اخبار عربية وعالميةاسليدرمقالات واراء

كوريا الشمالية ( السورية ) !!

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم الكاتب : محمد فخري جلبي

نشرت منظمة ” rain ” الأميركية الموثوقة هذا الشهر ، أنه في كل 98 ثانية يتعرض شخص أميركي لاعتداء جنسي ، وبالمتوسط يتعرض 321500 شخص للاعتداء الجنسي أو الاغتصاب سنويا في الولايات المتحدة الأميركية !!

وتتراوح أعمار الضحايا بحسب المنظمة بالنحو التالي ، 15% منهم بين سن 12 و17 عاما، 54% بين 18 و34 ، وهناك امرأة بين كل ست نساء بالولايات المتحدة تعرضت في حياتها لحادثة اغتصاب أو محاولة اغتصاب ، والنساء بين 16 و19 عاما أكثرُ عرضة للاغتصاب من غيرهن بأكثر من أربع مرّات، والنساء في المرحلة الجامعية أكثر عرضة له ثلاث مرات من البقية .

والأميركيون الأصليون من الهنود الحمر هم أكثر عرق تعرض للاغتصاب فوق سن 12 عاما ، بمعنى أن الفئة المسحوقة والمضطهدة في التاريخ الأميركي لا تزال اليوم محرومة من خلق فرص حماية اجتماعية لها، وهي الأكثر عرضة لهذا العنف .

مما لاشك به يعتبر الخبر من العيار الثقيل والصادم معا ، ليحطم بدوره الصورة النمطية ( الزجاجية ) لبلاد العم سام والممهورة بختم وزارة الخارجية الأمريكية وأستديوهات هوليود السينمائية ، حيث يخيل لبعض الجاهلين بأن العيش في الولايات المتحدة حلم لا يوازيه وصف ولا يجاريه مبتغى .

وعبر نافذة الأضطهاد السادي المتزايد تجاه الشرائح الضعيغة من الجنس البشري ، يقطن عشرات الآلاف من المدنيين في منطقة الغوطة السورية تحت حصار فرضته عليهم القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد ، وهناك نحو 3.5 ملايين شخص في سوريا يعيشون في مناطق محاصرة أو يصعب الوصول إليها ، وأغلبية هؤلاء يعيشون في أماكن مطوقة عسكرية بواسطة نظام الأسد .

كما رصدت الوكالات الدولية في تلك المناطق بعض حالات الرضع والأطفال الذين أصبحت أجسادهم أشبه بهياكل عظمية ووجوههم شاحبة ، كالرضيعة سحر ضفدع التي توفيت في حمورية يوم الأحد بعد ساعات من وفاة طفل آخر أمس السبت في بلدة مديرا .

والجدير بالذكر هنا ، بأن الغوطة الشرقية هي إحدى أربع مناطق يشملها اتفاق خفض التصعيد في سوريا الذي جرى التوصل إليه في محادثات أستانا !!

ولكن ماهو وجه الشبه بين الخبران الأمريكي والسوري المتباعدين جغرافيا المتلاصقين أنسانيا ، وهل هذا الخلط متعمد ؟؟

سيدي الكائن البشري ( كما تزعم ) ، عندما يغتصب الأطفال والنساء في بلاد ترفع شعار الديمقراطية والعدالة لدولنا وهي غير قادرة على توفيرها لشعوبها المسحوقة فكريا وأخلاقيا ، ويفقد البشر حيواتهم بسبب الجوع الناجم عن حصار نظام وحشي غاشم ، وتظل أنت تخشى حكومتك التي تقدس واشنطن وتغلق جهاز التلفاز الذي يعرض صور الأطفال الشهداء من شدة الجوع ، وتتبجح بأنسانيتك المفرطة ؟؟

فأنصحك بزيارة أقرب طبيب نفسي ليتم تشخيص مرضك بأسرع وقت ممكن !!

وبالعودة إلى العنوان والذي يعتقد البعض بأن به شيئا من اللغط ، فالمتشددين للأسد يرفضون المقارنة بين كوريا الشمالية وبلادهم على أعتبار بأن المواطن هناك لايملك حق تقرير المصير ويتذوق مرارة الظلم ويسحق تحت عجلات الحزب الواحد ويذاب في بوتقة شهوات الرجل الواحد ، في حين ترتفع مؤشرات المواطن السوري بأتجاه أعلى المستوبات العالمية ؟؟

وبحسب الخطة الخمسية القادمة سوف ننافس على المراكز الأولى في سلم الرفاهية والديمقراطية والمساواة .

بل الأنكى من ذلك ، تشعر القيادة السورية المكلفة ( مؤقتا ) من قبل موسكو بحكم سوريا الغير المفيدة ، بأنها أستعجلت بمنح المواطن السوري كافة حقوقه المنصوص عليها دوليا !!

ولأجل ذلك قررت دمشق بأعادة ماتبقى من الشعب السوري الناجي من مربع الموت إلى مربع الأنصياع القسري كي لا يعاني من عقدة الرفاهية الأوروبية .

فقد أعلن حزب البعث الحاكم مناقشة إعادة التربية العسكرية للمدارس ، تزامنا مع الاحتفالات بذكرى تأسيس منظمة شبيبة الثورة التابعة للحزب !!

وهنا يتوارد إلى ذهني مقولة ، البحر من أمامكم والعدو من وراكم ، فأين المفر ؟؟ طارق بن زياد .

واليوم يمكن لسكان العالم القول هناك جحيمان في العالم أحدهما يدعى كوريا الشمالية والأخر مازال يسمى سورية ( على أعتبار المالك الروسي الجديد لم يفصح بعد عن نيته بتغيير الأسم أم لا ) ، فأين المفر بالنسبة لسكان تلك الدولتين ؟؟

ولمن لا يعرف سوريا سابقا فقد كنا نخوض حربا طاحنة مع النظام (كضحايا وليس كأنداد ) ، حربا قوامها جميع موظفي الدولة المنتمين لحزب البعث بالضرورة والكارهين لعموم أطياف الشعب الغير منتمين للحزب الملعون !!

ولست هنا أنسج بعض خيالات عبثية لاأساس لها من الصحة فهناك ألاف الراويات بل عشرات الالاف تقص أقاصيص الرعب والذل الذي عايشه جيل السبعينات وبداية الثمانينات وماقبلهما .

فالمدارس كانت عبارة عن ثكنات عسكرية ترفع شعار الولاء للأب القائد والخلف ( المقبور والحالي ) ، والأماكن الحكومية تعتبر أفرع أمن مصغرة يتم نقل تحركات موظفيها وروادها بأدق التفاصيل إلى الفرع الأكبر ، أما الجوامع والكنائس فقد كانت تحذر مصليها بضرورة خفض الأصوات وتهذيبها حفاظا على هدوء أعصاب رجالات فروع الأمن المكلفين بتسجيل أحداث رفع الصلوات إلى السماء وأحصاءها .

وبالحديث عن الملاعب ودور السينما والحدائق والأزقة وكل شبر من الأرض السورية فقد كانت تحت مرمى البندقية الأمنية ذات الصلاحية المطلقة بالتصويب نحو أي هدف متحرك .

النفاق الأمريكي : وعلى مايبدو وضمن ذات السياق ، فأن الولايات المتحدة لا تعتبر في صدارة الدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا الفضائية وتصنيع السلاح وأرهاب الشعوب .. وفقط ، بل لقد حازت واشنطن على لقب النفاق الأعظم عبر التاربخ القريب والمستقبل البعيد وبلا منافس !!

حيث صرح متحدث بأسم البيت الأبيض إن السياسة الأميركية تجاه الأسد “ما زالت كما هي”، وصرح مسؤولون أميركيون مؤخرا بأن الرئيس السوري ليس له مستقبل في حكم البلاد، وأشارت سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة “نكي هيلي” الشهر الماضي إلى أنه “لا يمكن استقرار سوريا مع استمرار الأسد في السلطة” !!!

ومن ناحية أخرى ، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب السبت إن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية بمدينة الرقة “تقدم حاسم” في الحملة العالمية على التنظيم، مضيفا أن نهاية التنظيم “وشيكة”، ليؤكد التنظيم الأرهابي تصريحات الرئيس الأمريكي من خلال أرتكابه مجزرة دموية راح ضحيتها أكثر من مئة شخص في بلدة القريتين في ريف مدينة حمص !!

أمريكا تزرع الموت وروسيا تغرس الأزهار ؟؟

ومع سقوط عاصمة الخلافة ( الداعشية ) في محافظة الرقة السورية أتضح للجميع مدى فداحة قصف قوات التحالف بقيادة واشنطن للمدينة ، مما دفع روسيا يوم الأحد الفائت لتوجيه الأتهامات والشتائم الدبلوماسية لقوات تحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا والتي قامت وبحسب الرؤية الروسية بمسح مدينة الرقة “من على وجه الأرض”، وذلك من خلال عمليات قصف شامل على غرار ما فعلته الولايات المتحدة وبريطانيا في مدينة درسدن الألمانية عام 1945 !!

في حين ، تقوم الطائرات الروسية بزيارة المدن السورية من أجل توزيع الحلوى والهدايا على الشعب السوري ؟؟

وتزامنا مع الحلوى الروسية ، فقد أشهرت روسيا وقبل بضع دقائق بطاقة الفيتو في مجلس الأمن ضد تمديد مهمة التحقيق في أستخدام الأسلحة الكيمائية في سوريا !!

من المستغرب والمثير للأشمئزاز ، هو ردة فعل الشعوب العربية (القطبية ) تجاه مئات الصور المرعبة للأطفال السوريين الفاقدين حياتهم جوعا وبردا جراء الحصار الأسدي والقصف الأمريكي والروسي على التوالي ، حيث يمكن تشبيه ردة فعلهم الغير أنسانية كردة فعل المجتمع الدولي تجاه المجازر الدموية بحق أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار ، فمن شاهد الجريمة ولم يحتج ويعترض كمن شارك بها ؟؟

وهنا لايمكننا أحصاء أعداد الأشخاص العرب الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء !!

وبينما تنفرد الصحف العالمية الأن بالحديث عن المعاناة الأنسانية لسكان الغوطة السورية ، تغرد الصحف العربية خارج السرب لتشغل عقل القارىء العربي بتفاصيل أقل أهمية من شأنها تمييع ردة فعله على المدى الطويل ، كالنزاع الخليجي بين قطر والرياض ، وسرد الأحداث الكتالونية لمدينة برشلونة الطامحة بالأستقلال عن مدريد ، والغوص في الأحداث الكروية والفنية والجنسية ، متجاهلين عن عمد ذكر الأخبار المرعبة الواردة من مختلف الدول العربية النازفة !!

حيث ذكر تقرير لصحيفة غارديان اليوم ، أن المعاناة المستمرة للمدنيين المحاصرين في سوريا تكشفت من جديد في أبشع صورها ، بعد ظهور صور جديدة لرضيعة مصابة بسوء تغذية حاد ماتت على أثره من الجوع في إحدى ضواحي دمشق التي تسيطر عليها المعارضة .

ولا يسعنا القول في نهاية المقال ، سوى حسبنا الله ونعم الوكيل بتلك الحكومات العربية التي قررت القفز بنا في الهاوية تزامنا مع كرنفالات التصفيق والأمتنان من قبل الشعوب العربية للمجهودات العظيمة المقدمة من قبل تلك الحكومات ؟؟؟؟؟

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى