الأدب و الأدباء

لا شئ حقيقي

احجز مساحتك الاعلانية

كتبت : نهي محمود
ضوضاء شديدة تصدرها أبواق السيارات فى محاولة يائسة للعبور بين حشود الناس، الجميع أتى من كل صوب في المدينة لرؤية ذلك المبنى الأثري المنهار، يقف أحد المسئولين يتفقده ويسأل الناس عن ما جرى..

“أتذكرأني رأيته منذ يومين كان فى حالة جيدة ربما انهار أمس”

“لا..لقد مررت من هنا أمس ولا أتذكر رؤية حطام فى الطريق، ربما حدث ذلك هذاالصباح”

“لا..أنا أسكن هنا وأنا مستيقظ من البارحة ولم أسمع صوت انهيار، ولكن كيف يحدث ذلك لم أرى يوما فيه أية شقوق”

“ربما كانت الشقوق تملؤه من الداخل لم نكن لنعلم فلا أحد يسكنه”

“لم يكن أحد يهتم به، بل كانوا يتمنون زواله، آخر حديث بيننا أخبرني عن أنه هناك من يتربص به، كنت أراه يبكي كثيرا، تلك الخطوط التى كانت على جدرانه ليست من أثرالمطر كما يظنون إنها أثر دموعه المنهمرة “

ابتسم المسئول لتلك الطفلة وقال: “لا بأس لقد ارتاح الآن، أتعلمين سنقيم مكانه مبنى تجاري ضخم سيحدث رواجا كبيرا فى منطقتكم”

ضوضاءشديدة تصدرها تلك المشادة الكلامية بين أحد سكان الشارع وعامل النظافة..

“ألست عامل نظافة هذا الحي، أزل تلك الشجرة الميتة من هنا حالا”

“ليست تلك من مهامي ثم إنها شجرة ضخمة كيف سأفعل ذلك، فلتخبروا الهيئة المسئولة عن التشجير ستقتلعها من هنا وتزرع مكانها ما هو مناسب”

“يا لها من شجرة مسكينة كنت أعتني بها دائما حتى جاء صباح رفضت فيه المياه التى أسقيها بها، ظلت راكدة على سطح تربتها لأيام وعندما حاولت الحفر لإدخال المياه وجدت جذورها مقطوعة، لا أصدق من يفعل ذلك بمثل هذا الكائن الذى يمنحنا الجمال والهواء النقي”

ربت أحدهم على كتف تلك الطفلة قائلا: “لا بأس هى لم تجلب لنا سوى الباعوض، أتعلمين لقد اشتريت سيارة سأجعلك تعتنين بها بدلا منها وسآخذك فى جولة أينما أردتي، ولكن يجب أولا التخلص من تلك الشجرة لاستطيع ركن سيارتي مكانها”

ضوضاءشديدة تصدرها تلك القطة، يتعجب الجميع منها لقد كانت دائمة هادئة..

“سمعت صباحا صوت قطط صغيرة وعندما خرجت لم أرى سواها وهي فى هذه الحالة، يبدو أنه هناك من تخلص من أولادها الصغار”

“لا ومن يفعل شيئا كهذا، أنا أعلم أن القطة قد تأكل أولادها، انظري بطنها منتفخة أو ربما لم تلد بعد”

“أنارأيتهم.. كانوا صغارا جدا عيونهم لم تفتح بعد، أمهم كانت نائمة وجاء شبح أسوداللون أبيض الشعر وأخذهم، أردت منعه ولكن خفت أن يؤذيني”

احتضنت تلك الطفلة جارتها العجوز وقالت: “لا بأس يا صغيرتي لقد فعلتي الصواب، على أية حال كانوا سيجعلون السلم متسخا وينقلون كثيرا من الأمراض، وعندما يكبرون سيتكاثروا ولن نستطيع التخلص منهم”

هدوء شديد يعم ذلك العزاء، ينتهي القارئ من التلاوة فيهمس البعض وهم فى طريقهم للانصراف.

“ما الذى دفع تلك المرأة لإلقاء نفسها من النافذة، لديها أسرة جميلة زوج محب وطفلة ذكية”

“لقد كانت أمرأة عاقلة، لا أصدق أنها تفعل ذلك، ربما سقطت دون قصد”

“أمي لم تلقي بنفسها فقط كان أبي يعلمها الطيران”

صاح والد تلك الطفلة بها قائلا: كاذبة.. ثم وجه كلامه لجموع الناس حولهم: إنها فتاة خيالها واسع ربما يجب عندما تكبر أن تنشئ وزارة جديدة تطلق عليها وزارة الخيال.

“أتعلم يا أبى نعم سأفعل ولكن سأطلق عليها وزارة الحقيقة”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى