تحدثني مرآة التكفير أغمض عينيك سيخرس فاك , إلا أن الروح سوف تعذب في ظلمة وتبقى حزينة بين القضبان في قفص الجسد .
قالت مرة : اكتب بأصابع مرتعشة, وحدق بأجفان متعبة .
تنهدت وشكوت أن فعلت ما تطلبيني سأكون نخلة فوق مستنقع خبيث , وسيندبني الخوص بالحزن والآسي .
لا ترد على شكوى , حينها علمت بأنها تريد أن تلبسني نقاباً من اليأس والقنوط .
تبأ لها من مرآة تعكس الضوء ظلمة وترسل ذبذباتها لغرف تفكيري وتحملني أعباء فوق ثقل قيودي .
هذا ديدنها تعمل ضجة , صمت أذاني عنها , وحررت لساني منها .
نظرت إلى السماء أرجو من فوقها داعيا بجهلي وما بقلبي من الانقباض , ومنذ تلك اللحظة زاح غبارها وأصبح صفاؤها كالماء الصافي .
واستيقظت العواطف التي أبعدتها درن الخطايا العمياء القاطنة في قعر العقل ..
إنّها ذنوبي ساقت الغبار جبرا لمرأة التفكير كعود نار عند الاطفاء يترك دخان , وهكذا وإن لم أفعل الذنب فإنه سيضع لطخة سوداء .
غمرني الرحمن برحمته , ومنحني يقظة هائلة بلطفه , فتاكه حلوة بطعم ذكره , وتسللت في أعماق نفسي ثم اتسعت وانبسطت وتبطنت فعالجت مرارة الكتمان .
وتيقنت بأن من يضع الغبار على مرآته هو الإنسان , والبعض يجمد ثلوج لا تذوب , وآخر لا تسمع أذناه ولو همس آيات القرآن .
أما غبار الحياة الخالية المقفرة التي نعيشها يأتينا من شر عملناه وما لنا غير زرع الخير لنذوق طعم ثماره ,وإلا فغبار الشر لا يبقى على مرآتنا فحسب , بل سيغمر البصيرة ايضاً ونبقى خائفين ضائعين في ظلمة حالكة .
الذنب والشر اليد العليا لقبض القلوب , فبهما يتمخض اليأس ,ونتائجهما الكآبة وتأثيراتها ومأساتها الوحدة التي فتكة بالبعض لينهي حياته .
أننا لا نعيش وسط ملائكة وحياة نرجسية تصدر لنا المحاسن , فأغلب أوقاتها تعلوه المكروهات , وبعض الناس لا نرى منهم غير القبيح , وضغوط المحيط في الأسرة والعمل وسائر الأماكن , كل هذا لا يعني الهروب من الواقع بالتخلي عن المسؤولية أو الموت , أنما المفروض بحثنا عن قوة تساعدنا وهذه القوة لدى خالقنا نستمد منها طاقتنا ونصنع المحاسن .