نظام مير محمدي الكاتب الحقوقي والخبير في الشأن الإيراني
أجبرت انتفاضة الشعب الإيراني في جميع أنحاء البلاد التي بدأت في 15 نوفمبر اعتراضًا على رفع أسعار البنزين واستمرت لعدة أيام جميع العناصر الرئيسة في نظام ولاية الفقيه على اتخاذ موقف. واعترفت العناصر الحكومية بتنظيم الانتفاضة وأبعادها وانتشارها.
وبدأ الاعتراف من جانب على خامنئي حيث وصف الثوار بحفنة من مثيري الشغب والأشرار، وبوصفه القائد الأعلى للقوات أمر قوات الأمن والحماية بالقيام بكافة مهامها في قمع المتظاهرين وإحباط الانتفاضة.
وبعد خامنئي سلط التسلسل الهرمي للمسؤولين في الحكومة، ومن بينهم روحاني، و الحرسي، على شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي في نظام الملالي، ورحماني فضلي، وزير الداخلية في حكومة حسن روحاني، و إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية، والملا ذو النوري، رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس شورى الملالي، والحرسي مجيد سلامي، قائد قوات حرس نظام الملالي المحبطة معنويًا، وفدوي، نائب قائد قوات حرس نظام الملالي و قائد فيلق أصفهان، وقائد فيلق محافظة فارس (مركز شيراز)، وجميع أئمة صلاة الجمعة في المدن، الضوء على تنظيم الانتفاضة وانتشارها وأبعادها، وهم يشعرون بالفزع والرعب على مستقبلهم المظلم.
ومن جانبه وصف الملا ذو النوري، رئيس لجنة الأمن في مجلس الشورى لنظام الملالي، في التلفزيون الحكومي في 24 نوفمبر، أي بعد 10 أيام من بدء الانتفاضة، حجم الاشتباكات في المدن، كما يلي:
“كان العدو يخطط لإحداث هذه الأزمة في البلاد في شهر يناير؛ لكن رفع أسعار البنزين عجل من قيام العدو بهذه الخطة واستغل هذا المناخ.
وواجهنا 147 اشتباكًا في طهران يوم الأحد (اليوم الثالث من رفع أسعار البنزين) فقط. وواجهنا 800 اشتباك في جميع أنحاء البلاد في غضون يوم واحد.
وكانوا يحاولون الاستيلاء على أقسام الشرطة، وماذ يحدث لو تمكن مثل هؤلاء الأفراد من الاستيلاء على قسم الشرطة وأخذوا ما يتراوح ما بين 300 إلى 400 بندقية؟
وقال الملا علي أكبري، أحد أئمة الجمعة في طهران، في 29 نوفمبر : بعد عامين من العمل التنظيمي المكثف والتدريب والتجهيز والتسلح، حاكوا مؤامرة خطيرة للغاية. لقد قاموا بعمل كبير جدًا على نطاق واسع ومعقد.
وفي وقت سابق، قال أحمد خاتمي، أحد أئمة الجمعة في طهران، بخوف وقلق من استمرار الانتفاضة: “بصفتي شخصا قام بتدريس ”البحث الخارج” والأصول والفقه لمدة 20 عامًا كاملةً، أقول إن الذين أثاروا الشغب وأضرموا النيران في المراكز الحكومية هم بغاة ومحاربون (ضد الله)، ويجب الحكم عليهم بأشد العقوبات. ( أي يجب إعدامهم وفقًا لقوانين الملالي).
وخلال الأيام الأخيرة من الانتفاضة، هدد الملا إبراهيم رئيسي، بصفته رئيس السلطة القضائية في نظام الملالي، بالحكم على جميع المعتقلين بأشد العقوبات، أي الإعدام.
ويُعرف إبراهيم رئيسي بأنه جلاد مذبحة صيف عام 1988، التي قُتل فيها 30000 سجين سياسي من مجاهدي خلق. وكان يتولى آنذاك منصب نائب المدعي العام للثورة.
قال حسام الدين آشنا، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والمساعد السابق لوزارة الاستخبارات سيئة السمعة والمستشار السياسي لروحاني : ” لقد تصوروا أنهم قد دشنوا عملية الضياء الخالد (2)، لكنهم فهموا جيدًا الآن أن عملية مرصاد ( 2) قد دُشنت”.
وقد جنحت المسيرات في بعض المدن إلى العنف نتيجة سوء استخدام مثيري الشغب المدربين، مما أدى إلى تدمير الممتلكات العامة والهجوم على المراكز الحكومية والحوزات العلمية والبنوك.
(وكالة ” إيرنا ” للأنباء ، 21 نوفمبر)
حسام الدين آشنا هو أحد عناصر الأمن في نظام الملالي الذين قاموا بدور كبير في قمع رجال الدين والطلاب المعارضين في محكمة رجال الدين الخاصة، وممثل حسن روحاني في مجلس الإشراف على الإذاعة والتلفزيون.
إن عملية الضياء الخالد هي اسم للعملية التي نفذها جيش التحرير الوطني الإيراني خلال الفترة الزمنية من 25-30 يوليو 1988 وتقدمت قواته حتى بوابات كرمانشاه. وقتل في هذه العملية 55000 من القوات القمعية التابعة لنظام الملالي ، واستشهد 1304 عضو من أعضاء مجاهدي خلق.
ووصف نظام الملالي هذه العملية بعملية مرصاد، انطلاقًا من ثقافته المعكوسة المضللة.
وفي موقف مخيف آخر، قال علي ربيعي، المتحدث باسم حكومة روحاني: “إذا استمر هذا العام على هذا المنوال، فلن يكون لدينا أي أفق واضح للمستقبل”.
فمن المتوقع أن تظهر تحركات اجتماعية في المجتمع وتتحول الاضطرابات العقلية إلى اضطرابات جسدية تمامًا، وإذا لم نفكر جيدًا في إيجاد حل فلن نعرف ما سيحدث لاحقًا. (صحيفة “إيران” التابعة للحكومة، 30 نوفمبر)
فيما يتعلق بحجم انتفاضة نوفمبر في إيران، كتبت وكالة “أسوشيتدبرس” للأنباء:
تشير الاحتجاجات الإيرانية إلى الاضطرابات في المستقبل؛ فقد تحولت سلسلة المظاهرات الأخيرة في إيران إلى أعمال عنف خلال يوم واحد، مما يدل على أن هناك مخاطر مصيرية ستواجه نظام الملالي في المستقبل.
ومن الجيد قراءة نتائج هذه الانتفاضة المنظمة على لسان الحرسي العميد يد الله جواني، المساعد السياسي في قوات حرس نظام الملالي:
“استمرت الاحتجاجات يومي السبت والأحد على نطاق واسع في 29 محافظة ومئات المدن.
وكانت هناك احتجاجات في 110 مناطق في محافظة أصفهان وحدثت اشتباكات، ومن حيث التجمعات جاءت أصفهان في المرتبة الثالثة بعد محافظتي فارس وطهران. وما حدث في الأيام الأخيرة من شهر نوفمبر كان حدثًا جديدًا وواسع النطاق. وعلى الرغم من أننا شاهدنا أمثلة على ذلك في الاضطرابات التي وقعت في عامي 2009 و 2017، إلا أنها في حجمها أقل بكثير من الأحداث الأخيرة.
فهذه الأحداث بهذا الحجم وهذه الأبعاد غير مسبوقة من نوعها على مدار 40 عامًا من حكم نظام الملالي”. (موقع “عصر ايران، 29 نوفمبر).
الحقائق والأمثلة كثيرة جدًا، وتحتاج إلى فرصة أخرى للحديث عنها.
والملحوظة الأخيرة، هي أن خميني بعد 20 يونيو 1981، أصدر الأمر بإعدام وشنق 120000 شخص من أبناء الشعب الإيراني وهم في الأصل من مجاهدي خلق؛
وادعى النصر وقال إن مجاهدي خلق انتهوا. لكن الآن، بعد 38 عامًا من الادعاء بالقضاء على مجاهدي خلق ؛ يعترف خليفته وجميع عناصر هذا النظام الفاشي بوجود مجاهدي خلق في تشكيلات معاقل الانتفاضة وبتنظيم هذه الانتفاضة.
فهم يقولون إن معاقل الانتفاضة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق هي التي جرّت الاحتجاجات السلمية إلى العنف مما كبد نظام الملالي خسائر فادحة وخسائر مالية تقدر بملايين الدولارات.
كما يعترفون بأن أبعاد الضربة التي لحقت بهم كانت شديدة لدرجة أنهم قالوا إنها لا يمكن أن تكون إلا من قوة منظمة ومدربة جيدًا. وكتبت صحيفة ” جمهوري اسلامي” في 20 نوفمبر محذرة أجهزة المخابرات والأمن في نظام الملالي: ” كان مدى الدمار والجرائم على مدى 48 ساعة كبيرًا وكانت الإجراءات محترفة لدرجة أنها عززت من فكرة احتمال وجود شبكة مدربة ومجهزة وتتمتع بالدعم المالي والاستخباراتي تنظم الانتفاضة”.
إن كل الكلمات المخيفة التي أدلت بها جميع العناصر القمعية للفاشية الدينية الحاكمة في إيران صحيحة، لأن هذه الانتفاضة المنظمة مستمرة وعاقدة العزم على الانتصار والإطاحة الحتمية بنظام ولاية الفقيه.