تأيف : طاهر حسن
مسئول مكتب جريدة العالم الحر بالمنيا
قصة الزهرة القاتلة ( ج1 )
استيقظت مبكرا كالعادة وخرجت فى الشرفة استنشق هواء الصباح الباكر العليل ، وأسمع صوت العصافير فقد كانت الشرفة مطلة على حديقة صغيرة ملحقة بالمنزل ، وانتابني إحساس غريب أن هذا اليوم سيكون من أحس أيام حياتي ، ومارست بعض التمارين لتنشيط جسمي ، ثم انطلقت للحمام لأستمتع بالاستحمام بالماء الدافئ ، وتوضأت ثم لبست ملابسي وقمت بأداء صلاة الصبح ، وذهبت للمطبخ وأعددت وجبة الافطار التي تكونت من ثلاث بيضات قمت بخفها مع صلصة طماطم معدة من قبل ، وانتهيت من اعداد الوجبة وهممت في تناولها ، وقبلها وضعت براد الشاي يغلي على النار ، وما إن انتهيت من الإفطار حتى وصل الشاي للغليان ، وقمت بصبه في فنجاني الخاص ، وبدأت في ارتداء ملابسى ، وكل هذا وأنا أشعر أننى أطير من السعادة وينتابني شعور غريب أنني ستتغير حياتي للأفضل في ذلك اليوم ، وأنظر فى الساعة فقد قاربت على الساعة السابعة والنصف وتأخرت على موعد المدرسة ، فارتشفت الشاي الذي برد بسرع ، وانطلقت مسرعا للمدرسة التى كانت لا تبعد كثيرًا عن البيت ، وكانت الشمس مشرقة والسماء صافية ، وشعرت أن الكون كله يشاركني فرحتي وسعادتي التي لا أعرف لها سببا ، ودخلت المدرسة وأسرعت لحضور تابو الصباح الذي بدأ قبل وصولي للمدرسة بخمس دقائق ، وعرجت على حديقة المدرسة كي التمس منها زهرة كعادتي ، ومن شدة تسرعي ولهفتي في قطف الوردة حتى لا أتأخر عن تابور الصباح ، لم أتوخى الحذر فجرح أصبعي بفعل الشوك المنتشر بكثرة في شجرة الورد ، وآلمتني الشوكة هذه المرة بشدة لدرجة أن سقطت الوردة من يدي على الأرض ، وخرج من أصبعي دم غزير ولونه أسود قاني ، فتعجبت ولكنى سرعان ما تمالكت نفسي وغسلت أصبعي من صنبور المياه وضمدته بمنديلي الورقي حتى امتنع الدم عن النزول ،وانتهى تابور الصباح ، وصعد الطلاب إلى الفصول ، وذهبت كعادتي إلى حجرة الاستاذ أحمد بشئون العاملين ، فانا تعودت أن أجلس معه نتسامر ونحتسي أكوابا من الشاي وأساعده فى انجاز مهامه ، فى اوقات فراغي بين الحصص المخصصة لي فى الجدول ، وهذه المرة وردت إليه نشرات نقل مدرسين لسد العجز بالمدرسة ، وأخذت أتصفح معه أسماء المدرسين ، فلفت انتباهى اسمها ، وأخذت أقرأ اسمها أكثر من مرة ، أحقًا هي التى أعرفها ؟ فقد مر على اخر لقاء لى معها فى الجامعة سنين طويلة ؟ نعم انها هي بالتأكيد ، كم نظرت اليها تكرارا ومرارا من بعيد ـ وتمنيت أن أقترب منها وأحادثها ، ولكنها أشبه بحصن منيع ، يكسوها غموض محير ، ولكن بعد كل هذه السنين أحسست أن الفرصة قد حانت لأقترب منعها أكثر وأكثر ، فعملى معها فى مدرسة واحد قد يمنحنى فرصة للتقرب منها وفهم غموضها واكتشاف عالمها المحير ، وانتظرت مقدمها بفارغ الصبر ، وعلمت حينها سبب فرحتى وسعادتي في ذلك اليوم بدون سبب معلوم ، فالآن عرفت الخير الذي ينتظرنى وشعرت بمقدمه ، فقد كانت هي التى احببتها في صمت طوال سنين الدراسة بالجامعة ، وفعلا جاءت فى اليوم التالي لتستلم عملها بالمدرسة وكنت أول المستقبلين لها ، وتعجبت أنها لم تتذكرنى أو ربما تجالت معرفتى من قبل ، ولكن كانت نظراتها تؤكد أنها تعرفني حق المعرفة ، فعذرتها لأنها ربما أخفت معرفتى حفاظًا على مكانتها الاجتماعية بالمدرسة فى ذلك المجتمع الذى يكتظ بالعادات والتقاليد البالية المتشددة والمتحفظة لأقصى درجة