اسليدرالأدب و الأدباءمقالات واراء

طريق الوجع الصحراوي 

احجز مساحتك الاعلانية

لمينه الخطاط

كانا على موعد في مكانهما المعتاد، على جغرافية العشاق في مدن تصلح لزراعة الحرب فقط لا لزراعة الحب، تلك المدن المنكوبة جنوبا، و التي تتلذذ باغتيال فلذات أكبادنا.

ما بين من تلتهمهم البحار في محاولة مقارعة أمواجه العتية ،وامتطاء صهوته، لكنه لم يكن سوى ركوبا على أمل..

سرعان ماانقلب آلاما و جراحا، وما بين طرق اغتالت احلامهم قبل حتى ان يتركوا رسائل وداع لذويهم.

انتظرته وهي تناظر بعيون الترقب أوجه المحيطين بها في المقهى، هي المزهوة بنفسها، و بقصة تتحين فرصة الإفصاح عنها، لم يأتي في موعده كما اعتادت ان تدلها رائحة عطره، من طينة الأوفياء كان وفيا لكل شيء، بدءا من ملابسه و درج عطوره و حتى لرفوف الكتب كانت ترى تجليات وفائه. كان استثنائيا في حبه و وفاءه..

كأنه يصور تحدي التفوق على الملك شاه جهان الذي شيد قصرا ليحوي رفات زوجته، ايمانا يفوق حكاية حب نابليون لزوجته جوزيفين التي تكبره..رغما عن زيجتهم المصلحية، غلبهما الهوى فغدت قصة تاريخية للعشق.

انتظرت ما فاق صبرا..ونظراتها المترقبة تتشابك في نسج خيوط المقارنة بدروس التشابه و الاختلاف بينها وبين اللواتي هناك، طال انتظاره، تجرب ان تتصل..هاتفه كان يرن دون أن يرد،لربما من القلائل التي صادفتها دونما ان تسمع صوته، أخذت نفسا عميقا ،كأنها تعلم ان شيء ما حدث أو يحدث، شهقت شهقة تشابه من أخذها المخاض الى البرزخ دون ان ترى ملاكا أنجبته للحظة.

تشير الساعة الى حدود الثانية في ساعة مقعدها، تستوي كامرأة تضايقت من كراسي لم تحترم قوامها الغجري و صبرها الذي بدأ يترهل..عيونها الشاخصة بالترقب، و حياة أحالتها لأوجاع و خيبات..نظرات مهووسة بقراءة و تحليل الاحداث و ما تحمله من أحتمالات لا تبالي في ذلك بما يفعل بنات جنسها (قراءة الودع ).

ترسم بسمة كأن عدم رده جزء من مفاجأة يعدها حين تلتقي الأعين ،طال أنتظاره، أنتظار عجل بتفريخ تساؤلات محصورة في مقهى لا تعترف بأعداد فردية..كل طاولة تضم أزواجا يقصون أحاديثهم..ما بين الكرسي و الحيرة تناظر بصيغة السؤال، ألم يأتي محمد؟؟؟

في لحظة تشير على النادل..تطالبه برمز “الويفي” حتى تشغل بالها في رحلة افتراضية تنهي تلاطم موج السؤال و الحيرة، دونما موعد مسبق، تتفاجأ عبر إحدى منصات المواقع الاجتماعية بخبر كان صاعقة لها وهي التي كانت تنتظر محبوبا تراه اليوم في هيأة جسد لقى مصرعه في حادث.

في صورة أخيرة، تلملم شتات تنهيداتها حسرة في عدم وفائه كما جرت العادة و بخطى متثاقلة تجرها..كأنما تشاهد سقوط بناية كبيرة، كمن انطفأ وهجه في سكون الليل، انتظارها لم يزف لها سوى حداد قادم..يمتد كجرح عصي على النسيان.

اتكايس حكلا يكفينا وجعا وألما اتكايسوا

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى