أخبار عاجلةالأدب و الأدباء

الدكتور عزوز اسماعيل فى اليوم العالمى للغه العربيه

احجز مساحتك الاعلانية

اليوم العالمي للغة العربية , كل عام وأنتم بخير يا عرب !!
يقول الشاعر:
تنبهوا واستفيـقوا أيها العرب فقد * طمى الخطب حتى غاصت الركب
فيم التعلل بالآمـــال تخدعــــــكمُ * وأنتــــم بين راحات القنا سُــــــلَبُ
الله اكبر ما هذا المنــــــــــام فقد * شكاكم المــــــــهد واشتاقتكم التّـــربُ
كم تظلمون ولستم تشتـــــــكون * وكم تستغضبون فلا يبدو لكم غضب

اللغة العربية هويتنا ومصدر تراثنا وثقافتنا، ووعاء حاضرنا ومستقبلنا، ووحي إلهامنا وإلهام أدبائنا وشعرائنا، هي عنواننا إذا اغتربنا والرباط إذا افترقنا، هي منا ونحن منها، أعزها الله بقرآنه العظيم، فعلا شأنها وازدان لواؤها، فكانت في يوم ما لغة العلم والحضارة، ولكن في عصرنا الحاضر ، ولأسباب نحن مصدرها ضعفت اللغة العربية وهانت على أهلها فصرخ من أجلها حافظ إبراهيم وسار من ورائه المخلصون :
رموني بعقم في الشـــباب وليتنــي * عقِمْتُ فلم أَجزَع لقـــــول عِـداتي
وسعت كتــــــاب الله لفظاً وغايـــــةً * وما ضقت عن آي به وعظـــــــات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلــــــة * وتنسيق أسماء لمختـــــــرعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامــــن * فهل سألوا الغواص عن صدفاتـي
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسنــي * منكم وإن عز الدواء أُســـــاتـــي
فلا تكلوني للزمــــــــــــــان فإنني * أخاف عليكم أن تحين وفــــــاتــي

إن لغتنا المجيدة ـ وما أجملها من لغة ـ قد تعرضت لكثير من العواصف والمحن من أولئك المرجفين, فوقفت شامخة كالجبال لا تهتز ولا تضطرب, بل زادتها تلك الدعوات الباطلة والهجمات الشرسة جمالاً وقوةً وثباتاً, كيف لا وقد تعهدها المولى عز وجل بالحفظ والصون في قوله تعالى ” إنا نحن نزلنا الذكرى وإنا له لحافظون”. فهل يعي مدّعو الثقافة والمتأثرون بدعوى بعض المستشرقين المعادين للغتنا وأهلها هذه الحقيقة؟ أم إنهم يبحثون عمَّن يرد عليهم؛ ليظهروا بمظهر من يُحَاجج. فهم ليسوا ممن يُحاجج؛ لأنهم صغار جداً أمام هذا الجبل الأشم, ألا وهو اللغة العربية, فهل يستطيع حجر صغير أن يؤثر في هذا الجبل؟.
فمن المعلوم لدى القارئ والمثقف ما للغة العربية من أهمية بين اللغات، فاللغة كانت وما زالت وستبقى وعاء واسعاً تتسع للأفكار جميعها, سواء أكانت في العلم أم الأدب؛ حتى لا يحلو للبعض نعتها بأنها لغة أدب وشعر فقط. فإذا كانت اللغة قد أتاحت للشعراء ـ قديماًـ الوقوف على الأطلال ووصف الديار والتغني بالآثار, فإنها في هذا الزمان استطاعت أن تستوعب ما أنتجه العلم الحديث من مصطلحات ومسميات.
لقد كان ومازال هدف الاستعمار طمس معالم الماضي الحضاري للبلاد التي يغزوها مستخدماً في ذلك شعابه الملتوية لطمس الهوية، وإن تمكن من طمس الهوية فيستطيع ـ من ثم ـ أن ينفث سمومه مستهدفاً أول ما يستهدف أهم مقوم من مقومات القومية، ألا وهو اللغة, كما حدث في الجزائر وتونس أو في دول المغرب العربي، ولذلك فمن يقرأ ” طبائع الاستبداد” للكواكبي في بداية العشرينيات من القرن الماضي يعِ ويدرك حقيقة هذا الأمر؛ حيث إن الكواكبي قد سخَّر كل طاقاته من أجل الدفاع عن القومية العربية أو العروبة بشكل عام وأن اللغة هي أهم مقوم من مقومات القومية العربية؛ لأنها الدعامة الأساسية, والرابطة المشتركة بين العرب، والتي تميزهم عن الشعوب الباقية بصرف النظر عن معتقداتهم الدينية.
والجدير بالذكر في هذا المقام أن معظم القوميات كانت قد بدأت في الظهور مع الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين؛ حيث كان هذا الوقت بمثابة تحريك الشعور القومي لدى الشعوب كما حدث في البلقان وغيرها. وفي الوقت نفسه ظهرت القومية العربية وقامت على أكتاف اللغة العربية. وهذا ما أكده نجيب عازوري في كتابه ” يقظة الأمة ” والمنشور باللغة الفرنسية عام 1905 م وقد لاقى أهله كثيراً من ويلات رموز الحكم .
وكانت قراءات المستشرقين لتاريخ الأمة العربية من ناحية اللهجة؛ حيث أرادوا ضياع معالم اللغة العربية الفصحى لتفتيتها إلى لهجات ودراسة تلك اللهجات كل على حدة، وطالما أن اللهجات ستدرس على حده, فإن العروبة ستنقسم إلى قوميات مختلفة, كل منها تستند إلى لهجة، وبالتالي ينهار العمود الفقري للأمة العربية، وقد تيقظ لهذا الأمر سلامة موسى في كتابه ” البلاغة العصرية ” وأيده في ذلك إبراهيم اليازجي في الأبيات السابقة .

احمد فتحي رزق

المشرف العام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى