مقالات واراءاهم المقالات

إيران .. صراع بين الشعب ودیکتاتوریة

احجز مساحتك الاعلانية

عند تحليل المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في إيران من خلال عدسة واسعة، نرى تطورات موازية غذت إجماعًا متزايدًا بين الشعب الإيراني: حتمية حل مستقبل البلاد مع النظام الحاكم. هذا الشعور ليس مقتصرًا على الشعب فقط، بل يشاطره النظام نفسه، حيث يراقب الأحداث الجارية في البلاد بقلق متزايد.

هذا القلق يظهر في تصريحات وكتابات المعلقين السياسيين والخبراء الاقتصاديين التابعين للنظام، الذين يحذرون باستمرار من المصير الكارثي الذي ينتظر البنية السياسية والاقتصادية للحكومة. أحد هؤلاء هو مصطفى موسوي لاري الذي أدلى بتصريح لافت قائلا: “معود پزشکيان كان السهم الأخير الذي كان لدى الحكومة في جعبتها، وإذا فشل هذا أيضًا، فسأقول إن الوضع كارثي”.

تشيركلمة “كارثي” إلى نقطة حرجة. ولكن ما هو مصدر هذه الكارثة التي يلمح إليها هذا المسؤول الحكومي دون تسميتها صراحة؟ هل هو الصراع الداخلي داخل النظام، أم أنه النتيجة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأداء النظام كما يراه الشعب، والذي أوصل الوضع إلى هذه النقطة الحرجة؟

مصطلح “آخر سهم في جعبة النظام” هو مؤشر واضح على المأزق الذي يواجهه النظام أمام المطالب المتزايدة للشعب. كما يرمز إلى الفشل النهائي لسياسات الولي الفقیة علي خامنئي، بما في ذلك تعيين إبراهيم رئيسي وتصعيد النظام لعمليات التصفية. كما يشير إلى أن خامنئي لم يعد لديه أي خيار آخر بعد رئيسي داخل النظام لإنقاذ موقفه.

ويشهد قادة النظام انهيار استراتيجيتهم في الحكم القائمة على الفقه، والتي وصلت إلى طريق مسدود أمام مطالب المواطنين بحقوقهم المدنية في السياسة والمجتمع والاقتصاد. وقد دفع هذا المأزق النظام إلى اللجوء إلى “السهم الأخير في الجعبة”.

ولكن ما الذي سرّع من هذا المأزق داخل النظام وخارجه؟ التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بحكومة أو نظام لا تؤدي ببساطة إلى “كارثة” أو ضرورة استخدام “السهم الأخير” بدون أسباب واضحة. فهذه التطورات تتبع مسارًا واضحًا قبل أن تصل إلى النتيجة النهائية.

لقد نُشرت تحليلات وتعليقات حول هذا المسار بشكل متكرر على مدى الأشهر والسنوات الماضية، وبرزت فترتان مهمتان:

أولاً، استمرار دورة جرائم النظام من الثمانينات حتى انتفاضة عام 2009، تلتها تسارع الاحتجاجات ضد النظام حتى سبتمبر 2022.

ثانيًا، اندلاع الاحتجاجات في سبتمبر 2022 بعد قتل مهسا أميني، مما أدى إلى انتفاضات وطنية واجتماعية. وكانت لهذه الاحتجاجات آثار استراتيجية عميقة، حيث أبرزت الاستقطاب بين غالبية المجتمع والنظام بأكمله. المقاطعة القصوى للانتخابات المزمع إجراؤها في مارس 2024 ومايو 2024 ويوليو 2024، جاءت نتيجة التأثيرات الاستراتيجية لانتفاضة 2022.

ويجب النظر إلى هاتين الفترتين كجزء من مسار منهجي نحو المواجهة النهائية الحتمية بين غالبية المجتمع الإيراني والنظام. كما تعتبران أهم الأحداث السياسية في فهم مسار العلاقة بين المجتمع والنظام، التي ستؤدي في النهاية إلى سقوط الحكومة الحالية.

وبالنظر إلى هذا المسار الواضح، لا شك أن “الكارثة” التي تواجه النظام ستتسارع، إذ لم يعد لديه أي “سهام” متبقية، فقد استنفدت جميع البنوك الاستثمارية السياسية للنظام.

والآن، تحول حلم خامنئي في العودة إلى نموذج مثل رئيسي إلى كابوس مما يعكس فشل النظام في إدارة الأزمات الاجتماعية والعمالية، واستمراره في عمليات التصفية، وتكاليف الإرهاب الإقليمي وإشعال الحروب.

ومع ذلك، تبقى هناك جبهة واحدة حيث تواجه “آخر سهم في جعبة النظام ” وهي تتكاثر وموجهة نحو تشكيل المستقبل: جبهة غالبية الشعب الإيراني، التي يتسع نطاقها يوميًا لإسقاط النظام الديني من السلطة بشكل نهائي.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى