مقالات واراء

رئيس تحرير جريدة الأمة العربية يؤكد على تعريب العلوم في الأقطار العربية

احجز مساحتك الاعلانية

13269285_612653098889850_7503426213908856998_n

بقلم : خالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي

مما لا شك فيه أن أغلبُ الأقطار العربية خضعت للاستعمار، لكنها – وعلى الرغم من استقلالها منذ ما يُقارب القرن من الزمن – ما زالت خاضعةً له، فمِن المُلاحظ أن الوطن العربي ما زال يعتمد التعليم باللغات الأجنبية في جامعاته ومعاهدِه التعليميَّة، على عكس الدول المتحضرة التي عانت أيضًا من سيطرة الاستعمار، شأنها شأن الدول العربيَّة، لكنها ما كادت تستقلُّ وتُهيمِن على أوضاعِها وشؤونِها حتى جعلت التعليم في جميع مراحله بلغتِها القومية، واعتبرت هذا الأمر عنوانًا من عناوين الاستقلال، أما الأمم العربية فما زالت تدعو إلى تعريب التعليم رغم أنها تمتلك لغة تُعتبر من أسمى وأقدر اللغات السامية.

لذلك أصبحت عمليَّة تعريب التعليم ضرورة أساسية لا بد مِن تحقيقها في الجامعات والمعاهِد التعليمية العربية، كما هو الحال عند باقي الأمم التي تعلِّم شعوبها بلُغاتها في جميع مراحل التعليم مثل إيران والهند وإسرائيل، فبالنسبة لإيران فقد سعتْ إلى اتخاذ الفارسية وسيلة لتدريس العديد من الفروع العلمية؛ مثل علوم الطب والصيدلة والهندسة والزراعة وغيرها، أما الهند فقد سعتْ بعد استقلالها إلى استخدام اللغة الهندية وحدها، أو بالاشتراك مع اللغة الإنجليزية في تعليم العلوم التطبيقية بسلك التعليم العالي؛ حيث نجد كتبًا باللغة الهندية مخصصة لتدريس مختلف العلوم في الجامعات، أما بالنسبة لإسرائيل فنجدها قد حقَّقت نجاحًا سريعًا في استخدام اللغة العبرية لتدريس العلوم، نضيف إلى ذلك الصين واليابان اللتين جعَلتا التعليم باللغة القومية من الأمور اللازمة، على الرغم مما تتميز به لغاتهما من تعقيدات شديدة في تراكيبها.

إنَّ الاستعمار حاول طمس لغة وهُوية شعوب الأقطار العربية وترسيخ لغتِه وهويته، وهو ما ولَّد عند هاته الشعوب الإحساس بأنَّ لغتهم غير قادرة على التعبير عن مظاهِرِ ومُستجدَّات الحياة، فضعفت الثقة بلغتِهم؛ مما جعلهم يَنصرفون إلى اللغة الأجنبية، وللأسف هاته الظاهرة ما زالت مستمرَّةً ومترسِّخةً إلى الوقت الحالي، وكل أمة لا تتمسَّك بلغتها وأصولها سيكون مآلها ضعف شأنها والانحدار، لتُصبح هدفًا للغزْو الثقافي.

إنَّ تعريب التعليم أصبح أمرًا ضروريًّا في كل الأقطار العربية؛ ذلك أنَّ لغة كل أمة هي أهم عناصر قوتها وعزتها، وقوة اللغة تنشأ من ترجمة علوم وثقافات الحضارات إليها وتعليم أبنائها بها، وهو ما يولد في الأمة اعتزازًا بلغتِها.

من المُلاحظ أنَّ المجتمعات العربية – ومِن بينها المجتمع المغربي – ما زالتْ تُعاني مِن هذا المشكل، فما زال تعليم المواد العلمية بالجامعات والمعاهد العليا يُزاوَل باللغة الأجنبية، وهو ما يُسهم في ظهور عراقيل كثيرة في عملية تدريس الطلبة.

وقد ثبَت علميًّا أن الطلاب المتخرجين في الجامعات التي تدرِّس باللغة العربية كسوريا يتلقون الدروس بكل يُسر وسهولة؛ بحيث إنهم ينجحون في فهم ما يُلقى إليهم من تلك الدروس أحسن الفهم، ومِن ثم يُصبحون قادرين على تدريس هاته العلوم بلغتِهم، أما البلدان التي ما زالت تدرِّس العلوم والمعارف باللغة الأجنبية، والتي ما زالت مؤسَّساتها تعتمد على الكتب الأجنبية في التدريس، ما زال أبناؤها يُعانون من مشاكل في التلقين والفهم والترجمة.

ومن الملاحظ أيضًا أن الدول العربية التي سعت إلى تعريب التعليم لم تنجح في ذلك بشكل كلي، وذلك راجع إلى أنَّ معظم هاته الشعوب ما زالت تتواصل في حياتها اليومية باللغة الأجنبية التي فرَضها الاستعمار مِن أجل ضمان تبعية الأمة العربية له، وإضعاف إمكانية نبوغها علميًّا وتقنيًّا واقتصاديًّا، وبالتالي طمْس اللغة العربية وإلغاؤها، نضيف إلى ذلك ندرة الكتب العلمية والتقنية والهندسية والطبية المؤلَّفة باللغة العربية أو المُترجمة إليها من أجل اعتمادها في التعليم باللغة العربية، كل هاته العوامل أدَّت إلى نتائج سلبية، مِن أهمها معاناة الطالب في فهم الدروس واستيعابها، وضَعف مستوى التحصيل العلمي.

لقد كانت اللغة العربية في العصور الوسطى لغة العالَم المتحضِّر، التي نقل إليها من اللغات والثقافات الأجنبية كثير من الكتب العلمية، وفي هذا الصدد يجب أن نعود إلى ما لنا من تراث علميٍّ جليل عرفته العصور السابقة، خاصة العصر العباسي والأندلسي؛ حيث كانت اللغة العربية هي لغة العالم المتحضِّر، يتكلم بها العرب وغير العرب، وقد كانت تنقل إليها من اللغات والثقافات الأجنبية الكثير من الكتب العلمية (الطب، الفلسفة، الآداب، الفلك، الرياضيات، الفيزياء والعلوم التطبيقية…..)، كما عرفت هذه العصور بروز علماء كانوا يتلقون ويلقنون العلم على اختلاف فروعه باللغة العربية؛ أمثا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى