الكـاريكـاتير

السخرية والسياسة

احجز مساحتك الاعلانية

كتبت:أميمة أحمد رمضان

السخرية السياسية بشكل عام ليست بُمعْطَى جديد في العالم العربى، إذ أن نشر رسوم الكاريكاتير تقليد قديم في الصحافة، فقد أشتهرت الصحافة بالكاريكاتير الساخر الذي ناقش القضايا السياسية الصعبة منذ القدم ومازال هذا الكاريكاتير يلعب دورًا كبير في الصحافة المصرية و آخرها ما رأيناه بعد غرق الأسكندرية وما نشر من رسوم كاريكاتيرية ساخرة لعبت دورًا كبير في إقالة محافظ الإسكندرية وقتها وعملت على تعبئة الرأي العام؛ والتي يتم من خلالها نقد السياسيين والشخصيات العامة، لكن هذه الرسوم، وحتى الفقرات الفكاهية التي كانت تسخر من السياسيين لم تكن بهذه الجرأة والوضوح الذي نراه اليوم في البرامج التلفزيونية الساخرة بعد تفجُر ثورات “الربيع العربي” ومن صورها: السخرية من الخلفاء والأمراء، وهذا ما يفعله جون سيتورات في برنامجه ذا ديلي شو؛ فهو يقوم بتسليط الضوء علي أخطاء كل الشخصيات وبدون استثناء وبدون تردد. لذلك يمكن القول بأن السخرية تعتبر من أصعب الفنون والآداب إذ إنها تتطلب التلاعب بالألفاظ والآداء من أجل تضخيم الأحداث أو تصغيرها أو تطويلها، كما تتطلب من القائم علي تقديمها القدرة على إضحاك الجمهور طوال الوقت حتي تصبح نسبة المشاهدة عالية ولا يفقد المقدم جمهوره ، مثل برنامج عرض كبير الذي لم يستمر وقت طويل في العرض نظرًا لعدم إقبال الجمهور عليه؛ حيث لم يستطيع مقدم البرنامج جذب الجمهور لذا تُعْتبر البرامج السياسية الساخرة، أو ما يطلق عليها الإعلام الساخر من أصعب الفنون الإعلامية، والتي باتت تحتل مساحات زمنية كبيرة عبر شاشات الفضائيات، بل أصبح لها قنوات متخصصة عبر موقع يوتيوب Youtube.
ولا يُجِيدْ هذا الفن إلا القليل من الإعلاميين، لأنه بحاجة إلى مهارات خاصة كالتمثيل والإلقاء والمام كامل ومُتابعَة للأحداث لكل ما يجري على الساحة السياسية عمومًا، وغيرها من المهارات، ولذلك يختلف هذا الفن من بلد إلى آخر حسب المناخ الديمقراطي والمناخ السياسي الذي يحكم البلاد، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مختلف عن مصر وباقى الدول العربية وذلك لاختلاف الأوضاع السياسية والشكل الديمقراطي لكل بلد عن البلد الآخر.
كما نجد أن ازدهار البرامج الساخرة في الفضائيات، مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأجواء البث المُنفتِح على التنوع والاختلاف وحرية الإبداع، وأنه كلما ضاقت هذه المساحة تحول فن السخرية إلى سخرية سوداء، وفي الفترة الأخيرة حازت البرامج الساخرة اهتمام الشباب ومثلت لهم مصدرًا رئيسًا للحصول على المعلومات السياسية والأخبار نظرًا لما تتمتع به هذه البرامج من جاذبية
لَقَدْ بات اعتماد الشباب على البرامج الساخرة كمصدر للمعلومات السياسية والأخبار السياسية حقيقة لا تقبل الشك، حيث فَقدَ جمهور الشباب الاهتمام بوسائل الإعلام التقليدية وما تقدمه من برامج وأخبار.
وبذلك يمكن القول بأن البرامج الساخرة ذات تأثير قوي على فئة الشباب كما أنها مهمة بالنسبة لعملية التصويت والانتخابات، وتدل علي المشاركة السياسية أو عدم وجودها في المجتمع، وكل ذلك يعكس الديمقراطية، الحرية والعدالة الموجودة داخل المجتمع، هذه المبادئ من القيم الأولية في المجتمع سواء المصري أو الغربي، مما يؤكد على ارتباط البرامج الساخرة بالقيم التربوية سواء بطريقة إيجابية أو عن طريق عرض السلوكيات السلبية لأن القيم في حد ذاتها إيجابية، حيث أكدت بعض النماذج قدرة البرامج الساخرة على التأثير في فئات الجمهور وتدرج السلطة من أسفل إلى أعلى بمعنى أن الفرد البسيط يستطيع أن يشارك بوجهة نظره السياسية مما يجعله قادرًا على التأثير
في دور الحكومة من خلال هذا الرأي وهذا ما يوضحه الشكل الآتي ويمكن شرح هذا الشكل بأن فئة الشعب تشارك في اتخاذ القرار، وبذلك تستطيع هذه الفئة البسيطة التأثي علي القرارات التي تتخذها السلطة الحاكمة.
إذا ليس من الضروري أن تستخدم السخرية لإظهار فساد سياسي ما ولكن قد تستخدم لأغراض أخري مثل التهويل والتضخيم لإظهار العيوب لأغراض سياسية بعينها، فالسخرية قد توظف سياسيًا في التأثير علي الجماهير لبث معلومات بعينها لا تخاذ مواقف واتجاهات معينة نحو مرشح أو قضية أو فساد سياسي وتستخدم الإلحاح الإعلامي الساخر بكل صورة لإحداث هذا التأثير علي الجمهور وخاصة الشباب ؛ وبث معارف سياسية لأنها بديل جيد لدى الشباب.
كاريكاتير :جهاد جمال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى