اسليدرالأدب و الأدباء

حبر إمرأة للكاتبة فاطمة الزهراء

احجز مساحتك الاعلانية

بطوش الدولة: الجزائر

قررت أنه قد حانت لحظة الاستفاقة.. لا بد من اساغة غصة التردد العالقة بين المريء والرئتين.

لا بد للأنامل الخائفة من أن تحمل أخطر وأروع الأقلام الأدبية ، لتخط ببقايا الحبر العالق عبارات جنون، وشعارات تحرر لتتخلص من الخوف الملازم لها.

لكن.. فوضوية الأحاسيس في صالون قلبي تربك قلمي المستحي من الأدب، والخائف من النقد.

أدرك واقع جسد تحرر للتو، أنَّه بحاجة لروح واثقة مغامرة، عنيدة، وعاشقة تزيل عنه غبار الكسل، وتصنع له لحظات أدبية راقية، تستحق الكتابة على صفحات الحب. لكن.. من أين أبدأ؟ مع من أبدأ؟ ..ثم هل أبدأ؟.

على وقع تــهاطل علامات الاستفهام، هل أكتب؟ هل سأنجح؟ وهل أجيد صناعة عبارات بصيغ أدبية؟ أسدل جنون الأنوثة ظلامه على حنايا قلبي..

تركت تساؤلاتي معلقة على مشجب التردد.. وانصرفت أبحث عن بطل لروايتي الأولى. استعنت بصديق وفي، رفيقي الذي كان ولا زال يتفقدني كل صباح، وفي أوقات متفرقة من يومي دون استئذان.

حتى أن صديقتي سامية أضحت تنعتني بالآنسة كسولة.

الآنسة كسولة اكتفت مبدئيا في بحثها عن بطل روايتها على التكنولوجيا.

دون خلع معطف الخوف، داعبت هاتفي النقال بأناملي على استعجال، براحة يدي اليسرى كنت ألامس وجه شاشته، أتحسس صدق ما تبيّــن من كلمات.

على غفلة من كل حواسي، ما عدا حاسة الإحساس المفرطة عندي باح إبهامي بكل ما جال بخاطري. ضاغطا على أزرار متعددة.. .

كتب كلمات سرية على استحياء، ثم عاد ومسحها في استعجال.. كتبها كرّة أخرى، وعلى زر الإرسال بتحريض من حماقة امرأة أرسلها إلى شاشة هاتف خلوي آخر.

صاحبه بطل روايتي التي قد أنوي الإبحار فيها.. لست أعلم لحد الآن لمَ أرسلت تلك الرسالة القصيرة.

على نار معرفة ردك انتظرت… كي لا أحترق، ذهبت في نزهة على صفحات رواية.

أهدتها لي صديقتي في وقت غير بعيد. لكن الفرصة لم تسنح لي بقراءتها إلا اليوم.

كانت تنتابني بين الجملة والجملة، وبين الفقرة والأخرى، وبين كل صفحاتها مشاعر تحدٍ وتمرد، مع هبوب نسيم تحريض كلماتها لأنوثتي. كان يحرضني نسيم تلك الرواية في كل فكرة يمررها على عقلي للانقلاب على أنفس غليظة، قاسية.

سجنت حريّتي خلف قضبان.. لا يصح هذا… ولا هذا.. . أنفسٌ كتمت أنفاسي بأكف خشنة الملمس ومعينات غبيات معمي على قلوبهن.

يحق للمرأة العيش وسط حطام أنوثتها وفقط. أنَّا لك أن تعلم بما يلفني من اهتمام وإعجاب برجولتك..

أنَّا لك أن تدرك آهات ليالي الطوال، ودموع قلبي الحزين، الذي يبكيك كلّـما خطرت على دقاته. كيف ستعلم إنّ لم أقل..؟.

تعذب قلبي من حق التزام الصمت أعواما طوالا.. أما يكفيه توجعا؟.

كم انتظرتك سيدي.. . كم بكيت لأجلك صديقي.. . وكم احتاجك إلى جانبي، أكثر من ذي قبل.. . قد عزمت على تأسيس مشروع كتاب، يجمعنا سوية بين أمواج كلماته.. فأريدك بطلي.

واقعي الذي لا مفر لي منه، والذي أعترف به، هو أني ومنذ رأيتك اختلطت علي أوراق قراراتي وصرت إنسانة متناقضة..

فحسبي دليلا أني في مرات أقرر أنك ستكون مجرد بطل لصفحات رواتي، وأنَّه سينتهي تعلُّـقي بك مع آخر حرف يخطه قلمي.

وفي أزمات.. أقرر أنك بطل لحياتي أنا.. . لست أدري لمَ ألوم ذاكرتي التي خزنت رقمك على إحدى صفحاتها؟

أو أنه عليَّ لوم أناملي التي أبدعت وأجادت في اختيار كلمات رسالتي القصيرة، التي باركـها قلبي المخمور بك قبل أن تصلك.. أبدا لا جرم فيما فعلت.. .

فكما كاتبتك.. حقا أن إرادة المرأة في الحب لا حدود لها.

الكل خاضع لقانون الحياة، وظروفها. ما عدا المرأة الحالمة، العاشقة فإنَّها لا تخضع إلا لقانونها: فكرة تؤمن بها، رجل تحبه، وأطفال تحضنهم. حتى إن حققت ذلك على أنقاض أنوثتي..

لن يهم، المهم أن يكون ما أريد. للكتابة النسائية نكهة خاصة، تبث في بنات جنسها روحا ملغمة بالتحدي والحماس يفجرها عزمهن على إيجاد لحظات محفوفة بالحب.. يكتشفن فيها أنوثتهن.

كثيرا ما أخجلتني أنوثتي.

لأنها عاجزة عن صناعة مواقف رومانسية بسيطة. مقارنة بالقدرة الخارقة التي تمتلكـها كل منخرطة في جمعية نون النسوة.

تلك التي تجيد انتهاز اللحظات القاتلة لغرور الرجولة. فقط بإلقاء نظرة على بساطهن الحريري، المفصل حسب روعة تضاريسهن.. تسحر الرجولة.

فقط بقبلة أنفاسهن لحظة مرور كلماتهن المنتقاة على المسامع.. تذهل الرجولة.

فقط بقبلة أنفاسهن لحظة مرور كلماتهن المنتقاة على المسامع.. تذهل الرجولة.

إلا أنّ الواقع أيضا أثبت أنه ليس صعبا على حاملي راية الذكورة من إيقاع الأنوثة بين كفيهم، فقط ببلاغة حديث مابين فكيهم.

في شرك خدعة الكلم، دون شك غافلة مثلي ستقع حتما. ودون شك سأضيع في مكر صيادي. فإن أنا غرقت استرجل، وربما لم يمدني إلا بقشة هشة من الأماني لأتعلق بها.

أمَّا وإن طفت على سطح المكر، ورفضت التعلق بقشته، التقمتني أحضان الكآبة.

أو ينتهي بي الأمر على جزيرة خالية من أشجار الأحلام الوردية، ومن أزهار الأنوثة المحفوفة بأشواك الحزن والندم.

أرى في إصراري على كسر كبريائك نهايتي الموجعة.. التي ستكون على يدي غرورك. مرّت ثلاث ساعات.. لكنك لم تسلني من أكون. هي بداية الإذلال إذن.. أو ربما هي مجرد حركة إغواء لا أكثر؟،

أو قد تكون تنتظر مني مكالمة بعد الرسالة.. مكابرة مني عزمت أن لا أفعلها.

يكفيني تنازلا بعد إفشاء سر إعجابي بك، الذي كان ولا زال.

بعد مساء الغرور.. أظلم الفضول بحدة، فجاءت ليلة السؤال، في رسالة قصيرة. سألتني فيها: – SLM. PLS HOW R Y?

وصل سؤالك الإنجليزي على بريد هاتفي الزاجل، كانت عيناي تقرؤه فتمر حروفه إلى قلبي مرورا يشبه مرور جسد على منحدر مفخخ بقطع الزجاج المكسور..

وحال وصوله إلى السطح يقع في بركة ماء الأكسيد. – أح.. أي. حقا هو ذا ما يُـعرف بقمة الألم.

آلمني سؤالك الكبير الذي طرحته على طريقة أناس في عجل.

أسرتني رسالتك القصيرة بين حروفها الإنجليزية الصنع.

كانت مفصلة بتصميم الغرب، بلمسة عربي يجيد فن المراوغة، يؤلف لها أحلى الكلمات المختزلة..

كلمة في حرف، وأخرى في ثلاثة حروف: -SALAM (SLM), PLEAS (PLS), Y (YOU), R (ARE)

هي كلمات لا تتوافق إلّا مع لحن رجولة مغرورة، ولا تعزف إلّا على أوتار خسارة كبرياء الأنوثة لامرأة انتظرت سؤالك عن ما تحمل لك بين ضلوعها وليس عمن تكون.. “سلام.. من فضلك من أنت؟”.

على قدر سعادتي في تنازلك باِرسال كُليْـمات قصيرة، كنت حزينة لأن الثوب الذي فصلته لي كان كاشفا، فاضحا لأنوثتي. هل بوسع ثوب إنجليزي الصنع أن يستر جسد امرأة عربية، ومن قرية تدعي المحافظة؟ كاِدعاء إخوة يوسف على الذئب.

ثم إنَّه لن يروي سيل من الكلمات عطش امرأة عاشقة. فكيف لرسالة محتشمة التعبير، بسيطة التفسير، خالية من حيرة قلبك، ومن أي اهتمام ولو فطري من رجولتك أن تروي شغف أنوثتي العطشى..؟.

سؤالك طرح سؤالا فلسفيا: هل أنت من طينة اللاوعي؟.

ربما أنا أبالغ.. وما سؤالك إلَّا مجرد استفسار بسيط، معصرن تماشيا والموضة. فكل شيء قد خضع للسرعة والتقليص اليوم.

ملابس وأواني وأدوات للاستعمال السريع.. . إذا تحدثت في موضوع ما، حتى وإن تطلب الشرح والتفسير فإنَّ المنصت يطالبك بزبدة الحديث. لم تزد على سؤالك المختزل ذاك..جفاؤك أصاب حبري بالجفاف، فتوقف عن النبض.

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى