الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر حسن فتح الباب فى المحافل المصرية والعربية والدولية
الراحل حسن فتح الباب.. الشاعر الضابط.. تغنى بالحرية وشرح التاريخ ودافع عن "قصيدة النثر"
حياة الشاعر حسن فتح الباب، الذي رحل عن عالمنا اليوم الإثنين عن 92 عامًا، مليئة بالمحطات والمراحل التي رغم عدم ترابطها أو منطقيتها أحيانا، قد أسهمت في صقل وتكوين أحد رواد القصيدة في العصر الحديث
فتح الباب الذي ولد بالقاهرة عام 1923 وكان مولعا بالقراءة منذ الصغر، التحق بكلية الآداب وفقا لما يهوى، وبعد أن قضى عاما في كلية الآداب اجتاز فيها اختبارات أمام عمالقة الأدب من أمثال د.طه حسين والأستاذ أحمد أمين، قرر أن يدرس الحقوق.في هذه الفترة صدر قرار بعد جواز الالتحاق بكليتين في الوقت نفسه، ومن عجب أن فتح الباب آثر دراسة الحقوق على الآداب، وبالفعل التحق بكلية الحقوق ليحصل على الليسانس في عام 1947.
ومرة أخرى وبعيدا عن ميوله الأدبية يعمل فتح الباب ضابط شرطة، لكن مع ذلك كان لهذه المهنة دور كبير في إثراء تجربيته الإنسانية، الأمر الذي انعكس على كتاباته بعد ذلك، كما يذكر فتح الباب في مذكراته.
بدأ فتح الباب حياته الشعرية بكتابة الشعر العمودي، الذي كان سائدا في تلك الفترة، ولكنه، ومع بداية تمكنه من أدواته الشعرية، تحول من الشعر العمودي، إلى شعر التفعيلة، في ديوانه الأول “من وحي بورسعيد” حيث مزج فيه بين الشعر العمودي وقصيدة التفعيلة، لتأتي بعد ذلك دواوينه كلها خالية من الشعر العمودي، إلا من ثلاث قصائد.
لو أن لأحد أن يحدد سمة مشتركة بين دواوين فتح الباب، على اختلافها في الأغراض الشعرية وتباعد الفترة الزمنية بينها، لكان له أن يختار الحرية.
السمة المشتركة في شعر حسن عبد الفتح كانت دائما التغني بالحرية والبحث عنها كما نرى في “فارس الأمل”، و”حبنا أقوى من الموت”، و”معزوفات الحارس السجين”، و”روؤيا إلى فلسطين”، وغيرها.
وعلى عكس غيره من أبناء جيله الذي كتبوا الشعر العمودي ومن بعده شعر التفعيلة، كان موقف حسن فتح الباب من شعر النثر جيدا للغاية، فرغم أنه لم يكتب أبدا قصيدة النثر، فإنه خرج برأي يعد فريدا مقارنة بآراء أبناء جيله الذين حاربوا من أجل حريتهم في كتابة قصيدة التفعيلة، ثم حاربوا الأجيال التالية عندما لجأت إلى قصيدة النثر.
رأى فتح الباب أن قصيدة النثر ليست بدعة وإنما لها جذور في الأدب العربي، بدأت بالسجع الذي عرفه العرب في العصر الجاهلي، ثم تطورت بعد الإسلام في كتابات نثرية ذات عبارات مكثفة جميلة البناء كالتي كتبها الجاحظ وغيره.
ولم تقتصر أعمال فتح الباب على الجانب الشعري فقط، إنما كانت له إسهامات نقدية وتأريخية مهمة، ربما تعادل أهمية إنتاجه الشعري.
في كتبه “شعر الجزيرة العربية”، و”رؤية جديدة لشعرنا القديم”، و”حسان بن ثابت شاعر الرسول” وغيرها من الكتب التأريخية يغوص فتح الباب في قلب تاريخ الأدب العربي، محاولا استخلاص عوامل ازدهاره وتدهوره، وأدواته الأدبية والفنية.
ومن القديم إلى الحديث ينتقل حسن فتح الباب ناقدا ومؤرخا ليكتب “سمات الحداثة في الشعر العربي المعاصر”، كما تناول في أكثر من كتاب سلاح الشعر في الثورة الجزائرية، كما في “مفدي زكريا شاعر الثورة الجزائرية”، و”ثورة الجزائر في إبداع شعراء مصر”.
صباح اليوم رحل عن عالمنا حسن فتح الباب عن عمر يناهز 92 عاما مخلفا وراءه أثرا أدبيا عظيما بين الشعر والنقد والتأريخ، والثورة.
