اسليدرالأدب و الأدباء

جاؤوني من زمن الحب

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم…. حنان فهمي

“فركت” عينَي بقوة.. هو حتما حلم فكيف التقى عنترة وقيس وأنطونيو نبلاء أجمل قصص الحب والرومانسية.. لكن لا بأس من حلم يدغدغ مشاعرنا ويحلق بأحاسيسنا في السماء.. إن كان حلما فأدعو الله ألَّا استفيق منه وألَّا أعود للحياة بين بشر فقدوا الرحمة واستباحوا الحب وتلاعبوا بالقلوب النقية.
رأيتهم أمامي.. قيس وليلى، عنترة وعبلة، أنطونيو وكليوباترا.. بدأ قيس بن الملوَّح بالسؤال: كيف حال الحب عندكم؟ دون شك إنّه أفضل وأسهل من زماننا ولا ينتهي بالفراق.. وكيف ينتهى وكافة وسائل التواصل الاجتماعي السريعة تحافظ على استمراره.. فلديكم “الواتس والڤايبر والماسنچر”؟.. أجبته: أريد أن أسمع منك أولا حال العشق والحب في زمانكم..
فبدأ يقص عليَّ: عشقت ليلى العامرية منذ نعومة أظافري وعندما صرت شابا طلبتها من عمي فرفض وزوجها لغيري.. وأخذها زوجها ورحل بعيدا عن الديار في نجد ثم انتقل للطائف.. وها أنتِ ترين حالي صرت “مجنون ليلى”.. لكن لو كنت في زمانكم لبعثت لها رسالة على “الواتس” لتهرب ونتزوج.. يا حسرتاه.. ليتني كنت أعيش زمانكم.
تعجب قيس من ضحكتي الساخرة.. لكني بددت اندهاشه ووعدته بالإجابة بعد دقائق.. في هذه اللحظة التقط خيط الحديث “مارك أنطونيو” وأعاد طرح سؤال قيس وسألني عن حال العشق في الزمن الحالي؟.. قاطعته وطلبت منه أولا أن يحدثني عن أسباب انتحاره، قال: وقعت في حب “كليوباترا” من النظرة الأولى، كانت مثل “العمر لا يمكن أن يذبل جمالها”، لكن علاقتنا أثارت غضب الرومان لخشيتهم من أن تزيد قوة مصر مع وجود هذه العلاقة، حيث كنت قائدهم، لكن رغم كل التهديدات، تزوجنا.. وجاء يوم كنت في الحرب، تلقيت خبراً بأن كليوباترا ماتت، فانتحرت بسيفى.
قلت له: ولكن هذه كانت شائعات كاذبة وعندما عرفت كليوباترا حزنت، ولم تحتمل خبر وفاتك فانتحرت هى الأخرى بالسم.. قال: علمت بهذا لأن روحها صعدت بجواري.. ولو كنت في زمانكم لكان التواصل معي على “الڤايبر” وعلمت أنها لم تمت وعدت إليها.. ثم انضم إلينا عنترة وطالبوني بأن أحدثهم عن الحب والعشق والمشاعر والرومانسية في هذا الزمان ..
سحبت تنهيدة من أعماق قلبي.. ولمعت عيناي.. ولمحت الذهول يبرز في عيونهم وأنا أؤكد لهم بأن الحب في أيامهم كان أصدق وأنقى، بدليل أنه لا يزال خالدا حتى بعد موتهم.. وأنه كان حقيقياً ويأتي مرة بالعمر.. لا يلوثه رغبة ولا مصالح.. أما في زمن “التكنولوجيا” فلم يعد حباً، بل أصبح مسخاً.. وكثيرون يتحدثون عن الحب الأول والثاني والثالث.. فالعدد كبير، وأحيانا لدى البعض عدد لا يحصى من الحبيبات، فقلبه نافذة مَشْرَعةُ تستقبل كل سيدة تمر عليه .

الحب في زمننا يبدأ بالرغبة فقط، ثم وعود كاذبة، وعند أول مشكلة ينتهي “بالبلوك”.. تعجبوا وسألوني وما البلوك؟.. ضحكت كثيراً.. وأجبت: أن يكون عاشقان ويتعاهدان على الإخلاص والوفاء، وفجأة تنقلب الدنيا عند أول اختبار فينهي أحدهما هذا المدعو الحب المسخ بإغلاق كل السبل للوصول إليه عبر الهاتف والڤايبر والواتس وغيرها من وسائل التواصل.. ليذهب ويبحث عن حب آخر أو تسلية أخرى.

نكسوا رؤوسهم حزنا علينا.. ثم رأيت السعادة تتراقص في عيونهم بأنهم عاشوا في الزمن الجميل ولم تسقهم أقدارهم لزمان الكذب والخداع.. شعرت بالخزي.. حاولت الانصراف وألملم بقايا خيبات الأمل التي تحاصر المكان.. وفجأة استفقت من غفوتي على رسالة في هاتفي كانت من الشخص الوحيد الذى أحببته ووعدني بحل مشاكل تؤجل ارتباطنا ..

كان نص الرسالة: “سامحيني فأنا في طريقي للرحيل إلى الخارج، فقد فشلت في الحفاظ على حبنا.. أنا لا أستحقك، وحتما ستجدين من يمنحك الحب الحقيقي”.. أغلقت الهاتف واستسلمت للنوم ربما أحلم مجددا بنبلاء زمن الحب الجميل.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى