“بقلمى”
(يا مَنْ أحببتك فأمتّني)
لم يَكُنْ سهلًا بالنسبة لها أنْ يقتحمَ قلبها أو يسكُنه أحد، ودائماً كانت تنأى بنفسِها عن مُحاولات عدة من البعض لـِلَفْت انتباها ونيل إعجابها، وذلك من أجل قناعة بداخلها، وهي أنَّ قلب الفتاة مسجدها ولا ينبغي أنْ يقْتحِمَه أحد، وقلعتها التي يجب أنْ تُحصِّنها بكل الأسلحة المُمْكنة، حتى لا يتم احتلالِها من دخيلٍ لا يرحم.. يكمن أمر وصفها بالفتاة المغرورة أنَّها لم تكن كذلك لمنْ لم يعرفها عن قرب، هذه الفتاة لم تكُن تحمل جمالًا خارقاً أو جذَّاباً لكنَّها تحمل ملامح طفولية بريئة، مما أدى إلى وصفها بين صديقاتها “بـ صاحبة الوجه الملائكى”.
كانت تتساءل دومًا أين هو؟!، وهل سيتعرف عليه قلبى؟!، كان فتى أستطاع جيداً وربَّما دون قصدٍ منه أن يتملَّك قلبها، ودائماً ما حدَّثت عنه القمر كثيراً للدرجة التى أحسَّت بأنَّ القمر غار منه والشمس تمنَّت أنْ يكون حبيبها، والورود فاح عطرها، يوم ما التقت بِهِ كان لقاء أرواح فريد، لم تتصور حينها أنَّه هو ولكنَّه حدث.
إنَّ القلب الذى يَسْكُنه الحبّ تَسْكُنه الحياة وإنْ غادره فلا قيمة للقلب دون نبضات الحب، كجسدٍ بلا روحٍ تحيا فيه، هكذا إنْ رحل الحب عنّا.
-ليتنى ما أذنتُ لكَ بدخولِ قلعتى الحصينة فـَلَقَدْ هزمتنى بكل ما أوتيت من حب لك وأحتللتها بكلِّ ما أوتيت أنتَ من جفاءٍ وهَجْر.
لم تكن تعلم ما الذى دفع قَلبَها إلى الالتفات إليه، إلا أنَّه كان فى قلبِهِ جرحٌ غائر ينزف، جعله يرى جميع النساء ما هنَّ إلا اشباه لهُنَّ، وأنَّ الحبَّ ما هو إلا وهم ،أسطورة من الأساطير تُحكى للأطفال ليلاً قبل النوم.
لم يَكن ما يؤلمها هو نعته للعالم الذى تنتمى “النساء” له، ولكن ما كان يؤلمها حقاً صرخات جُرحه التى كانت تَصْدُر فى صمت، فـكانت تسمع صدى صراخاته فى قلبها وكأنها هى التى جُرحت، ولم تكن تعلم أنَّ السكين الذى جُرح بِه هوِ جرحها هى أيضًا، وإنْ اختلفت الغاية فـالنتيجة واحدة؛ “وجعا حد الموت”.
-عندما خُيِّلَ لي أننى سكنتُ قلبك، تساءلت هل نجحت في أنْ أقول لهُ أنَّ الحبَّ ليس وهماً؟!، هل أعَدتُ لهُ نبضَ قلبِه؟!
تتطايرت من قلبى حينها فرحة كفرحة نسمات الندى عندما تتساقط على أوراق الزهر وتسكنه فيفوح عطرَهَا ويتصاعد وأنا فيه ويوصِلْنى إلى القمر لنجلس نَعدّ النجوم سوياً، يا من أحْبَبْتُكَ فأمتّنى، مَنْ الآن يُضمّد جراح قلبى؟!
– حينما رأت ذلك الشىء الذى يلمع فى يديه كان ضوء لمعانه كسوطاً يجلد قلبَها دون رفقٍ.
-الامر الذى علمتُه أنَّه تركني دون رجعة ورحل، رحل دون حتى أنْ يُلقى نظرة أخيرة على مدفني فى قبر ألامى وأوجاعى، ولـَكَم رَجوته وأخبرته أنْ يكونَ بجانبي إلا أنَّه تركني، تركني كطفلة صغيرة تائهة تبكي فى الزحام.
نامت هذة الليلة وكانت أخر ليلة تُحاكى فيها الليل عَنْهُ وتُبكيه إلى الله علّه يُرْسِل رسائل قلبها إليهِ، كان أخر ليل نبضَ قلبها فيه.
باسنت السمان
كارمن
الفقد …!
هل جربت يومًا ذاك الشعور …؟! هو ليس كأي إحساسٍ آخر قد يتولد لديك نِتاج ظرفٍ معين قد مررت به الفقد … هو ذاك الخواء الذي يبعثر خلاياك ودواخلك دون أدنى ذرة لما يراود خيالاتك الواهية… هو .. أن تشعر بأنك مقيدٌ بأغلالٍ من حديد لا قِبل لبشرٍ المساسُ بها قط هو أن تعي بأن ما يسكنك ليس إلا سرابٌ يُبعثر فيك ما حاولت ترميمه ذات يوم هو أن تفتقد جُلَّ إحساس قد يُمِتكَ للحياةِ بصلةٍ وأنت على قيدِ الحياه . هو ذاك الشيء الذي تحاول إدراكه دون أن تعي ماهية الوصول لمفرداته. هو ذاك العالم الخاوي والذي فقط يحوي رُكام حاضرك وماضيك وكل مكنوناتك . الفقد … ليس أن تشعر بأنك ميت بل بأنك تشعر بأن كل ما يجول بخاطرك ليس سوى أنين يُتمٍ ملبدٌ بالغيوم . ، ليس ذاك الإحساس بالعجزِ بل هو العجز عن الإحساس بما حولك ، ليس ذاك الشيء الذي يبعث بك إلى الوحدةِ لكنه الوحده بكلِ متطلباتها من عزلةٍ وانطواء . الفقد … هو ذاك الشعور المُثْقَل بعواصف خافقك النابضُ بالحياه . هو أن تشعر بما لا يمكن لمخلوقٍ أن يشعر به ولا بما يجول بنابضُك . هو أن تشعر أنك وحدك دون سواك من يمتلك آلية الفقد ومقومات إحساسه . الفقد … ليس فقط بفقدِ عزيزٍ لديك ولا كائنٍ كان بل يكُن الفقد في قوة ما فقدت ربما يكمُن في كلمةٍ أو شعورٍ مستحبٌ لديك . فـ الفقد … لا يضاهيه إحساسٌ آخر أن تفقد إحساسٌ معينٌ كنت تمتلكه ذاتَ يوم، تتميز به، تستشعرهُ وهو ساكنٌ بين جنحانِك, يتغلغل داخل أوردتك كما الهواء تستنشقه، كما النفس الذي تتنفسه …، دون عودة ذاك هو الفقد بعينِه
ألفت_سلام