جمال عبد الناصر
وقعت أمس زهاء 165 دولة في مقر الأمم المتحدة على اتفاق باريس التاريخي للحد من التغير المناخي، ومن المتوقع أن يؤدي التوافق الدولي حول بنوده إلى سرعة تنفيذه نظرا للعدد الكبير من مؤيدي الاتفاق.
وبحسب “رويترز”، فإن كثيرا من الدول تحتاج إلى موافقة برلماناتها للتصديق الرسمي على الاتفاق ولن يوضع الاتفاق موضع التنفيذ إلا بعد موافقة 55 دولة على الأقل تمثل 55 في المائة من الدول المسؤولة عن انبعاثات الاحتباس الحراري الناشئة عن الأنشطة البشرية.
وقالت سيلوين هارت مديرة فريق التوقيع على الاتفاق “إن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة يريد استغلال الحدث لحشد زخم بشأن التنفيذ ودخول اتفاق باريس موضع التنفيذ في أسرع وقت”.
ويتوقع بعض المختصين أن الوصول إلى موافقة 55 في المائة من الدول يمكن بلوغه هذا العام، فيما ذكرت المنظمة الدولية أن 13 دولة – معظمها من الجزر الصغيرة من مجموعة الدول النامية – أعلنت مسوغات تصديقها.
وحضر حفل التوقيع نحو 60 من رؤساء الدول والحكومات وبينهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ونجم هوليود الناشط البيئي ليوناردو دي كابريو، وكان العدد القياسي السابق للموافقة على اتفاق في اليوم الأول لحفل التوقيع هو عندما وقعت 119 دولة في عام 1982 على المعاهدة الدولية لقوانين البحار.
وستوقع على الاتفاق الصين والولايات المتحدة – وهما أكبر دولتين من حيث المسؤولية عن حجم الانبعاثات الغازية في العالم – وتمثلان مجتمعتين 38 في المائة من الانبعاثات، فيما يشير محللون مستقلون إلى أن واحدة على الأقل من بين أكبر أربع دول في العالم من حيث حجم الانبعاثات ستوقع على الاتفاق، والدول الأربع هي الصين والولايات المتحدة وروسيا والهند.
وتسعى عدة دول نامية جاهدة إلى ضمان التوقيع على الاتفاق هذا العام، وتقول الأمم المتحدة “إنه حتى في حالة تنفيذ الاتفاق بالكامل فإن الخفض المأمول لانبعاثات الاحتباس الحراري سيكون غير كاف للحد من الاحترار عند الحد الأقصى المتفق عليه”.
وسجلت الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي – التي تضمنت موجات من الجفاف والحر وارتفاع منسوب مياه البحار – مستويات قياسية من درجات الحرارة، إذ كانت أعلى مستويات من نوعها منذ بدء تسجيل حرارة العالم في القرن التاسع عشر.
وخلال الشهر الماضي أدى ارتفاع درجات حرارة المسطحات المائية إلى إحداث تلف بالغ في الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا مع ذوبان القمم الجليدية في القطب الشمالي، وأوضح بتري تالاس الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أن كم التغير جاء مفاجئا حتى بالنسبة إلى العلماء المخضرمين في مجال المناخ.
وطالبت مجموعة من زعماء العالم والبنوك الدولية أمس مزيدا من الدول بأن تبدأ في مشاريع لتسعير الانبعاثات الكربونية، وكان جوستين ترودو رئيس الوزراء الكندي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من بين الزعماء الذين طالبوا باتخاذ إجراءات سريعة للتسعير إلى جانب البنك الدولي وصندوق النقد قبل حفل التوقيع.
وحددت نحو 40 دولة وأكثر من 23 مدينة وولاية ومنطقة سعرا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتغطي 12 في المائة من حجم الانبعاثات الدولية، ويهدف تسعير الكربون إلى دعم جهود كبح الانبعاثات الغازية في العالم وهناك نوعان رئيسيان لتسعير الكربون هما الاتجار في الانبعاثات وضرائب الكربون.
وتوجد عدة مسارات يمكن للبلدان اتباعها لتسعير الكربون تبدأ بجمع التكاليف الخارجية للانبعاثات – وهي تكاليف يدفعها الجمهور مثل تلف المحاصيل وتكاليف الرعاية الصحية جراء موجات الحرارة والجفاف أو تضرر الممتلكات من الفيضانات وارتفاع منسوب سطح البحر – وربطها بمصادرها من خلال تسعير الكربون.