واحدة: نظام على وشك السقوط، وشعب أكثر تصميماً من أي وقت مضى للإطاحة به. السؤال ليس ما إذا كان النظام سيسقط، بل متى سيحدث ذلك.