أخبار عاجلة

الدكتور عبد الصبور فاضل عميد إعلام الأزهر يكتب تفريغ الأزهر من مضمونة . خطر على الإنسانية

احجز مساحتك الاعلانية


زادت في الآونة الأخيرة وتيرة الإرهاب الغاشم علي المستوي المحلي والإقليمي والدولي بدءاً من الأحداث المؤلمة لكنيستي طنطا والإسكندرية والمرتكز الأمني بدير سانت كاترين وما يجري في رفح والعريش مفزع وأليم وما يحدث في بعض دول المنطقة ليس بغريب علينا مروراً بالأحداث المؤسفة في روسيا وأمريكا وفرنسا الذي تبين أن منفذ الحادث الفرنسي الأصل كريم شرفي 39 عاماً من مواليد منطقة سين سان دوني بالضاحية الباريسية مصنف كشخص بالغ الخطورة من قبل إدارة مكافحة الإرهاب هناك منذ مطلع العام لكن اللافت للنظر والمحزن حقاً أن هناك فرقاً شاسعاً بين معالجة هذه الأحداث عندنا وعندهم. فالإعلام ومؤسسات الدولة والشعب هناك جميعاً يقفون في خندق واحد للإمساك بالجاني والتعرف علي هويته وبيئته وفكره وأصوله بالتقصي الدقيق دون اللجوء للاتهامات والتجريح لأي طرف من الأطراف.
فعلي سبيل المثال لم تخرج علينا أية وسيلة إعلامية في البلاد الأجنبية التي وقعت فيها مثل هذه الأحداث باتهام للكنيسة أو المعبد بأنه السبب في كل ما تتعرض له أمريكا أو روسيا أو فرنسا وأنه يجب تقليصها أو التخلص منها أو من رموزها أو القضاء علي مدارسها أو معاهدها الدينية. وذلك علي العكس مما يحدث في مصر إذ بمجرد وقوع حادث إرهابي تكال الاتهامات للأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء بل وتنظم الحملات التي تدق طبول الهجوم غير المبرر علي هذه المؤسسة العريقة في الوقت الذي لا تحظي فيه هذه الجرائم إلا بتغطيات إعلامية لحظية وغالبيتها سطحية تعتمد علي نقل الحدث وصور الضحايا فقط مما يزيد من حالة الاحتقان والصدمات المؤسفة للرأي العالم بل وتطرب الإرهابيين فرحاً بإنجازاتهم الشنيعة.
وهؤلاء الانتحاريون لا علاقة لهم بالأزهر الشريف لا من قريب ولا من بعيد بل منذ ظهور مثل هذه الجماعات لم ينضم إليها أحد من الأزهر كالجماعات الإسلامية وجماعة التكفير والهجرة مروراً بالتنظيمات والجماعات المعاصرة باستثناء بعض الأفراد الذين يعدون علي أصابع اليد الواحدة وهم غالباً من المفصولين من الأزهر أساساً. وليس معني ذلك أن الأزهر فوق النقد فهناك جوانب تحتاج إلي جهود ومن هنا نقول يجب أن يتعاون الجميع بالرأي والمشورة والحوار لتصويب أي خطأ ونعم للنقد البناء ولا للتجريح الهدام.
فقد كان للأزهر الدور الأكبر في تصحيح مفاهيم كثير لدي أعضاء هذه الجماعات من خلال القوافل التي جابت سجون مصر في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي حيث استطاع علماؤه تصويب أفكار كثير من الشباب المضلل وخرجوا من السجون يشيدون بفضل هؤلاء العلماء في تصحيح أفكارهم ومنهم من هم مازالوا علي قيد الحياة.
ليس من مصلحة مصر ولا مصلحة العالم الإسلامي بل العالم كله الهجوم علي الأزهر لأن تفريغه من مضمونه وإقصاءه عن دوره خطر كبير علي الإنسانية كلها. ولا أعرف سبباً لإلقاء المسئولية علي الأزهر وحده اللهم إلا الإفلاس في المعالجة. ومواقف شخصية لا تصب في المصلحة العامة. والمنطق والحكمة تتطلب منا الوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذا الخطر الداهم الذي يهدد الجميع بدلاً من ترك الخطر الحقيقي والتفرغ لمهاجمة الأزهر وحده في الوقت الذي تكاد تختفي فيه التغطية الاستقصائية للأحداث الإرهابية وتفكيك فكرها ومصطلحاتها التي أصبحت خطراً داهماً ووجدت طريقها لوسائل الإعلام نفسها بل إن قيادات هذه التنظيمات أصبحوا بفضل بعض وسائل الإعلام أبطالاً وإلا فما معني أن نصفهم بزعيم تنظيم كذا وأمير جماعة كذا؟ ما معني أن تردد أجهزة إعلامنا في مصر والعالم العربي عبارة “تنظيم الدولة الإسلامية” في الوقت الذي يستنكر فيه بعض الإعلاميين الأجانب مثل هذه المصطلحات حيث ينقل الصحفي الفرنسي “آرمين آريف” في مقال له بعنوان “داعش الدولة الإسلامية. بداية حرب الألقاب”. نشرته المجلة الفرنسية “لوبوان” “Le point”. في أكتوبر 2014م عن مديرة الأخبار في “وكالة فرانس بريس” “ميشيل ليريدون”. قولها: “نحن لا نستعمل مصطلح “الدولة الإسلامية” ببساطة. لأنه لا حدود لهذه الدولة ولا كيان لها. ولأن الإسلام ليس هو هذه الجماعة. مشيراً بقوله: ونحن في صحيفتي هذه التي أكتب فيها “لوبوان”. مازلنا نستخدم مصطلح “تنظيم الدولة الإسلامية”. رغم أنه لا يجوز تسمية دولة بالتنظيم. هذا إن وجدت دولة أصلاً لذا فالواجب أن نتحلي بشيء من المسئولية. فنحن من نصنع المصطلحات وليست المصطلحات هي التي تتحكم فينا.

احمد فتحي رزق

المشرف العام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى