بقلم / سعيد الشربينى
بعد أن اصدرت المحكمة حكمها ببرآة الرئيس / محمد حسنى مبارك . من تهمة قتل المتظاهرين ايبان ثورة يناير والتى اسدلت الستار نهائيآ على هذه القضية . قد جعل الكثيرين منا يتسائل : فمن القاتل اذن ؟ ومن هو اللهو الخفى ؟ أو الطرف الثالث ؟
السؤال المنطقي الأول: ترى أين تختفي الأنظمة بعد الثورات ؟ هل يختفي النظام ويتبخر في الهواء ويتطاير كرذاذ لا يعود مطرا أسود فيما بعد؟ وهل النظام على عكس المادة التي لا تفنى ولا تخلق من عدم، فيفنى النظام القديم تماما ويخلق النظام الجديد من العدم؟ أم أن قوانين المادة تنطبق على الأنظمة أيضا، وبهذا يمكننا القول بأن النظام لا يفنى ولا يخلق من عدم؟ لنفكر ولو قليلا في هذا الأمر ولا نستعجل السؤال الثاني، فقبل أن نبدأ السؤال الثاني لا بد لكل منا أن يقلّب موضوع المادة والنظام في رأسه، ليتيقن مما إذا كان النظام يفنى ويخلق من عدم أم أن هذه المقولة غير صحيحة؟
السؤال الثاني: إن كان النظام يفنى، فماذا عن مكونات النظام؟ فمثلا هل بالفعل اختفى جهاز جرار من أمن الدولة مثلا كان يعمل به أكثر من ربع مليون ضابط وموظف؟ مهمتهم الأساسية متابعة خلق الله، والحصول على معلومات تساعد على إخماد روح التمرد بداخلهم، فبالصور التي كان يملكها جهاز أمن الدولة وبالتسجيلات الصوتية والمصورة، كان الجهاز قادرا على الابتزاز وأحيانا تجنيد النشطاء السياسيين والنشطاء في أي مجال آخر مثل الصحافة والاعلام وكافة مؤسسات الدولة أو حتى الأنشطة الأخرى، وتحويلهم أداة طيعة لينة لديه؟ فهل معقول أن ربع مليون فرد لديهم كل أدوات الابتزاز هذه اختفوا إلى غير رجعة؟ أين ذهبت التسجيلات للفضائح بأنواعها من المالية إلى الجنسية مرورا بما بينهما، أين اختفى كل هذا؟ ومعقول أن هؤلاء الناس الذين يملكون كل هذا رفعوا الراية البيضاء واستسلموا للثورة، لـ«شوية عيال» كما كانوا يطلقون عليهم أيام الثورة؟
ولو حدث ذلك بالفعل لكنا رأينا ثورة العملاء، ممن ينتفضون لشرفهم بعد أن هزم سجانهم أو من كان يستخدمهم ويبتزهم بالأشرطة وبالتسجيلات، لو أن هذا الجهاز قد اختفى بالفعل، لملأ العملاء ميدان التحرير والميادين الأخرى ابتهاجا واحتفالا، ولكن حتى الآن ترى العملاء مكسوري الخاطر، موجودين في كل وسائل الإعلام يمارسون نفس المهام، وما دامت هذه الاجهزة قد عجزت فى الوصول الى اللهو الخفى أو الطرف الثالث الذى قتل المتظاهرين . وأخرج مبارك بريئآ من هذه التهم فمن هو اللهو الخفى اذن ؟
واذا سلمنا ببرآة الرئيس / مبارك . من منطلق احترامنا لأحكام القضاء . فهل يعقل ان تذهب دماء الابرياء سدى . دون ان يتم المكاشفة عن القاتل الحقيقى ؟ ولماذا نجحت الاجهزة الامنية فى تقديم المستندات والادلة التى تثبت برآة ( مبارك ) ولم تقدم الادلة التى تدين القا تل وتكشفه للرأى العام ؟ هل توقفت كل اجهزة الدولة وشلت حركاتها فى البحث عن الطرف الثالث أو اللهو الخفى . وتجندت كلها من أجل البحث والتنقيب والتفنين لتبرآة ( مبارك ) ونظامه ؟
هل ثورة يناير كانت حقآ مسلسل لتمثيلية كانت معدة سلفآ بعد أن تم عرض السيناريو على الاطراف المستفيدة والمشاركة فى هذه التمثلية الهزلية لعرضها على الشعب الذى لاحول له ولا قوة ليشاهد ويتفاعل مع الاحداث . ويقدم شبابه ورجاله ونسائه واطفاله قاربين من اجل اتقان السيناريو واقناع الرآى العام العالمى من حولنا وانجاح المسلسل ؟
لسنا ضد برآة ( مبارك ) بل نحن سعدنا بذلك ونقدم له التهانى. ولكن نتسائل : اين الطرف الثالث قاتل المتظاهرين من خيرة شباب مصر ورجالها ؟ ولماذا توقفت اجهزة الدولة فى البحث عنه ؟
( حمى الله مصر وشعبها وزعيمها من كل سوء )