كانت الطبيبة تمر كعادتها بين حجرات العزل الصحى وهى ترتدى الزى الواقى،وكانت نظرة الأمل تشع من عينيها بهاء كبهاءالنهار بعد زوال الظلام،وقد بدأت بحجرة عم سلامة الذى كان يعانى من أعراض فيروس كورونا،
وبابتسامة حانية قالت: تمام يا عم سلامة أنت الآن على أعتاب الشفاء،فنظر إليها قائلا : الدنيا بأحوال يا ابنتى،والحمدلله على كل حال.
فردت قائلة: كل شىء بميعاد،وأنت رجل حمول،تحمَّلت الكثير من الآلام
لذلك يجب أن نصنع لك تمثالا من العاج، بشرط أن تسمع الكلام وتهتم بما يقال، فضحك ضحكة كادت تطرد السعال من فوق رئتيه،
ثم قال: عملكم صعب يا ابنتى ،فمتى ترتاحون بعد كل هذا العناء،
فقالت وهى تخفى آثار التعب والإرهاق:يا عم سلامة،نحن شموع نحترق ونذوب من أجل الآخرين،والآن نكتفى بهذا القدر من الدواء ونستكمل غدا بقية العلاج.
انتظر عم سلامة الطبيبة يوما ..يومين ..أسبوعا،كان يستحى أن يسأل الطبيب الجديد عنها حتى لا يظن أنه متضرر منه فى شىء،وعندما تماثل للشفاء التام،ودَّ أن يشكر ملاك الرحمة التى وقفت بابتسامتها الحانية تعالجه وتسانده وتشد من أزره فى أصعب الأوقات،
فسأل الطبيب عن تلك الطبيبة الأمينة قبل أن يغادر المستشفى ، فنظر إليه الطبيب نظرة حزن تختلط بالشفقة، ففهم عم سلامة أن الطبيب أراد أن يخفف عنه الصدمة،
وغادر المستشفى مرددا:
-الشموع البيضاء تحترق وتذوب من أجل الآخرين