مقالات واراء

الممارسة العامة كإتجاه حديث للخدمة الإجتماعية

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم / احمد وهبى حسين 

يقوم الأساس النظري للممارسة العامة فى الخدمة الإجتماعية generalist social work practice على فكرة أساسية مؤداها أن الكائن الإنساني يحاول بشكل مستمر أن يشبع احتياجاته، وينمي خبراته ومهاراته، ويحقق التوازن في التفاعل مع المجتمع بأنساقه المختلفة. هذا المفهوم قائم على حقيقة أساسية مؤداها أن الإنسان يعتبر جزءاً أساسياً من البيئة التي يعيش فيها فإنه في تفاعل مستمر معها تؤثر فيه ويتأثر بها. وحيث أن الإنسان لا يعيش بمفرده في هذا الكون فهو يتعامل مع الأفراد والجماعات الموجودة في المجتمع لوجود العلاقات الإنسانية التي تتسم بالتعقيد والتشعب والتداخل ، ومن هنا فإن عدم قدرة الإنسان على تحقيق وإشباع احتياجاته بشكل متكامل أو نتيجة الضغوط التي قد تنتج من نوع التفاعل مع البيئة أو نتيجة الصراعات التي قد تحدث نتيجة لتعقد العلاقات والمصالح أو نتيجة لعدم التوازن في مستويات القوة والتأثير، ومن هنا فإن هناك مشكلات تظهر وتؤثر في قدرات الأفراد والأسر والجماعات والمؤسسات والمجتمعات. وهناك افتراض آخر أساسي يتلخص في أنه نظراً لتعدد وتشابك العوامل المرتبطة بمشكلة ما فإنه لا يمكن لنظرية واحدة أو نموذج عملي واحد “Model” أن يقدم تفسيرات كاملة للسلوك الإنساني والبيئة الإجتماعية وطبيعة المشكلات والعوامل التي تؤثر فيها . لذلك فإن بعض الممارسين الملتزمين بنموذج واحد أو طريقة واحدة من طرق الممارسة التقليدية للتدخل المهني في الخدمة الاجتماعية يجدون صعوبة في الإلمام بكافة أبعاد المشكلة وبالتالي يصعب عليهم إحداث التغيير في المواقف الإشكالية التي يواجهها العملاء. والمنطق يشير إلى أنه يجب على الممارس أن يطلق لنفسه العنان لاختيار ما يراه مناسباً من أساليب ونماذج التدخل المهني الأكثر قدرة على التعامل مع مشكلات العملاء. إن المبدأ الذي تقوم عليه فكرة الممارسة العامة هو الاعتماد على المفهوم الانتقائي Electric perspective في التدخل المهني والذي يقوم على أساسه إتاحة الفرصة للأخصائي الاجتماعي ليختار ما يراه مناسباً للعميل بمستوياته المختلفة (فرد – جماعة – أسرة – مؤسسة – مجتمع ) من أساليب مهنية قائمة على المداخل والنظريات العلمية المختلفة المتوافرة لديه ، ذلك أن النماذج والنظريات التي تعتمد عليها الممارسة العامة تختلف فيما بينها في كثير من الجوانب مثل أهداف التدخل ، نوعية الأساليب ، طرق التقدير ، مدة التدخل . وهذه الاختلافات قد تفيد الأخصائي الاجتماعي كثيراً عند تعامله مع المشكلات المتنوعة للعملاء.

تعتبر الممارسة العامة من أهم وأحدث الإتجاهات المعاصرة للخدمة الإجتماعية والتي فرضت نفسها على الممارسة المهنية خلال الربع الأخير من القرن العشرين ، لأنها تمثل اتجاهاً تفاعلياً يبتعد عن النمط التقليدي للخدمة الاجتماعية الذي يقسمها إلى طرق أساسية مثل خدمة الفرد وخدمة الجماعة وتنظيم المجتمع.

وتعرف جوهنسون الممارسة العامة على أنها “إطار للعمل يتضمن تقدير كل من الأخصائي والعميل للموقف لتحديد النسق الذي يجب أن يوجه إليه الاهتمام وتركيز الجهود لتحقيق التغيير المطلوب فيه حيث ينصب تركيز الاهتمام على الفرد أو الأسرة أو الجماعة الصغيرة أو المنظمة والمجتمع المحلي.

كما يشير مفهوم الممارسة العامة أيضاً إلى قدرة الأخصائيين الاجتماعيين على العمل مع مختلف الأنساق مثل الأفراد والأسر والجماعات الصغيرة والمنظمات والمجتمعات مستخدمين إطاراً نظرياً فعالاً يتيح لهم الفرصة لاختيار ما يتناسب من أساليب واستراتيجيات للتدخل مع مشكلات ومستويات هذه الأنساق.

ويرى باركر Barker أن الأخصائي الاجتماعي كممارس عام هو الذي يكتسب معارف الممارسة ومهاراتها على نطاق واسع دون الارتباط بإطار نظري معين أو طريقة معينة، حيث يقوم بتقدير مشكلات العملاء وإيجاد الحلول المناسبة لها بصورة شمولية متكاملة تتناول جميع الأنساق التي تتضمنها هذه المشكلات. وفي ضوء ما سبق يمكن تحديد أهم خصائص الممارسة العامة في الآتي:

1- اتجاه تطبيقي يحدد خطوات التدخل المهني للأخصائي الاجتماعي ويمنحه الفرصة لاختيار ما يتناسب من أساليب علاجية مع مشكلات العملاء بغض النظر عن النظرية أو الاتجاه الذي تنتمي إليه هذه الأساليب.

2- يعتمد نموذج الممارسة العامة على مفاهيم العديد من النظريات منها النظرية العامة للأنساق General system theory والمنظور الأيكولوجي Ecological Perspective وخاصة فيما يتعلق بتفسير مشكلات العملاء في ضوء العلاقة التبادلية والتكاملية بين الأنساق وبعضها وبينها وبين البيئة التي تعيش فيها.

3- تعتبر الممارسة العامة إتجاهاً متكاملاً شاملاً يتضمن العمل مع الأفراد والجماعات والمنظمات والمجتمعات، حيث لا يركز على طريقة معينة للتدخل المهني بل يعتبر أسلوباً عاماً وشاملاً لوصف وتفسير المشكلات على أي مستوى حيث يرتكز التدخل المهني على أنساق مؤثرة تؤدي إلى سهولة اختيار الأخصائي الاجتماعي للأساليب المناسبة التي تتلاءم مع الموقف أو المشكلة التي يواجهها العميل في أي مجال من مجالات الخدمة الاجتماعية.

4- تؤكد الممارسة العامة على أهمية التعامل مع العميل والبيئة التي تعيش فيها من أجل تفهم التأثير المتبادل والتفاعل المستمر وكيفية تعديل هذه التفاعلات من أجل التغيير المطلوب.

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى