اهم المقالاتمقالات واراء

الصراع بين فصائل خامنئي بعد مسرحية الانتخابات الإيرانية

احجز مساحتك الاعلانية

منذ إعلان نتائج الانتخابات الإيرانية الأخيرة، شهدت الساحة السياسية الإيرانية تصاعدًا في حدة الصراع الداخلي بين الفصائل المختلفة داخل نظام خامنئي. هذا الصراع، الذي كان مستترًا لفترة طويلة، ظهر للعلن بشكل صارخ بعد الانتخابات، مما يكشف عن عمق الانقسامات والتوترات داخل النظام. يظهر هذا الصراع جانبًا من الآثار المدمرة لمقتل إبراهيم رئيسي، ويمثل صراعًا على السلطة والثروة بين أجنحة النظام الحاكم.

لماذا تفاقمت الخلافات داخل النظام؟ لأن مقتل إبراهيم رئيسي قوضت كل آمال خامنئي في توحيد نظامه، ونحن نشهد الآن تداعیات ذلك. كان خامنئي الخاسر الرئيسي في هذه الانتخابات، وقد بدأت حقبة جديدة في نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران، من آثارها الصراع بين مختلف الفصائل داخل النظام بالطبع.

طبعاً الحرب الحقيقية تجري بين الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية من جهة، ونظام ولاية الفقيه وجميع عصاباته من جهة أخرى. سيواجه نظام ولاية الفقيه انتفاضات كبرى داخل إيران بسبب أزماته الداخلية وتورطه في مستنقع الحرب في المنطقة، وهو يتجه نحو السقوط. هذه الانتخابات لم تحل مشكلة خامنئي فحسب، بل كشفت عن المأزق الذي يواجهه النظام.

الانتخابات الإيرانية، التي كانت دائمًا مسرحية هزلية تهدف إلى إضفاء شرعية زائفة على النظام الاستبدادي، كشفت مرة أخرى عن الخداع والتلاعب الذي يمارسه النظام على الشعب الإيراني والمجتمع الدولي. التقارير الأخيرة الواردة من شبكات المقاومة داخل إيران أظهرت أن 91 بالمئة من الناخبين قاطعوا هذه الانتخابات، مما يعكس رفضًا شعبيًا واسعًا للنظام بأكمله.

تأتي هذه المسرحية الانتخابية في ظل صراع داخلي محتدم بين فصائل النظام، وخاصة بين أنصار سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف. بعد الإعلان عن النتائج، وجهت وسائل الإعلام التابعة لجليلي اتهامات بأن قاليباف يحاول التلاعب بالنتائج لصالحه، وأنه كان يجب على جليلي الانسحاب نظرًا لتفوق قاليباف في استطلاعات الرأي.

الموقع الحكومي “رويداد 24” نشر تقريرًا يشير إلى أن “جبهة الثورة” تعاني من انقسام عميق، وأن أصابع الاتهام توجهت نحو جليلي ورفاقه، متهمين إياهم بالعناد وعدم الانسحاب من الانتخابات، مما أدى إلى هزيمة “جبهة الثورة”. من جهة أخرى، أشار عباس سليمي نمين، أحد أعمدة النظام، إلى أن الصراع بين أنصار جليلي وقاليباف يضر بالوضع السياسي في البلاد ويخفض من مستوى التحولات السياسية، مما يظهر بوضوح أن التوترات الداخلية بلغت ذروتها.

هذه الخلافات الداخلية ليست جديدة، ولكنها تعكس الطبيعة الحقيقية للنظام الإيراني. النظام الذي بني على أسس القمع والاستبداد، لا يمكنه تحمل أي شكل من أشكال المعارضة الداخلية أو النقد. هذه الخلافات تظهر بوضوح أن ما يسمى بـ”الإصلاحيين” و”المتشددين” ما هم إلا وجهان لعملة واحدة، وكلاهما يخدمان نفس النظام الاستبدادي، وخلافهما ليس على مصالح الشعب الإيراني بل على استيلائهم للسلطة وثروات الشعب، مما يؤكد أن المعركة الحقيقية هي للسيطرة على موارد البلاد وليس لتحقيق مصالح المواطنين.

من هنا، نرى أن الانتخابات الأخيرة لم تكن إلا محاولة أخرى من النظام لإظهار واجهة ديمقراطية زائفة، بينما الواقع يكشف عن نظام غارق في الصراعات الداخلية والفساد والفشل في تلبية احتياجات الشعب الإيراني. هذا الفشل يتجلى في الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستوى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.

في ظل هذه الظروف، يظل الأمل الوحيد للشعب الإيراني هو المقاومة الشعبية والتغيير الجذري للنظام عن طريق بديل ديمقراطي وطني. الشعب الإيراني قد أدرك أن النظام الحالي غير قابل للإصلاح من الداخل، وأن أي محاولة للإصلاح ما هي إلا محاولة لخداع الشعب والمجتمع الدولي. المقاومة الإيرانية ترى أن الانتخابات الأخيرة مجرد مسرحية هزلية، وأن الحل الوحيد هو الإطاحة بالنظام برمته.

على الصعيد الداخلي، لا يتوقع أن يجلب فوز بزشكيان أي تغيير جوهري في السياسات. فقد أثبتت التجارب السابقة أن الرئيس في النظام الإيراني ليس لديه سلطة حقيقية، والقرارات الرئيسية تُتخذ من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري. بزشكيان، رغم خلفيته كوزير سابق للصحة وعضويته في البرلمان، لا يسعى إلى تغيير هذا النظام ولا يستطيع إحداث أي تغيير. ستستمر سياسات القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، وسيزداد الوضع الاقتصادي سوءًا.

السياسات الخارجية للنظام الإيراني أيضًا لن تتغير بتغير الرئيس. إيران ستستمر في تدخلاتها في شؤون دول المنطقة ودعم الميليشيات والجماعات الإرهابية في سوريا والعراق ولبنان واليمن. هذه السياسات ليست بيد الرئيس، بل بيد خامنئي وقوة القدس الإرهابية. النظام الإيراني يستخدم القضية الفلسطينية كغطاء لتدخلاته في المنطقة، ويستغلها لتبرير سياساته التوسعية والقمعية.

في ضوء كل هذه الحقائق، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن النظام الإيراني لا يمكن إصلاحه من الداخل، وأن الأمل الوحيد لتحقيق التغيير يكمن في دعم نضال الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. الشعب الإيراني يستحق حياة أفضل، نظامًا ديمقراطيًا يحترم حقوق الإنسان ويوفر حياة كريمة للشعب.

المقاطعة الواسعة للانتخابات الأخيرة تعكس بوضوح رفض الشعب الإيراني للنظام بأكمله. هذه المقاطعة هي “لا” الکبیرة والشاملة للاستبداد الديني وتصويت حاسم لإسقاط نظام الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية. الشعب الإيراني قد قال كلمته بوضوح، وهو يطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة کما شاهدناه في مظاهرات الجالية الإيرانية في برلين في 29 حزيران (يونيو) الماضي.

المقاومة الإيرانية تواصل نضالها من أجل إسقاط النظام وإقامة جمهورية ديمقراطية. النظام الإيراني، الذي يعتمد على القمع والاستبداد للبقاء في السلطة، لن يتمكن من الصمود أمام إرادة الشعب الإيراني. الشعب الإيراني عازم على نيل حريته وحقوقه، والمقاومة الإيرانية تقف إلى جانبه في هذه المعركة العادلة.

والمجتمع الدولي وخاصة دول المنطقة إذا كانوا يريدون تحقيق السلام والأمن في هذه المنطقة من العالم، فإن السبيل الوحيد للوصول إلى هذا الهدف هو دعم نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى