بقلم : زينة محمد الجانودي / لبنان
أسباب الصّراع والنّزاع الطّائفي تعود لعوامل عديدة، منها ماهو تاريخيّ مازال تأثيره على الواقع الحاضر، ومنها ماهو سياسي تحرّكه المصالح السياسية، والتي تتيح لجهات سياسية متعدّدة افتعال الخلافات الدينية لإشغال الأمّة عن واقعها المعيشي.
ومن أحد أهمّ أسباب الصّراع والنّزاع الطائفي والذي يشكّل حاجزا منيعا أمام الوحدة، هو جهل كلّ طائفة بمعتقدات الطّائفة الأخرى، وسوء فهم بالمصطلحات والشّعائر والممارسات الدينيّة.
لذلك يجب توضيح القضايا التي تشكّل الالتباس وسوء الفهم وإن كانت بين أبناء الدّين الواحد
ومن بين هذه القضايا:
“السّجود على التربة الحسينية”
لماذا الشيعة يسجدون على هذا الحجر ؟وما سبب تسميته بالتربة الحسينية ؟
يؤمن الشيعة كما ورد في مراجعهم ومصادرهم الفقهية بعدم جواز السّجود أثناء الصلاة إلّا على أرض سواء كانت ترابا أو رملآ
أو حجرا أو طينا أو حصىً، وكذلك على ما تنبت الأرض من غير المأكول ولا الملبوس، بشرط تمكين الجبهة، أمّا السّجود على أي نوع من الملابس و الأقمشة و الأفرشة كالسجّاد ونحوها أو السّجود على المعادن من نحاس وفضّة وذهب فذلك أمر غير جائز.
ويعتقد الشيعة بأنّ المسلمين في عهد الرسول، كانوا يسجدون أثناء صلاتهم على التراب، ولا يجعلون بين جباههم وبين تراب الأرض حاجزا، ويستندون بذلك إلى العديد من الأحاديث والمرويات عن النبي محمد منها قول الرسول:”جُعِلتْ لي الأرض مسجدا وطهورا”.
[صحيح البخاري ج١ ص٦٠]
وبعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء عام (٦١ للهجرة)، بدأ الشيعة يحوّلون بعض من تراب أرض كربلاء إلى قطع طينيّة مجففّة بالشّمس،واعتادوا السّجود عليها، وذلك سبب تسميتها بالتربة الحسنية نسبة للحسين.
وعلى الرّغم من مكانتها عند الشيعة، فإنّ السّجود عليها ليس من الفروض المحتّمة،ولا من واجبات الشّرع والدّين، ولا ممّا ألزمه المذهب فلا فرق بينها وبين غيرها من تراب الأرض في جواز السّجود عليه، بل صحّة السّجود عليها لأنّها من أحد أشكال السّجود على الأرض، فالسّجود هو (على التربة )وليس (للتربة) وهناك فرق شاسع بين الاثنين.
“الحسينيات “
يعتقد الكثير أنّ الحسينيات هي مساجد خاصّة بالشيعة، وأنّهم يقومون بالصلاة فيها بدلا من المساجد، وفي حقيقة الأمر أنّ للشيعة مساجد تقام فيها الصلوات اليومية بالإضافة إلى صلاة الجمعة أسوة بسائر المسلمين.
فالحسينيّات ماهي إلّا أماكن لاجتماع الشيعة وتختلف عن مساجدهم.
وسبب تسميتها بالحسينية يعود لاتخاذ اسم الحسين عليه السلام والتأسّي به، والعزاء به بإقامة المراسيم الحسينية، حيث كان الشيعة يحيون مآتهم على الإمام الحسين في البيوت، ثم خصّصت أبنية سمّيت بالحسينية.
وهي تشبه إلى حدّ ما ما يسمى (بالخليّة) عند أهل السّنة التي يقيمون فيها نشاطات دينيّة و مناسبات اجتماعيّة.
واستخدمت الحسينية على مرّ التاريخ لعرض حادثة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام على الناس من خلال خطيب يجلس غالبا على المنبر متوسطا الناس.
ثم تطوّر دور الحسينية وصارت يستخدمها الناس لتلقي العزاء بميّت، وكذلك للاحتفال بمناسبات دينيّة معيّنة، وإقامة ندوات شعريّة وأدبيّة وفكريّة وما إلى ذلك.
وتقيم الكثير من الحسينيات بشكل أسبوعي محاضرات ومواعظ يلقيها الخطيب ويطرح فيها قضايا اجتماعية وتاريخية وأدبيّة، وتفسسير للقرآن الكريم ،والمسائل الفقهية،وبالتالي فهي ليست بديلا عن المساجد عند الشيعة وإنّما هي مكمّلة لها ومنفصلة.