بقلم: ابراهيم الشاهد
من المؤكد ان كثيرا من المتابعين بدأوا يستشعرون نهاية تنظيم داعش الارهابي في العراق والذي أخذ بالترنح تحت وطأة الضربات المتتالية للقوات العراقية وفقدان قدرته على المبادأة بالهجوم منذ احتلال الرمادي في ايار (مايو) 2015 .
و أتت معركة تحرير الفلوجة قبل ايام ودخول القوات العراقية اليها لتؤكد تلك الحقيقة خاصة مع التوقعات التي كانت تتلخص في طول امد المعركة والخسائر المترتبة عليها وهو ما نقضته العمليات على الارض حيث استطاعت القوات العراقية دخول المدينة خلال 3 اسابيع فقط .
و لإن كان مهماً البحث في الكيفية التي سارت بها المعركة وإشباع ذلك من زوايا متعددة الا ان الاهم معرفة لماذا حصل ذلك وما هي الطريقة المثلى لتجنبه مستقبلاً ؟؟ .
لقد احتل الارهاب (تنظيم القاعدة) بزعامة الزرقاوي مدينة الفلوجة كمرحلة اولى تحت ستار مقاتلة الاحتلال الامريكي حينها وسرعان ما تحولت المدينة المعروفة ببيئتها المتزمتة دينياً الى حاضنة مهمة للارهاب ، ولم يحل التدخل العسكري الامريكي على مرحلتين عام 2004 دون معالجة الامر ، ما ادى الى تفاقم ازمتها خصوصا مع قربها الجغرافي من بغداد .
وبعد احداث عام 2007 -2008 ودخول كثير من عشائرها ووجهائها الى العملية السياسية تولد صراع من نوع آخر هو الصراع على المغانم والمكاسب ومحاولة تحقيق القدر الاكبر منها بأي طريقة و بأي وسيلة ممكنة ، لتستمر الفلوجة كبؤرة توتر واستنزاف لحين تفجّر ازمة ساحات الاعتصام عام 2012-2013 حيث انبرى عدد كبير من وجهائها الى تصدر منصات تلك الساحات بكل ما حملته من بصمات تؤكد البعد (الداعشي) لتلك الساحات شكلاً ومضموناً في الاطار العام مع ما ساهم في ذلك من معالجات حكومية تفتقر الى التخطيط السليم من جانب سياسي وعسكري ولم تزد العمليات العسكرية حينها اواخر 2013 وبداية 2014 قبل الانتخابات البرلمانية الامور الا تعقيداً لينتهي المطاف بالمدينة محتلة من قل داعش مع مطلع 2014 حتى قبل وقوع كارثة الموصل بكل ما عناه ذلك من خطر حقيقي على امن واستقرار العراق .
لقد حول الارهاب الفلوجة الى ورشة كبيرة وقاعدة متقدمة لتفخيخ السيارات واستخدامها في العمليات الارهابية مستغلا العنصر البعثي المنظم الى جانبه بكل ما يحمله من خبرات عسكرية اثناء العمل في المؤسسات الامنية والعسكرية السابقة .
وسط كل ذلك ومع تسلط الارهاب على المدينة برز اختفاء او انتقال كثير من وجهائها الذين كانوا يتصدرون التحدث باسم اهالي الفلوجة او انتقالهم الى اربيل او الى خارج العراق ليواصلوا ترديد ذات الخطاب المستهلك الذي لم يكن موجهاً الى الارهاب الذي احتل مدينتهم وسبى اهلها وجند اطفالها وسلب مقدراتها ، بل راحوا يوجهونه الى الجيش العراقي واجهزته الامنية والساندة له ومن منطلق طائفي بغيض اعتادوا على الاعتياش منه طوال الفترة الماضية تعاونهم في ذلك قنوات عربية فتحت لهم فضائها ليبثوا فيه سمومهم وسط غياب تام لأي فعل حقيقي من جانبهم لاغاثة مدينتهم وتخليصها من براثن الارهاب .
اليوم وبعد تحرير الفلوجة تبرز جملة حقائق لا بد من وضعها في الاعتبار منها انه ولضخامة التضحيات التي قدمت لاستعادة الاراضي المحتلة ومنها الفلوجة ينبغي التدبر جيدا قبل السماح لكثير من تلك الشخصيات للعودة الى المدينة وممارسة نشاطها منها بمعنى انه يجب عدم اعادة الامور الى ما كانت عليه وكأن شيئاً لم يكن وهذه مسؤولية مزدوجة من جانب الحكومة وابناء الفلوجة والمناطق المحررة الاخرى ، لا بد لهم ان يعلموا ويستوعبوا ان لا حل الا بالعيش تحت خيمة العراق بعيداً عن الانشغال بافتعال صراعات ثانوية مع اشقائهم من ابناء الوطن الذين بذلوا من الدماء ما لا يمكن احصائه في سبيل تحرير الارض وطرد الارهاب.
على ابناء المناطق المحررة الان ان يكونوا قد استوعبوا الدرس وعرفوا من معهم ومن ضدهم ؟ من الذي باعهم وعرّضهم الى محنتهم تلك كي يحقق مكاسبه او ليشبع غروره وحقده الطائفي ضد ابناء وطنه ؟؟.