تتوالى بصفة شبه يومية الانجازات التى تتم على أرض الواقع فى شتى مجالات الحياة بصورة أصبحت تنبئ بيقين على اتجاه الدولة المصرية- رغم تعاظم التحديات، وتضاعف العقبات، وتآمر التحالفات- إلى مرحلة الانطلاق القادرة فى النهاية على خلق الدولة المصرية الحديثة. وهى انجازات يمكن القول بإنصاف وحيادية على أنها انجازات لم تكن مسبوقة من قبل، بل ويتجاوز الأمر ذلك إلى إمكان القطع بأنه قد يصعب، وقد يستحيل، إمكان الوصول إليها فى أية مرحلة من مراحل تطور الدولة مستقبلا. ويبقى دوما التساؤل الواجب بذل الجهد للإجابة عليه، كيف أمكن تحقيق ذلك القدر من الانجازات، رغم وحدة المعطيات، وتماثل الظروف، وتتطابق الإمكانيات، وتشابه الشخصيات، بل ومحدودية الموارد والعائدات. وقد يمكن الإجابة على ذلك التساؤل حال البحث عن العنصر الذى كان مفتقدا فيما مضى فى كافة مراحل الحكم فى النظام الجمهورى منذ ثورة 23 يوليه 1952، وحتى عام 2013/2014. فضلا عما كان يفتقده كيان الدولة فى ظل النظام الملكى الممتد لعقود مضت قبل بزوغ فجر ثورة 23 يوليه المذكورة.
ويتمثل العنصر الفاقد، فى تلك المرحلة بالذات، باعتباره العنصر المستجد فى الحياة السياسية، وفى إطار الرؤية التنفيذية، فى عنصر المتابعة اليومية، بل واللحظية، والناجمة عن الرصد الشخصى والتقييم الذاتى لرئيس الدولة دون الاعتماد بشكل كامل، أو شامل، على ما يرفع له من تقارير متعددة، ومتنوعة، سواء من رئاسة الحكومة، أو من قبل الأجهزة السيادية والمعلوماتية. وهو عنصر يلعب دورا جوهريا وهائلا فى دفع عجلة الحياة التنفيذية فى الدولة المصرية، وذلك لتعويض الفارق الهائل الكامن فى الطبيعة الراهنة بالكوادر الإدارية والتنفيذية الشاغلة لغالبية الوظائف الحكومية، والتى أصبحت تتسم بقدر من الترهل، والنمطية، والبيروقراطية، والسلبية، والبعد قدر الإمكان عن أية إيجابية قد يترتب عليها أي قدر من المساءلة، وإعلاء دوما المقارنة المغلوطة وغير الحقيقية بين السلبية مع ضمان الأمان، والإيجابية مع إمكان الجزاء بل والتعرض لأقصى قدر من العقاب.
ويبذل السيد رئيس الجمهورية جهدا مضاعفا بشكل يومى، لتحقيق المتابعة القادرة على تحويل الترهل إلى شبابية، والنمطية إلى إبداعية، والبيروقراطية إلى انجازية، والسلبية إلى إيجابية، والخوف من المساءلة إلى ثقة ومقدرة هائلة. وهو إبدال، وتحول، وتغيير، لا يتحقق بالكلمات، أو الشعارات، أو الإعلانات، أو الخطط، أو الرؤى، ومجرد الطموحات. بل يلزم لإمكان إدراك ذلك أن يتوافر لدى الكافة الإرادة التنفيذية القوية، والقادرة، والناجزة، والتى يستمد الكافة وجودها، من خطوات رئيس الدولة المشهودة، وحرصه على توفير تلك الإرادة بشكل واضح، وملموس، وقادر على لمس الجميع لحقيقة وجوده على أرض الواقع. ويظهر ذلك واضحا وبشكل لا يمكن إطلاقا إنكار وجوده فى المشروع القومى للطرق، والمشروع القومى للنقل، والنهوض بمرفق السكك الحديدية، واستحداث وسائل نقل جديدة، مع التوسع فى شبكة مترو الأنفاق، والمشروع القومى للإسكان الحضارى بعد القضاء على العشوائيات، والمشروع القومى للنهوض بالصناعة، وبالزراعة، وبإحداث طفرة فى تحقيق التوازن التجارى بعد تعظيم قدر الصادرات، والإقلال من حجم الواردات. والمشروع القومى لإحداث الطفرة فى مصادر الطاقة سواء التقليدية أو المتجددة، والمشروع القومى لمضاعفة قدر العائد من شريان قناة السويس بعد ازدواجيتها، وتعميق مسارها، والمشروع القومى لاستحداث مصادر للمياه سواء بالتحليه، أو بالاستفادة من مياه الأمطار، والسيول، والمياه الجوفية، وحسن إتباع وسائل الرى الحديثة القادرة على الاقتصاد فى الموارد المائية، والمشروع القومى للنهوض بالصحة العامة من خلال القضاء على فيروسC، والأمراض المزمنة، وصحة المرأة، وصحة الطفل، وحسن مواجهة جائحة الكورونا، والمشروع القومى لرقمنة الدولة، والمشروع القومى للنهوض بمنظومة الاتصالات وحسن تأمينها، والاعتماد على الأقمار الصناعية، والمشروع القومى للنهوض بالخدمات الأمنية، وترسيخ الشعور بالأمان، والقضاء على الإرهاب، والمشروع القومى للنهوض بالتعليم، والذكاء الاصطناعى، والمشروع القومى لإنشاء المدن الجديدة، والمشروع القومى لتعمير سيناء، وإعادة النظر فى خريطة التوزيع السكانى فيها، والتوسع فى أنفاق ربطها بالوادى، والمشروع القومى لاستحداث العاصمة الإدارية الجديدة، ونقل كيانات الدولة الإدارية كلها إليها بعد ربطها بشبكة المواصلات القادرة على تفعيل وجود تلك الكيانات فيها، والمشروع القومى لاستحداث مزارات، ومجتمعات سياحية جديدة كما فى مدينة العلمين الجديدة، والمدينة الجارى استحداثها فى منطقة رأس الحكمة، والمشروع القومى لاستحداث مطارات جديدة، وتطوير الخدمة النقلية فى المطارات القائمة، والمشروع القومى للدخول بمصرنا إلى نادى الطاقة النووية السلمية لإنشاء محطة الضبعه العملاقة، والمشروع القومى لتحقيق انجاز الإصلاح الاقتصادى لمواجهة التشوهات الموروثة فى البناء الاقتصادى والمالى للدولة، والمشروع القومى لمضاعفة الرصيد المركزى من العملات الأجنبية، وحسن الوفاء بالديون الخارجية فى مواعيدها المستحقة، والمشروع القومى لتوطين صناعة السيارات الكهربائية، وصناعة البرمجيات، واستعادة المكانة المهدرة لصناعة الغزل والنسيج، والأثاث، والصناعات الجلدية، والمشروع القومى لزيادة الاعتماد على المنتج المحلى، وتشجيع استهلاكه بعدد من الإجراءات والإغراءات القادرة على إعادة البعث للصناعة الوطنية، والمشروع القومى الخاص بمضاعفة نطاق المياه الاقتصادية فى البحرين الأبيض والأحمر وإعادة رسم الحدود مع الدول الشقيقة والصديقة، وذلك لزيادة الكشوفات الخاصة بخام البترول، والغاز الطبيعى، باعتبار أن تلك المياه هى الامتداد الطبيعى المتفق عليه دوليا للمياه الإقليمية لكل دولة على حدة، والمشروع القومى الخاص بإعادة حصر أصول الدولة المهدرة، وإعادة توظيفها بشكل استثمارى قادر فى النهاية على مضاعفة قدر العائد للخزانة العامة منها، والمشروع القومى لاستحداث صندوق مصر السيادى القادر بوسائله غير النمطية على مضاعفة أصول الدولة، وحسن توظيفها لما يساهم على تحقيق مرحلة الانطلاق الحقيقية لها، والمشروع القومى لمضاعفة قدر الاعتماد على الكوادر الشابة القادرة على صنع المستقبل القريب والبعيد على السواء، والمشروع القومى الخاص بمضاعفة نطاق ممارسة التجربة الديمقراطية الحقيقية، والمنجزة، والمتكاملة من خلال إعادة تجربة الحياة السياسية عبر غرفتى الممارسة الديمقراطية المتمثلة فى مجلس الشيوخ بالإضافة إلى مجلس النواب، والمشروع القومى لإعلاء السيادة بالقانون فى كافة مجالات الحياة، وعدم السماح بأية مخالفات أو اجتراءات على نصوصه، وذلك وصولا إلى العدالة الناجزة بدلا من تلك الناعسة بعد النهوض بكافة آليات العدالة ومقومات إرسائها.
ويضاف إلى ذلك كله المشروع القومى الخاص بتطوير أسلحة القوات المسلحة، وتعظيم اعتمادها على ما فى الترسانات الدولية من أسلحة حديثة، ومتطورة، لتفى بمطلوبات حماية الأمن القومى المصرى بمفهومه العام والشامل من أية تهديدات داخلية أو خارجية، ومواجهة شتى المؤامرات الحاقدة والمتربصة، وذلك دون الاعتماد على مصدر واحد فى التسليح دون الآخر، بل بالاعتماد على كافة المصادر المتاحة، والتى ترى فى مصلحة كل منها وجوب توسيع التعاون العسكرى مع مصرنا الخالدة، دون تعليق ذلك على أية حسابات سياسية، أو تحالفيه، إقليمية أو دولية. فضلا عن إحداث الطفرة الواجبة فى تأهيل وإعداد المقاتل المصرى بكوادره المختلفة، ليواكب مطلوبات العصر الحديث حال تعامله مع الأسلحة المتطورة.
ويوضح ذلك حقيقة العنصرين المستحدثين فى الأداء الرئاسى من قبل رئيس الجمهورية، والتى يمكن بإنصاف حصرهما فى إتمام المتابعة بشكل فاعل، حاسم، حازم، وقادر على الإثابة والمساءلة على السواء. بالإضافة إلى توافر الإرادة التنفيذية المبدعة، والسباقة، والقادرة على تحويل أية رؤية أو خطة، إلى واقع انجازى معاش وملموس خلال جدول زمنى لا يتراخى، ولا يمتد، ولا يُجمد نزولا على أى سبب، أو اعتمادا على أى تفسير أو تبرير. ولا يقدح فى ذلك إمكان الانتقاد، أو الاعتراض، أو الرفض من قبل البعض اعتمادا على عدم استفادته بصفة شخصية من العائدات السريعة، المتوقعة من وجهة نظره، أو المأمولة من خلال رؤيته، لأي من تلك المشروعات القومية السابق ذكر عدد منها على سبيل المثال، دون نظر، أو فهم، أو مدارسة لمردود تلك المشروعات على المصلحة العليا للوطن باعتبارها هى المصلحة الأولى دوما بالرعايا، والقادرة فى نهايتها على تحقيق المصالح الشخصية لكل مواطن مصرى، ولكونها مجتمعة تحقق الرؤية الذاتية للمواطن، والرؤية السيادية للوطن.
كلا العنصرين يمثلان العنصر الذى كان فاقدا فيما مضى رغم التماثل والتشابه فى قدر التأهيل، والإعداد لكافة رؤساء مصر السابقين بدءا من ثورة 23 يوليه 1952 وحتى عام 2013/2014، عدا الفترة التى تم فيها اختطاف مصر من هويتها وذاتيتها، بل وقدر التطابق أيضا فى كافة المعطيات والظروف المحيطة بالدولة المصرية. وهو تشابه وتماثل يبقى غير كامل، نتيجة لحسن فهم ذلك العنصر الذى كان فاقدا من قبل، والذى أصبح مشهودا فى تلك الآونة، والمتمثل فيما تحظى به شخصية القيادة السياسية الحالية من قدرة ذاتية لا علاقة لها بدرجة التأهل والإعداد فحسب، بقدر علاقتها الوطيدة، والحتمية، الناجمة عن الطبيعة الخاصة المميزة لتلك القيادة السياسية الحالية. وهى تلك الطبيعة التى جسدت العنصر الثانى فى مقومات تلك القيادة، والمتمثلة أيضا فى النهاية فى توافر الإرادة الصلبة، الحكيمة، الواعية، المنجزة، القادرة، والمقنعة، وقبل ذلك كله المؤمنة بقدرة الله، وعطائه، وعونه إعمالا لقوله تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدره) صدق الله العظيم.