أخبار عاجلةأخبار مصرأهم الاخباراخبار عربية وعالميةالأدب و الأدباءاهم المقالاتحصرى لــ"العالم الحر"

الدكتورة غادة ممدوح تكتب ,, شبكات التواصل الاجتماعي ما لها وما عليها

وقد تعددت وكثرت تعريفات الشبكات الاجتماعية من قبل العديد من الباحثين

احجز مساحتك الاعلانية

مواقع التشبيك الاجتماعي(social Networking sites) أو وسائل الاعلام الاجتماعية (social media)، أو كما يسميها البعض تطبيقات التنشئة الاجتماعية (outil de

socialisation)، هي مواقع تسمح للمستعملين بامتلاك صفحة شخصية ونشر ما يرغبون من مضامين(صور، تسجيلات، نصوص…)، وقد تزايد استعمال هذه المواقع بشكل مذهل، وتشير الدراسات أن نموها السريع وانتشارها الحالي يؤكد أنها تقنيات الاتصال السائدة حاليا لكثير من الناس، لدرجة أن من لا يملك صفحة خاصة يبدو منعزلا عن العالم.

     وقد تعددت وكثرت تعريفات الشبكات الاجتماعية من قبل العديد من الباحثين، وفي هذا تتبنى وتضع الكاتبة تعريفها الخاص لشبكات التواصل: هي شبكات اجتماعیة تفاعلیة تتیح التواصل لمستخدمیها في أي وقت یشاءون وفي أي مكان من العالم، ظهرت على شبكة الإنترنت منذ سنوات قلیلة، وغیرت في مفهوم التواصل والتقارب بین الشعوب، واكتسبت اسمها الاجتماعي كونها تعزز العلاقات بین بني البشر، وتعــددت في الآونة الأخیــرة وظیفتها الاجتماعیة لتصبح وسیلة تعبیریة واحتجاجیة، وأبرز شبكات التواصل الاجتماعي هي)الفیس بوك، تویتر، ویوتیوب، وجوجل بلاس، ولینكد إن) وأهمها هي شبكة)الفیس بوك).

وقد صيغ مصطلح الشبكات الاجتماعية في عام 1954 من قبل “جون بارنز” الذي كان باحثا في العلوم الإنسانية في جامعة لندن، وظهرت في السبعينيات من القرن العشرين بعض الوسائل الإلكترونية الاجتماعية من النوع البدائي، وكانت قوائم البريد الإلكترونيbulletin board systems(BBS) من أوائل التقنيات التي سهلت التعاون والتفاعل الاجتماعي، وقبل ظهور الفيس بوك أنشئ في عام 2003 موقع(Myspace) الأمريكي، حتى أصبح أكبر شبكات التواصل الاجتماعي في عام 2006، وكان من أهم ما يقدمه الموقع تفصيلات الملفات الشخصية مما يسمح للمستخدمين بخلق خلفيات أصلية وتضمين الشرائح ومشغلات الصوت والصورة، إضافة إلى المدونات، وفي أوقات كثيرة يعتبر بمثابة موقع ويب للموسيقيين. ونشأت في فبراير من عام 2004 شبكة الفيس بوك على يد “مارك زكوربيرغ” في جامعة هارفارد، وكانت فكرته اجتماعية بحيث يستطيع الطلبة التواصل مع بعضهم إن أرادوا ثم عمت لتشمل الموظفين وأعضاء هيئة التدريس، ولما كان من الصعب العثور على فيديوهات لأي حدث أو مشاركتها عبر الإنترنت جاءت فكرة اليوتيوب عام 2005، وفي مارس عام 2006 ظهر موقع تويتر.

وقد تعددت استخدامات شبكات التواصل الاجتماعي بین التواصل والتفاعل الاجتماعي والتسلیة والترفیه وقضاء أوقات الفراغ  والبحث عن وظائف، بالإضافة إلى الاستخدامات الإعلامیة المتعددة لهذه الشبكات الاجتماعیة التي أصبحت تنافس وسائل الإعلام الأخرى في عدد المستخدمین والمتابعین لها، وتتفق شبكات التواصل الاجتماعي في الخصائص والمميزات مع أدوات الإعلام الجدید وتطبیقاته، وهناك من اعتبرها إعلاما جدیدا. فقد أصبح للشبكات الاجتماعية دور في التعبير عن كافة الاتجاهات والأفكار داخل المجتمع في ظل حوار يكون ركيزته الندية بين الفرد والنخبة والجماهير ولم تعد تمارس النخبة دورها المعتاد في صياغة الرأي العام وتشكيله وتعبئته بعد التطور في عملية تدفق المعلومات وإنتاجها، وأصبح للفرد دور إنتاج المعلومات وصياغة الرسالة الإعلامية لدعم تأثيرها في الرأي العام. وهو ما كشف عن بيئة إعلامية جاذبة يستخدمها العديد من النشطاء بعد أن اتسع عدد المشاركين وحجم القضايا والاهتمامات بعد ثورة 25 يناير.

إن المتتبع لمواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ أنها أصبحت أبرز الظواهر الإعلامية  في عالمنا اليوم، فقد استطاعت أن تستقطب معظم فئات المجتمع وخاصة فئة الشباب، هذا بالإضافة إلى أن هذه الشبكات أصبحت قناة مهمة للتعبير عن الرأي واستطاعت أن تكرّس مفهوم الحق في المشاركة السياسية، حيث تعد هذه الشبكات إحدى وسائل تشكيل الوعي السياسي في الوقت الراهن، إضافة إلى ذلك أن الخبراء والباحثون في مجال الاتصال السياسي يراهنون على أن تقوم شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي بدور بارز ومؤثر في تحقيق الثقافة السياسية، وتشكيل اتجاهات الرأي العام تجاه مختلف القضايا، وتحديداً التوعية والتثقيف السياسيين من خلال نشر المفاهيم السياسية بأساليب مبتكرة، وخصوصاً أن التوقعات المستقبلية تشير إلى إمكان قيام أنظمة سياسية افتراضية تحاكي الأنظمة السياسية الحقيقية الموجودة في العالم حالياً.

يذهب المؤيدون لدور شبكات التواصل الاجتماعي بالقول أنها مصدرا مفتوحا للأخبار والأحداث على طبيعتها الحقيقية، وبالتالي فهي تمد الجمهور بالحقائق بلا تزييف، بينما المعارضون والمتشككون في طبيعة دورها يرون أنه على النقيض تماما حيث تساعد على نشر الشائعات والأكاذيب لأنها غالبا لا توضح مصدر الخبر ولا تهتم بتوافر عناصر المصداقية وتبحث عن الإثارة وأحيانا تشويه الخصوم وتصفية الحسابات. ورغم أن هناك قوة كثيرة إلا أن نقاط الضعف تبدو أكثر من نقاط القوة، وتتمثل نقاط القوة في سرعة نقل المعلومات ووصولها إلى عدد كبير من الجمهور الذي لا يملك الوقت لقراءة الصحف أو مشاهدة التليفزيون، كما أنها تساهد في تحفيز المواطنين العاديين على خوض غمار العمل الصحفي في أماكن قد يتعذر على الصحفي المحترف الوصول إليها، بالإضافة إلى قدرة وسائل الإعلام الاجتماعي على تجاوز الرقابة المشددة التي تفرضها الحكومات في بعض البلدان على وسائل الإعلام التقليدية.

أما نقاط الضعف فتتمثل في غياب المهنية وعدم الالتزام بالضوابط الصحفية مما يلقي بظلال من الشك على مصداقيتها، وهناك أمثلة كثيرة عن أخبار جرى تداولها على”تويتر” أو “فيس بوك” وانتشرت بسرعة البرق في أنحاء العالم ليثبت بعد ذلك عدم صحتها، مثل أخبار عن وفاة بعض المشاهير أو استقالات بعض السياسيين أو تداول مشاهد فيديو وصور مفبركة، بالإضافة إلى إمكانية تعرض الحسابات إلى الاختراق والقرصنة وسرقة المعلومات الخاصة وكلمات السر، وهو ما حدث لموقع “تويتر” منذ فترة حيث اعترفت إدارته أن أكثر من250 ألف حساب قد تعرض للاختراق وسرقة كلمات السر للمستخدمين، وما حدث لموقع فيسبوك مؤخرا من اختراق أصاب 30 مليون مستخدم وتعرض بياناتهم الشخصية الحساسة للسرقة.

هذه الشبكات بدأت تغيّر من القيم والسّلوك فأصبح هناك حالة فوضى مزدوجة: فوضى في السماء يجسّدها الحضور المتنامي لأقمار الاتصالات والأقمار المتحركة وأقمار المراقبة والرّصد، وفوضى على الأرض تتلوها الفضائيات ويغذّي أطوارها الفضاء اللامتناهي لشبكة الإنترنت. والأخطر من ذلك كلّه فوضى المفاهيم والمصطلحات المتزاحمة مع فيضان من التدني اللّغوي أدّى إلى تراجع مقاييس الجودة والإبداع. فالفوضى في مضمارنا هي تلك السلوكيات العشوائيّة غير القابلة للقياس الدقيق والتي لا يمكن احتواؤها بفعل تعديل يحدث داخل النّظام، فالبيئة الجديدة المسمّاة اليوم بشبكات التواصل الاجتماعي مهيّأة لحدوث الفوضى لاعتبارها نظاما ديناميّا معقّدا تحدث داخلها سلوكيات غير منتظمة وغير مستقرّة، بل إنّ عناصرها الماديّة والرّمزيّة مولّدة لمثل هذه السلوكيات. فالفوضى حينئذ تظلّ خاصيّة من خصائص هذه البيئة الحتميّة اللاّخطيّة التي أصبح من العسير التحكّم في ديناميكيتها والتنبّؤ بحالاتها المستقبليّة. وفي هذا ترى الكاتبة أن من أخطر سلبيات شبكات التواصل الاجتماعي: أنها تؤدي لعزلة الشباب عن آبائهم مما قد يؤدي بهم للانخراط في عالم افتراضي يسبب لهم اضطرابات نفسية وربما الدخول في علاقات غير شرعية….. انتحال شخصيات البعض عن طريق استخدام اسم شخص أو مؤسسة واستخدامهم في نشر المعلومات المغلوطة أو بث الشائعات أو للنصب والاحتيال….. إدمان تلك المواقع حتى صارت جزءا لا يمكن الاستغناء عنه في حياة البعض منا، فأصبحنا نستخدمها في الاتصالات وأدمناها وكأنها عالم يوازي عالمنا الحقيقي….. ظهور لغة جديدة بين الشباب وتحولت رموز وحروف اللغة العربية إلى رموز وأرقام أخرى فبات حرف “ح” يكتب “7” مما قد يؤدي بهويتنا ولغتنا إلى الطمس.

مما سبق يتضح إقبال الكثير من الأفراد على استخدام الإعلام الجديد بمعظم تطبيقاته وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي والتي من أهمها الفيس بوك، حيث لوحظ كثرة استخدام الشباب لهذا الموقع من أجل التواصل مع الأخرين والتعارف ولاكتساب ومعرفة معلومات جديدة، كما أنها أتاحت حرية التعبير عن الرأي للجميع بعيدا عن أعين الرقباء سواء عن طريق البريد الإليكتروني أو المدونات أو المنتديات وساحات الحوار، هذا بالإضافة إلى أنها تحفز على التفكير الإبداعي وبأنماط وطرق مختلفة بسبب التواصل مع أشخاص مثقفين ومن بيئات مختلفة، كما أنها تعمق مفهوم المشاركة والتواصل مع الآخرين وتعلم أساليب التواصل الفعال وتساعد على قبول القضايا الخلافية وتساعد على التعلم وذلك عن طريق تبادل المعلومات مع الآخرين، وبالرغم من الكثير من المميزات التي توفرها هذا الشبكات إلى أنه لها أضرارا جسيمة على الأسرة والفرد والمجتمع، فقد تؤدي بأفراد الأسرة إلى الانطواء وعزلة كل شاب والخلوة بنفسه، أيضا قد تؤدي بالشاب إلى ارتكاب الجرائم عن طريق معرفة بعض أصدقاء السوء على تلك الشبكة مما قد يؤدي به للانحراف وارتكاب سلوكيات منافية لمجتمعنا وعاداتنا، وهنا وجب على كل أسرة مترابطة داخليا أن يقوموا بدور إيجابي إزاء تلك الظاهرة لحماية أبنائهم وخاصة صغار السن من الأطفال والذين يحملون تليفونات محمولة وتابليت في جيوبهم وينتقلون به إلى كل مكان، على الأب والأم ترشيد استخدام أبنائهم لشبكة الإنترنت وشغل أوقاتهم بأشياء أكثر إفادة لهم كتعلم السباحة والرماية وغير ذلك مما حثنا عليه رسولنا الكريم.

غادة ممدوح سيد

مدرس الإذاعة والتلفزيون- قسم إعلام/ أداب- جامعة بنها.

 

 

احمد فتحي رزق

المشرف العام

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى