تابعت اثنتين من أعنف وأشرس الهجمات التي شنتها القوات العراقية على معسكر أشرف للمعارضين الايرانيين الذي كان يقع قرب قضاء الخالص،
ولم يتمالك قائد فيلق القدس قاسم سليماني نفسه بأن كتب مهنئا القيادة الايرانية بخصوص الهجمة الاخيرة ،أي الاول من سيتمير2013،
على ماسماه بالانجاز الكبير الذي لايمكن مقايسته بأي إنجاز آخر قام به النظام ضد منظمة “مجاهدي خلق”، يومها وفي وقت كان هناك نظرة تشاؤمية من جانب الاوساط السياسية والاعلامية بشأن المصير الذي ينتظر سكان أشرف،
كنت شخصيا وعن طريق الهاتف على تواصل مباشر معهم، وكانوا يؤكدون على أمر واحد: الصراع مستمر ونحن منتصرون.
سكان أشرف الذين قدموا 116 ضحية في مواجهاتهم غير المتكافئة مع القوات العراقية المدفوعة من جانب النظامالايراني،
وتحت إشراف وتوجيه من نوري المالكي وفالح الفياض الى جانب 26 آخرين قضوا نحبهم من جراء الحصار الذي كان مفروضا على معسكر أشرف ومن بعده معسكر ليبرتي، ناهيك بـ 600 مصاب من جراء الهجمات، واجهوا أصعب الاوضاع وأكثرها خطورة ،
فقد كانوا في بلد صار العالم كله يعرف بأنه خاضع للنفوذ الايراني ،ولاسيما في عهد نوري المالكي الذي جعل من العراق حديقة خلفية للنظام الايراني، وكان الاعتقاد السائد بأنهم لن يخرجوا سالمين من العراق أبدا.
الحصار الغذائي و الطبي الذي كان فالح الفياض يحرص على تشديده يوما بعد يوم، كان يرافقه حرب أعصاب من نوع خاص، حيث تم تركيب أعداد كبيرة من مكبرات الصوت الموجهة ضد سكان أشرف وكانت تبث أكاذيب وتخرصات وأمورا غير صحيحة بالمرة من أجل التأثير على معنويات السكان وإثباط عزيمتهم على مواصلة النضال ضد النظام،
هذا بالاضافة الى إن النظام الايراني لم يأل جهدا ببث أكاذيب فريدة من نوعها من أجل التأثير السلبي على السكان، فتارة يزعم بأن النظام العراقي السابق قد أخفى أسلحة الدمار الشامل في معسكر أشرف، وأخرى يقول بأن سكان أشرف قد ساهموا بقتل المنتفضين في الجنوب وفي كردستان العراق إبان انتفاضة 1991،
وحينا آخر يدعي بأن هناك قبورا جماعية للكويتيين في معسكر أشرف! وعلى هذا المنوال لم يترك النظام الايراني شيئا لم يفعله ضد هؤلاء المعارضين على أمل النيل منهم بأية طريقة.
كل ذلك جرى لسكان أشرف أمام أنظار المجتمع الدولي الذي كان يتحرك على استحياء شديد وهو لايزال ثملا بخمر سياسة استرضاء ومسايرة النظام الايراني على أمل إعادة تأهيله،
ولكن وفي نفس الوقت كان سكان أشرف ورغم كل الاخطار والتهديدات التي تحدق بهم يتصرفون وكأنهم يمتلكون كل أسباب القوة لمواجهة ذلك، حتى جاء اليوم الذي تم فيه نشر خبر نقلهم الجماعي الى ألبانيا، وهو الذي نزل كالصاعقة على العمامات الحاكمة في طهران،
لينقل عملية الصراع والمواجهة بينهم وبين النظام الى مرحلة جديدة، مرحلة”أشرف3” التي كانت من أهم مميزاتها إنهم صاروا أقرب للشعب الايراني أكثر من أي وقت آخر.
ماجرى خلف الكواليس من تحركات مكثفة للنظام الايراني من أجل التأثير على الحكومة الالبانية ،ولاسيما من جانب السفارة الايرانية، وبعد أن تم تدارس كل الخيارات بما فيها العلاقات السياسية والاقتصادية ولكن من دون أن تتوصل لنتيجة لصالح النظام،
فإن الاخير لم يجد أمامه من طريق سوى السعي للقيام بنشاطات تجسسية وإرهابية ضد معسكر أشرف 3، وقد كشف النقاب عن واحدة منها في مارس 2018، علما بأن الشكاوى تصاعدت وتتصاعد من الدور والتأثير الذي يقوم به هذا المعسكر وعلى بعد آلاف الاميال على الشعب الايراني، وهو ماأثبت بأن سكان أشرف 3 هم في قلب إيران تماما.
طرد سفير النظام الايراني وديبلوماسي آخر من ألبانيا على إثر نشاطات غير مرغوبة بها موجهة ضد معسكر أشرف 3، بمثابة تطور استثنائي أعقب الانتفاضة الايرانية الاخيرة والاحتجاجات واسعة النطاق التي أعقبتها ومازالت مستمرة ،والانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي وفرض العقوبات الاميركية غير المسبوقة على إيران،
الى جانب كشف العمليات الارهابية للنظام في فرنسا والولايات المتحدة والدنمارك وألبانيا، هذا التطور يدل على إن المرحلة الجديدة والتي يمكن اعتبارها المرحلة النهائية من الصراع والمواجهة بين النظام الايراني وبين سكان أشرف 3،
تختلف جذريا عن المراحل الاخرى ،لأن كل الظروف والعوامل اللازمة والملائمة للتغيير الجذري في إيران باتت مهيأة على أفضل ما يكون،ومعسكر أشرف 3 صار بمثابة جبل أشم لايمكن لملالي إيران أن يطالوه بل إن العكس سيحصل.