و شهر رمضان الكريم هو شهر الذكريات والأمسيات الجميلة بلا منازع في حياة الشاعر والأديب د حسن فتح الباب، ففي حارة المجدلي بالقاهرة تشبع وجدانه بالطقوس الرمضانية المبهرة والاحتفالات الروحية التي تصاحب الشهر الفضيل وظلت مشاهد رؤية الهلال والفانوس أبوشمعة وألعاب الاطفال المختلفة في وجدانه حتى الآن لكن الارتباط الأكبر الذي يشده إلى الشهرالكريم هو العبادات والتأملات .
فيقول: رمضان عندى شهر العبادات والقراءات والتأملات والذكريات فيصبح المكان غير المكان والزمان غير الزمان أغتنم هذا الشهر الفاضل فرصة للحصول على قسط من السكينية النفسية ، حيث تشف الروح وتهفو البصيرة ويطوف الانسان إلى الحياة في افق المثل العليا بعيدا عن الرغبات والمطامع الدنيوية.
فأعود إلى قراءة سور من القرآن الكريم واسجل معانيها في ضوء ما حصلت عليه من معارف جديدة وما مر بى من تجارب وأعيد الاطلاع على كتب اسلامية سبق إن قرأتها وكان لها اثرها العميق في نفسي مثل كتاب الدكتورمحمد حسين هيكل حياة محمد وكتابه في منزل الوحي وقراءة دواوين الشعراء المتصوفين مثل ابن الفارابي ومحيي الدين ابن عربي وغيرها.
ويضيف ان شهر الصيام يعود بنا إلى الطفولة الأولى، فرغم أني لست من قرية إلا أن حارة المجدلي التي ولدت وعشت بها كان الناس رغم اختلافهم كأسرة واحدة يسأل البعض عن بعضهم ويتنافسون في تقديم الخير وكنت اذهب ومعى مجموعة من الأطفال قبل اذان المغرب نراقب حركة المؤذن وهويتلوا القرآن ثم يختم القراءة ويهب للاذان فكنا نجرى فرحين مسرعين ونتسابق كل من منا يبشر اسرتة بالاذان قبل الاخر.
وفي الليل كنا نطوف على البيوت ونحن نغنى الاغنية الشهيرة حالويا حالو ليعطونا الحلوى ولكن ايقاع الحياة السريع الان جعل من الصعب فعل هذا ، ولكن شهر رمضان يعيد هذه النفحات الرمضانية. وعن طبيعة العلاقة بينه كمبدع وبين شهر رمضان يقول ان رمضان كمناسبة دينية ذات طبيعة خاصة لها وقعها الخاص لديه فهذه المناسبة العظيمة تعكس ملامحها على المبدع فتدفعه دفعا لاخراج مشاعره على الورق.
وهكذا انجزت اهم اعمالي «ديوان بورسعيد» الذي يمجد المقاومة الباسلة لأهالي بورسعيد والقناة . ويؤكد فتح الباب ان شهر الصيام فرصة كبيرة للقراءة والاستمتاع بالكتابة والانتاج والعمل حيث الالهام يكون اقوى والابداع اكثر غزارة لان الروحانيات تدفع الانسان للانتاج وتجويدة، ويضيف ان للشهر الكريم له مذاقه الخاص على الكلمة فيكسبها الصدق والشفافية والروحانية وتكون القناعات صادقة وبالتالى تترسخ الحقائق لانه ان كانت القناعات كاذبة قلبت الحقائق الى اباطيل والعكس صحيح.
والأدب وسيلته: الكلمة خاصة المؤثرة منها ومضمونها يتراوح على امتداد العقيدة والفكر من الحق الى الباطل، والشاعر يستطيع ان يستخدم الكلمة التي تتوافق مع مستجدات العصر والتي تواجه الأحداث الصعبة التى يمكن ان تطبق على الفرد أو المجتمع المسلم، والقصيدة تبنى وتغير قناعات كثيرة وهذا شأن الأدب، لذلك فأنا ارى ان الشعر الذي يصور الآن معاناة الأمة الاسلامية ويتصدى ايضا لتلك الاكاذيب والتشويهات والهجوم على الشخصية والمجتمع المسلم من الداخل له مكانة همة ويجب ان يكون له موقع الصدارة.
وعن كيفية قضاء رمضان حاليا يقول فتح الباب انا لست من هواة السهر لمتابعة المسلسلات التلفزيوية أو الخروج من المنزل لزيارة الاصدقاء ولا يمنع هذا من استقبال الاهل والاصحاب في منزلي فقد اصبحت في سن لا أستطيع فيها القيام بزيارات، واعز صديق لى في ليل رمضان هو القرآن مع بعض القراءات الاخرى وحاليا اعيد قراءة ابى الطيب المتنبى وشوقي .