الأدب و الأدباء

شهداء في حلل الحرير

احجز مساحتك الاعلانية

نادين خالد
كانوا شبابا يافعين
قدموا من الدلتا ،
ومن عمق الصعيد ،
ومن ضروب العاصمة
بسواعد سمراء لوحها لهيب الشمس
وامتلأت بأشواك اليقين
كانوا جميعا جائعين
يتوقعون الخبز في أفران أوروبا
وقد يتطلعون
لصبي شقراء تختصر المصاعب والسنين
كانوا شبابا حالمين
يتلمسون الفجر يخرج من شقوق الليل
والأزهار تنبت في عرى الصبار
كانوا صامتين
في صدر كل منهمو أمل حزين
وأثارة من ذكريات لم يفارقها الحنين
وتجمعوا في ركن مقهى
لم يكن فيه سوى ضوء هزيل
قسماتهم تحكي عطاش الأرض
في صيف الشراقي
والعيون
لم تكتحل بالنوم آلاف السنين
وتحجرت فيها دموع الكادحين
**
وأتى المقاول
أفرغوا في جيبه ما يملكون
وكأنهم ثمنا لحب الموت كانوا يدفعون
وعلى رمال الشط ساروا مرهقين
وتقاطروا متسللين
حسبوا الخلاص بأن يجوبوا البحر
بعد البر غير مجهزين
في قارب شاخت قوادمه
وضج به الأنين
كان الظلام يلفهم
والموج يرفض ضربة المجداف في غضب عنيد
والملح يصعد للخياشم والجفون
والبحر ..
ليس البحر تلك اللوحة الزرقاء
تملأ حائط الأفق الجميل
بل غضبة المجهول
تعتصر الضحايا في ذهول
حتى الشراع تمزقت أحباله
وسرت من الألواح رائحة الجدود
غرق الذين استسلموا
وطفا الذين تماسكوا
واحتار في تعدادهم حرس الحدود
**
في نشرة الأخبار قالوا :
إنهم بعض الشباب الضائعين
الخارجين على قوانين البلاد،
وقد تملكهم جنون
وتحدث الفقهاء عن سوء المصير
لكل منتحر
وقال البعض :
بل شهداء في حلل الحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى